رئيس التحرير
عصام كامل

«داعش» والخطة البديلة! (2)


لما احترقت الورقة الرابحة والتي كان الغرب يلعب بها وينفذ من خلالها خطط التقسيم في المنطقة –أقصد جماعة الإخوان الإرهابية- كان لابد من إبراز الخطة البديلة، والتي تمثلت في إحياء التنظيم الإرهابي "داعش" والذي ظهر وبصورة مفاجئة، والذي كان في حالة كمون وبيات شتوي لمدة ثلاثة أعوام كاملة ومنذ عام 2010 م، بحجة التضييق الأمني.


إلا أنه –مع استمرار نفس التضييق الأمني- خرج فجأة بعد فشل الأداة الأولى في تنفيذ المخطط، خرج هو ليكون الخطة البديلة أو الخطة "ب" في المشروع الصهيوني لتقسيم منطقة المشرق العربي والإسلامي إلى دويلات صغيرة متناحرة ومتصارعة فيما بينها على الثروة والسلطة والحدود المشتركة المتنازع عليها.

ومن أعجب العجب أن يخرج هذا التنظيم المتصهين! "داعش" على العالم بخريطة لكامل المشرق العربي والإسلامي تتطابق تمام التطابق مع خرائط مشروع الصهاينة للتقسيم، وهي بالتمام كتلك التي وضعها "برنارد لويس" منذ سبعينيات القرن الماضي وغيره من أساطين الصهيونية العالمية ممن لحقوه أو سبقوه في نفس المضمار، لتكون الخريطة الأحدث لتقسيم الشرق الأوسط هي خريطة تحمل توقيع تنظيم إسلامي! –بزعمه- هذه المرة، ليؤكد بذلك ذلك التنظيم، بل يستكمل ما بدأه "حسن البنا" وتلامذته وأتباعه من تقديم الغطاء الفكري –ولا أقول الإسلامي- للصهيونية على ما سنبينه -إن شاء الله- في مقالات سطرتها من قبل، فليراجعها من يريد إن شاء.

ولكن الذي يعنيني هنا الآن والذي هيَّجه في نفسي وعقلي سؤال صحفي الاستخبارات آنف الذكر –في المقال الفائت- أن أدلل على ما أكده فضيلة المفتي –حفظه الله- أن ما يفعله هؤلاء المرتزقة ويتدثرون بدثار إسلامي وينتسبون بأفعالهم وأقوالهم إلى الإسلام كذبًا وزورًا، ويتسمون بأسماءٍ إسلامية ويطلقون على تنظيم الإرهابي الصهيوني المنشأ والفعل "الدولة الإسلامية"، الذي يعنيني هو أن أؤكد أنها ليست دولة وليست إسلامية بالأساس، ولكنها الخطة البديلة لدولة الإخوان المزعومة، بعد أن فشلت خطتهم، وانكشف مؤامراتهم، وتبين للناس عامة مدى خيانتهم وتعاونهم مع الصهاينة لتفتيت بلدان العرب والمسلمين والقضاء على قوتهم وتدمير جيوشهم.

فإلى صحفي الاستخبارات –آنف الذكر- ولمن ورائه ولمن يحركونه من وراء ستار، وإلى من يلقنه ظنًا منه ومنهم أن هذا يُحرجنا، أقول: أفلا تعلم يا هذا أن هذا السؤال الذي سألت ينبغي عليك أن توجهه لقادة بلادك ولأجهزة الاستخبارات التي تحركك أنت ومن على شاكلتك وليس لنا ولا لمفتينا.

فلا ديننا يفرز الإرهاب، ولا قادتنا يصنعونه، والإجابة عن سؤالك تجدها عند حكومات بلادك الغارقة إلى أذنيها بل إلى مفارق رءوسها في صناعة الإرهاب.

وليس عندنا إجابة لتساؤلاتك، فديننا – والتاريخُ يشهد– لم يحمل على مر القرون إلا كل الخير للعالم، نشرَ السلام والرحمة والمحبة والأمان بين الناس، ولم يأت الشر إلينــا إلا بعد أن اخترقتم بلادنا، وغسلتم عقول شبابنا واشتريتم ضمائر الكثير منا.

فإذا أردتم فعلًا محاربة الإرهاب أو كنت صادقين في الرغبة بالقضاء عليه، فإن عليكم أن تطهروا أنفسكم منه أولًا وأن تكفوا عن صناعة الإرهاب وحينها سوف يهنأ العالم بالأمان والسلام.
الجريدة الرسمية