أربع طائرات ووزير.. وتقشف !
لولا ستر الله وفضله لمات المصريون من العطش بسبب سد النهضة الإثيوبى والذي وقفت أمامه الدولة عاجزة بل راضية قانعة بعدم قدرتها على فعل أي شىء، لم نر وزير الخارجية يلقى بميكروفون في وجههم مثلما فعل من قبل مع مراسل قناة "الجزيرة"، أو حتى يصرح تصريحًا عنتريًا مطلوبًا في الأجواء الدبلوماسية العصيبة ولو للاستهلاك المحلى.. لم نشاهد بهوات النواب يطالبون بفرض عقوبات على إثيوبيا أو بهدلتها كما يمارسون دورهم بإتقان بالتوقيع رسميًا على بهدلة وتجويع المصريين، إلى أن جاء الفرج والمدد من الله نصرة للضعفاء والفقراء.. هطلت الأمطار بشدة على إثيوبيا والسودان وأحدثت فيضانًا كبيرًا أرسلته إلينا السماء.. الحمد والشكر لله طبعًا..
لكن هل ستنصرنا السماء في كل كارثة نصنعها بأيدينا ثم نقول لها.. (والنبى عديها كمان المرة دى واسترها يا رب)!.. الله جل وعلا أذاق المسلمين الجوع وبأس بعضهم بعضًا في مواقف كثيرة عندما ساد الظلم بينهم أو ظلموا حتى أنفسهم.. ولعلك تدرك معنى معركة أحد وهزيمة المسلمين والرسول صلى الله عليه وسلم، بينهم لأنهم ظلموا أنفسهم وطمعوا ولم يطيعوا الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام.
الظلم والسفه والتمييز لا يصنع دولة ولا يقيمها بل يقوضها ويهدمها ويحدث فتنًا لا تنتهى بين شعبها، فبالأمس القريب كان الحديث من السيد الرئيس عن الأوقات الصعبة التي سنمر بها مجددًا وتلميـحه الذي يصل لدرجة التصريح، بفرض مزيد من الأعباء المعيشية على شعب أغلبه يمارس الحياة من وراء حجاب الفقر والمرض والقهر والتمييز، وفى غمرة الرفض الشعبى هذا وضيق الناس بهموهم الحالية ورفضهم المزيد بدعوى التقشف والوقوف بجانب (مصر) وكأن مصر تلك شىء والشعب شىء آخر..
نجد مصر تشترى أربع طائرات فاخرة (حكومية) بمبلغ ضخم..لا تقل رئاسية، فالرئاسة نفت ذلك.. ماشى يا عمنا ويا كل أعمامنا وسادتنا الكبار.. طيب لمين سعادتك؟ يخرج علينا المذيع شبه الرسمى للنظام ليتحفنا بعبقريته الفذة أنها لمصر أيضًا وأن مصر (حتشغلها).. يمكن قصده بالنفر.. توك توك طائر مثلا.. يعنى مصر الغلبانة دى التي تقترض من كل الدنيا مع أنها أمها وأدها كمان يا عم ما تزعلش، تشترى طائرات بما يقرب من ثلاثة مليارت جنيه وحبة فكة، لتشغلها مثلا سعادتك بين أبو النمرس والعتبة! عبث يفسره عبث يتبعه سفه دائم ثم دعوات متجددة بالضغط على الشعب لتحمل المزيد من أجل عيون مصر أيضًا!
ثم لكى ننسى موضوع الطائرات لأنه بكل صراحة مستفز حتى للسادة مدمنى التبرير إجراء كل نظام والمتسفيدين من أي حكومة، يخرج علينا ابن آخر لدولة مصر الأخرى ويكشف موضوع إقامة السيد وزير التموين في جناح فاخر بفندق سبع نجوم على حساب.. من.. الله أعلم، لكنه بالطبع على حساب الشعب والدولة ومن جيوب المصريين، ولكننا نرى السيد الوزير الشاطر يؤكد لنا أنه بيصرف من جيبه والله على إقامته.. يا دين النبى.. يعنى سعادته مستغنى عن ثلاثة ملايين جنيه شهريًا لوكشة واحدة كده يا خال وكمان بيصرفهم علشان خاطر مصر برضه.. يا غالية عليهم أوى يا مصر !
عظيم جدًا.. ما هو دخل هذا الوزير أصلا.. كم يقبض رسميًا من الدولة، وكم ينفق على أسرته المقيمة بالإسكندرية بعيدا عن ملايينه القاهرية؟ من أين له كل هذا.. منين لا مؤاخذة؟ هل كل هذا من راتبه الحكومي.. أم هو وارث وبيبعزق فلوسه مثلا.. أم الرجل يستدين من أجل مصر! هذا ليس تدخلا في حياته الشخصية لأنه مسئول عام ويجب محاسبته ولكن...
يبقى هذا الوزير رمزًا لكثير من الجهاز الإدارى الأعلى للدوله والذي يطالب الشعب بالجوع بينما هو يرفل في نعيم الأموال الحرام والتي ينهبونها بكل بجاحة إلا أن يتم التضحية بأحدهم لتهدئة الرأي العام.. فهل نسينا مثلا السيد المحافظ الذي أعطى السيد والده سيارة بملايين ثم قام بابا بعمل حادثة بتلك السيارة ققامت (مصر) بتجديد السيارة بمبالغ ضخمة لكى تعيدها كما كانت.. ولم يتم محاكمته حتى الآن..
وهناك العشرات ممن يهدرون أموال الشعب التي لو كانت تنفق بحكمة وبحساب ما اضطرت حكومة شريف إسماعيل لتسويد حياة المصريين بقروض الخراب من صندوق النكد الدولى والبنك الدولى أجناح المؤامرة الكونية التي نسيها الآن طبالو وأفاقو الحكومة وكل حكومة منذ نصف قرن عشنا معه وهم المؤامرة، بينما المؤامرة حقا موجودة من بيننا وينفذها بعض كبرائنا.. وما وزير التموين إلا شىء صغير جدًا بالنسبة لمنصبه فزيارة واحدة فقط لأصغر محافظة في بر مصر تكشف لك عن ملايين مهدرة على شلة السيد المحافظ وأتباعه وأتباع أتباعه وهكذا في دواوين الوزارات حتى الفقيرة منها.. فقط انظر لكشوف المكافآت والسرقات القانونية التي يقررونها لأنفسهم.. لنا الله ولكن الله لا يحب الظلم ولن يستر مجتمعًا يسود فيه الظلم وحده.
fotuheng@gmail.com