رئيس التحرير
عصام كامل

عن محاولة «ذبح» ناجي عباس !


خرجت الناشطة ماهينور المصري من السجن، بعد قضاء مدة العقوبة في قضية الاعتداء على أحد اقسام الشرطة بالإسكندرية.. فشكرت-هذا حقها- كل من ساندوها ودعموها أو من زاملتهم في السجن.. لكن كان من بين هؤلاء السيدة سامية شنن المتهمة بتعذيب ضباط كرداسة والتمثيل بجثثهم بإلقاء ماء النار عليهم..أنصار ماهينور كانوا أول من هنأوها على البوست بتعليقات كثيفة إلا أن أعدادا كبيرة من تعليقات بعض المتابعين استنكرت أن تكون من بين من تشكرهم سامية شنن !


كثيرون استهجنوا ذلك وكثيرون سألوها عن مغزي تقديم الشكر لسيدة متهمة بأسوأ اتهام يمكن توجيهه لسيدة وهو تمثيل بجثث وتعذيب بني آدمين يلفظون أنفاسهم الأخيرة يطلبون الماء في "حلاوة روح" قاسية، وقبل خروج "السر الإلهي" تستبدل سامية شنن ماء النار بالمياه الحقيقية، وهو الأمر الذي لم يحدث حتى مع المشركين والكفار في ذروة الصراع بين الحق والباطل، بل جاءت تعليمات القرآن على عكس ذلك تأمر بإجارة المشرك إذا طلب الإغاثة واكرامه وتيسير عبوره من أرض المعركة إن قرر ترك القتال رغم إجرامه وقتاله للمؤمنين، ورغم كل ما ارتكبه في حقهم!

ولما كانت البوستات على شبكات التواصل الاجتماعي تشكل حوارا بين مشاهير النشطاء فيكتب أحدهم "بوست" ويرد الآخر بنفس الطريقة، كان لابد لفهم الموضوع أن نقرأ كلا "البوستين" معا.. لذا وجد الكاتب الصحفي البارز والمغترب في ألمانيا ناجي عباس نفسه مضطرا للرد على بوست ماهينور ببوست آخر يقول فيه ما معناه إنه يتمني أن تشرب ماهينور من ماء النار ثم دعا-إن لم يحدث ذلك- أن ييسر لماهينور بعض النسوة يلقون عليها ماء النار لتجرب بنفسها ما جري في كرداسة!

أنصار ماهينور تلقفوا بوست ناجي عباس وشنوا حملة منظمة جدا في اتجاه الخارجية الألمانية اتهموه لديها بأنه يحرض على القتل، واعتبروا ذلك عملا غير إنساني لا يحق معه لناجي عباس أن يعمل في مؤسسة إعلامية ألمانية هي "الدوتش فيلا" تلتزم بمعايير حقوق الإنسان وحرياته، وطالبوا بفصله ثم حملة مماثلة إلى "الدوتش فيلا نفسها"!

الخارجية الألمانية استطلعت الأمر فما كان من "الدوتش فيلا" إلا الرد بالتأكيد أنها بصدد فصل ناجي عباس، وقد كان وصدر القرار بالفعل بعد ساعات !!

الآن نتوقف لنسأل: كيف يمكن لناشطة حقوقية كما تزعم أن تمتدح متهمة بفعل شنيع لا علاقة له بأي صلة بالإنسانية؟ وكيف لها ردا على ذلك أن تقرر أن هذه السيدة بريئة وقد أدانها القضاء الذي سبق وأن برأ المتهمين بقتل الضباط أنفسهم؟ وما الذي ستربحه الدولة لتحبس سيدة بلا ذنب وتلفق لها اتهاما شنيعا؟ أليست نفسها الدولة التي تدلل عادل حبارة وتمنحه كل فرص التقاضي رغم اعترافاته ورغم جرائمه؟ جات على الست سامية شنن؟ وكيف لحقوقية كما تزعم أن تهين القضاء هكذا؟ وأي دولة التي يريدها هؤلاء إن كان احترام القضاء ليس من أعمدتها؟

والأهم: إن كان الرد على ماهينور بسخرية وبما يستحيل تصور أن الأستاذ ناجي عباس يقصده بالمعني الحرفي يتطلب قطع الأرزاق وإنهاء التعاقدات فماذا يمكن أن نطالب بتطبيقه على من يحرضون ضد مصر كلها؟ ماذا يمكن أن نطلب من الأجهزة المختصة تطبيقه على من يدعون إلى العنف علنا ويعملون بمؤسسات مصرية عامة وخاصة؟ وماذا نطالب بتطبيقه على من اعترف بحرق المجمع العلمي مثلا أو إلقاء مولوتوف على أشخاص ومؤسسات ومن يهدد علنا غيره هنا وهناك؟ وكيف تجاهل البعض و"الدوتش فيلا" والخارجية الألمانية كلام ماهينور المصري، وتوقفت عند كلام ناجي عباس؟ لماذا لم يقل لها المقربون كل عبارات التهنئة بالخروج من السجن ولكن يلومونها في الوقت نفسه على كلامها سبب الأزمة؟ أم أن التمركز ضد الدولة المصرية بات بلا مبادئ، وأصبح يستهدف كل شيء وأي شيء ؟!

يستحق ناجي عباس أن تقف الخارجية المصرية معه، باعتباره مواطنا مصريا تعرض للفصل التعسفي من عمله بغير تحقيق في بلاد تزعم الحفاظ على كافة حقوق العاملين لديها، واكتشفنا أن الفصل التعسفي عندهم بغير تحقيق، واكتشفنا أيضا أنهم لا يعرفون فنون السخرية، ولا قواعد حوار النشطاء على شبكات التواصل وكيف يكون..

يستحق عباس-الذي يحاول البعض اليوم ذبحه معنويا- أن تدعمه كل المؤسسات الوطنية والشخصيات العامة والمصريون عموما..وأن يشرحوا للعالم القصه بكاملها من أولها وحتى آخرها غير منقوصة.. غير مجتزأة وغير محرفة!
الجريدة الرسمية