رئيس التحرير
عصام كامل

الدروس الخصوصية في كلية طب !


نجلة أحد أصدقائي حصلت على مجموع 99،5% في الثانوية العامة هذا العام ووزعها مكتب التنسيق على إحدى كليات طب بالقاهرة الكبرى ولكنها بعيدة عن مسكنها ويرفض تحويلها إلى الكلية الأقرب بحجة أن القاهرة الكبرى إقليم جغرافي واحد ولا يجوز التحويل بين كلياته..


منطق غريب لسنا بصدد الحديث عنه لأن الرواية فيها ما هو أغرب وأسوأ من ذلك..

ذهب صديقي (الإعلامي الكبير) إلى رئيس الجامعة التي يرغب في تحويل نجلته إليها وسمع منه نفس حجج مكتب التنسيق، ولكن رئيس الجامعة كان لديه عرض آخر، وهو التحويل إلى نظام التعليم بمصروفات ( 50 ألف جنيه )، فهذا النظام لا يخضع لشروط مكتب التنسيق، واستغرب صديقي لماذا يتحمل هذا المبلغ ونجلته من المتفوقين على مستوى الجمهورية؟ ولكن رئيس الجامعة لم يتركه كثيرًا في حالة الاستغراب هذه، حيث قال له إن هذا أقل مبلغ سوف تتحمله سنويًا لتعليم نجلتك في أي كلية طب لأنها لو التحقت في التعليم الطبي المجاني فسوف تنفق أكثر منها في الدروس الخصوصية أو ضعفها (100 ألف جنيه)، إذ التحقت بإحدى كليات الطب الخاصة( كده كده هتدفع هتدفع ) سواء في التعليم بمصروفات أو التعليم الخاص أو في المجاني مع الدروس الخصوصية..

الكلام كان كصاعقة على ولي أمر لطالبة متفوقة ظن أنه ارتاح من كارثة دروس الثانوية العامة الخصوصية، إذ به يقع في مصيبة دروس الجامعة الخصوصية، أصدقائي أعضاء هيئة التدريس أكدوا لي صحة هذه المعلومات وأن الدروس الخصوصية في كلية الطب 100% ليس الطب فقط بل كل كليات القمة، وتفسيرهم في ذلك أن الطالب المصري تعود من صغره على الدروس، فلا يستطيع الاستغناء عنها في الجامعة أيضًا كثرة الأعداد في الكلية لا تسمح بتعليم جيد واستغل ذلك بعض الأساتذة بإقامة مراكز دروس خصوصية أمام بوابات الجامعات مباشرة..

هي كارثة على أولياء الأمــور وعلى الطلاب وعلى البلد بصفة عامة، طالما غابت الإرادة الجادة لإصلاح التعليم والإيمان بأهميته في التقدم.

نحن مصممون على اختراع العجلة من جديد والبدء من نقطة الصفر كلما جاء وزير أو حكومة جديدة أو رئيس جمهورية، فلا نريــد الاستفادة من تجارب الآخرين.. العالم كله يوجه طلابه منذ الصغر إلى التعليم الفني والتكنولوجي؛ لأنه هو المستقبل، والعمالة الفنية المدربة في الغرب تحصل على مستوى عالٍ من التعليم وليسوا فاشليــن كما نصفهم عندنا..

كارثة مصر كلها في مجموع الثانوية العامة وكل الأسر المصرية تنفق ميزانيتها على الدروس الخصوصية طمعًا فيما يسمى "كليات القمة"، وطالما ظل المجموع وليست رغبة الطالب هو الذي يحدد مستقبله فسوف يظل منحنى التعليم في انهيار والغش وتسريب الامتحانات في ازدياد، وكذلك الدروس الخصوصية في المدارس والجامعات، وفي النهاية سوف يصبح لدينا خريج جاهل لا يعتد بشهادته في أي دولة حتى في بلده..

يجب توجيه الطلاب من صغرهم إلى التعليم الفني والتكنولوجي، فلسنا في حاجة إلى الملاييــن التي تتخرج في الكليات النظرية ولا حتى الطب ومن يريد استكمال تعليمه يكون على نفقته الخاصة وتتحمل الدولة تكاليف المتفوقين منهم فقط، هذا إذا كنا بالفعل جادين في الإصلاح والنهضة والتقدم.
Egypt1967@yahoo.com
الجريدة الرسمية