رئيس التحرير
عصام كامل

عصام كامل يكتب.. مستعمرة «الشربتلي» في شرم الشيخ.. 17.5 مليون متر مربع ملك المستثمر السعودي في مشروعين فقط.. بعد ٩ سنوات ماذا قدم رجل الأعمال في مستعمرته بـ«مدينة السلام»؟

فيتو

يقول الفرنسيون: من يطارد عصفورين يفقدهما معا، ويقول الروس: ما أسهل أن تدفع من جيب غيرك، بينما يرى الحسن البصرى أن لكل أمة وثنا، وصنم هذه الأمة هو الدينار، في حين تقول الحكمة اللاتينية: إننا نخسر ممتلكاتنا بحق عندما نطمع في ممتلكات غيرنا.. المستثمر السعودى حسن الشربتلي لديه قدرات خاصة في مطاردة “عصافير كثيرة” دون أن يفقد أيا منها، وهو في بلد يعاني أزمة عنيفة في الدولار، فيخرج منها غانما بفرض عملة الدولار على مستأجرى محاله في سيتي ستارز، والدينار لديه ليس صنما ولا وثنا.. الدولار ولا شيء غير الدولار هو العملة التي يفرضها على دولة “صهينت” على إهانة عملتها لأن المستمثر سعودى!!

جرت مياه كثيرة في النهر منذ أن كتبنا في الأسبوع الماضى “الشربتلي وفن التكويش” حول مشروعه بأجمل بقاع الدنيا في سوماباي بالبحر الأحمر، وهو المشروع الذي بموجبه أصبح لدى الرجل أكثر من عشرة ملايين متر مربع وليست ستة ملايين كما قلنا منذ عام ٢٠٠٦ وليس ٢٠٠٩ كما ذكرت آنفا، وحتى تاريخه تمكن الرجل من بناء سور.. نعم ابتنى الشربتلي سورا حول الأرض، وذلك بعد كل هذه السنوات، ورغم أن المصادر الرسمية تحدثت معنا حول ماكان ينبغي أن يكون من سحب لهذه الأرض بسبب التقاعس في تنفيذ المشروع طوال هذه السنوات، فإن مصادر أخرى غيرت أو تغيرت، وسبحان مغير القلوب والتصريحات!!.
في واحدة من إطلالاته القوية قال رئيس هيئة التنمية السياحية سراج سعد الدين: إن الهيئة لن تتهاون مع المستثمرين غير الجادين، الذين حصلوا على كل الموافقات الأمنية والبيئية، ولم يبدأوا في تنفيذ مشروعاتهم طبقا للبرنامج الزمني المحدد، مؤكدا أن الدولة ممثلة في الهيئة لن تسمح لأي مستثمر بتسقيع الأرض وتركها دون تنمية، مادامت خلت من الموانع الخارجة عن إرادته.
وقال سعد: إن الهيئة تقوم بتحصيل الأقساط من المستثمرين في أوقاتها المحددة، مع مراعاة الأزمة السياحية التي أثرت بشكل سلبي على تنفيذ بعض المشروعات، نتيجة تعثرهم وتوقف بعض البنوك عن تمويلهم لاستكمال المشروعات، فقامت الهيئة بإعادة تقييم هذه المشروعات، وقامت بمنحهم تسهيلات في سداد الأقساط وكذلك في البرامج الزمنية، وأشار رئيس الهيئة إلى عدم صحة ماتردد من قيام الهيئة باستثناء المستثمر السعودي عبد الرحمن الشربتلي من البرنامج الزمني لتنفيذ مشروعه بسوماباي بالبحر الأحمر، وأشار إلى أنه على الرغم من موافقة الهيئة المبدئية، وتسليم الأرض نهاية ٢٠١٣م إلا أنه لم يحصل على موافقة البيئة إلا منذ أربعة أشهر فقط.
وأضاف سيادته: أن الشربتلي من أكثر المستثمرين انضباطا والتزاما في التنفيذ، وتسديد الأقساط، مشيرا إلى أنه سدد للهيئة ٨٦ مليون جنيه أقساطًا خاصة بمشروعه في نبق بشرم الشيخ، مشيرا إلى أن الأرض التي خصصت له في سوماباي كانت له ولعدد من المستثمرين، وبلغت ٢٠ مليون متر مربع، وكان ذلك عام ٢٠٠٩ م، ثم انسحب عدد منهم فأعدنا التقييم، وخصصنا ٩ ملايين متر فقط لسيادته.
مجمل القول إن أرض سوماباي ليست ستة ملايين متر مربع، وإنما تسعة ملايين متر مربع حسب المصادر الرسمية بينما عشرة حسب مصادرنا يباع المتر فيها بدولار، وعلى أقساط حيث يدفع الشربتلي ٢٥٪ من الدولار أولا، ثم تقسط المبالغ الباقية “على ماتفرج”.. عشرة ملايين متر مربع.. عشرة ملايين متر مربع بالتمام والكمال، ومن الواضح أن الرجل -حسبما جاء على لسان رئيس الهيئة- يدفع بالجنيه المصرى، رغم أنه يفرض على مستأجرى محال سيتى ستارز وسكانه بمدينة نصر الدفع بالدولار، ولهذا قصة أخرى سنتناولها بالتفصيل فيما بعد.
أعرف رئيس هيئة التنمية السياحية سراج سعد الدين فهو رجل شجاع لا يلين، ولا يهين، ولا يضعف، وأعلم أنه لم يتلق اتصالات هاتفية من أجهزة وشخصيات نافذة، وأنا على يقين أن أحدا من الأجهزة الكثيرة في البلد لم تحاول التأثير على سعد الدين، وأن ما قاله لنا ليس وليد ضغط أو “شخط” أو “نطر” فالرجل ليس من الشخصيات التي تغير كلامها، حرصا على وظيفة، أو منصب، أو خوفا من أحد، ولا يجوز لي أو لغيري أن يشكك في ضميره الوظيفي، أو يتناوله بسوء، أو يتصور أنه واقع تحت ضغط -معاذ الله- من مسئولين كبار “قوى”.
“وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين” (الذاريات ٥٥).. على أن ذاكرة الإنسان عرضة لمآخذ يستوى في ذلك الجميع أنبياء وأتقياء ومؤمنون، ونحسب أن السيد سراج سعد الدين من المؤمنين، لذا فإننا نذكره دون جرح، أو غمز، أو لمز، فربما لا يتذكر سيادته أن الأرض التي كانت مخصصة في سوماباي هي "عشرون مليون متر مربع"، وأن المستثمر هو الذي أعاد عشرة، ويقبع الآن على عشرة بالسنتيمتر والمليمتر المربع، والذي يشكك في ذلك عليه أن “يقيس” كما نذكر سيادته بأن الأرض التي أعادها هي المساحة الخلفية للمشروع، مستفيدا بالعشرة الباقية على الخليج ذي المياه الزرقاء العجيبة.
ورغم أن رئيس هيئة التنمية السياحية اختار لنفسه وظيفة ليست له، حيث تحدث نيابة عن البيئة، فإن العالمين ببواطن الأمور -وأنا منهم- يعرفون جيدا كيف يستطيع المستثمر أن يمارس هواية التلكؤ ليظل قابعا على أرض دون الالتزام بما هو عليه من مستحقات في التنفيذ، وفي الدفع، ولو كلف “خاطره” وسأل البيئة التي تحدث نيابة عنها سنجد العجب وكيف يكون الصيام في رجب.
نُذكر السيد رئيس هيئة التنمية السياحية أيضا أن المشروع كان عبارة عن إنشاء أكبر ميناء في البحر الأحمر وليس في مصر فقط، والذي تحول بقدرة قادر إلى إنشاء أكبر سور في البحرين الأحمر والأبيض ومابينهما.. فلا المارينا أنشئت، ولا الأرض سحبت، ولا يجرؤ أحد على سحبها، ولا على فتح الملف بشفافية كاملة، بعيدا عن الخلط السياسي والدبلوماسي، وتلك الريشة المزينة بسيفين متقاطعين!!
أما قصة الـ ٨٦ مليون جنيه المدفوعة للهيئة، فقد عطلت على الجانب الآخر الأعمال التي كان من المقرر أن تقوم بها شركة المقاولات، المنوط بها تجهيز الغرف الفندقية، حيث نص الاتفاق على دفع ١٠٠ مليون جنيه لها، إلا أن المستثمر “الغلبان” أعلن شركة المقاولات أن المتوفر لديه عشرة ملايين جنيه فقط لاغير، وعلى سبيل التذكرة فإن الأرض كانت مخصصة منذ عام ٢٠٠٦ م!!
وأنا شخصيا أميل إلى تصديق تلك العبارة العنترية التي أطلقها السيد رئيس هيئة التنمية السياحية في بداية تصريحه، من أنه لن يتوانى عن سحب الأرض من المستثمرين غير الجادين، ونغادر معه من سوماباي بالبحر الأحمر إلى “نبق”، تلك البقعة الخالدة بشرم الشيخ، حيث حصل المستثمر السعودى على سبعة ملايين ونصف المليون متر مربع مرة واحدة؛ ليبلغ إجمالي ماخصص له في سوماباي ونبق سبعة عشرة مليونا ونصف مليون متر مربع فماذا فعل في ضيعته الجديدة بنبق؟!!
زارت «فيتو» موقع الأرض وتجولت فيه، وحصلت على تفاصيل أسطورية لم نر مثيلا لها إلا في بلاد الواق واق، حيث يردد المستثمر “واق” ويضع حدوده عند حدود صدى صوته.. الأرض مخصصة عام ٢٠٠٨ م، وقدم لهيئة التنمية السياحية تصميمات مشروعه مع جدول زمني للانتهاء من إجمالي المشروع في سبع سنوات، أي ينتهي العمل به عام ٢٠١٤م.. مضت تسع سنوات بالتمام والكمال منذ بدء الإنشاء والتخصيص، ولم ينته المستثمر المحظوظ إلا من بحيرة يتيمة.
الجريدة الرسمية