تفاصيل تورط إعلاميين مصريين في خديعة «سد النهضة».. حملة تلميع لأديس أبابا.. معهد «ستوكهولم» ينفذ مخطط «ديسالين».. أمريكا تحجب الصور الحقيقية للأقمار الصناعية.. و«الر
«الضرب على الحامي» نظرية لا تؤمن بها إثيوبيا كثيرًا، قمة الشجاعة أن تتأخر خطوة في بعض الأوقات هي الطريقة الأقرب إلى عقل رئيس الوزراء الإثيوبي «ديسالين»، وطالما لا يوجد أي خسائر فلا مانع من المهادنة خاصة أن هناك حقيقة لا تقبل التراجع أو التشكيك فيها، تلك الحقيقة هي أن المرحلة الأولى من سد النهضة تم تنفيذها، وأن تخزين ما يقرب من 14 مليار متر مكعب سيكون خلال الأسابيع المقبلة، وأن مصر ستتضرر إذا تم تخزين 14 مليار متر مكعب في موسم فيضان تقول عنه وزارة الري إنه في أحسن الأحوال متوسط أي أن حصة الـ 55 مليار متر مكعب نصيب القاهرة لن تكون كاملة في كل الأحوال.
تلك الحقيقة التي اطمأنت إليها أديس أبابا دفعتها مؤخرًا إلى المهادنة قليلًا مع القاهرة، ساعد في ذلك التقارير الإخبارية التي تتحدث عن خطورة السد وتأثيره المباشر على القاهرة، بجانب أصوات غاضبة اتهمت الحكومة المصرية بالتخاذل في هذا الملف المهم.
أولى الخطوات التي اتخذتها إثيوبيا خلال الشهر الماضي لما بات يعرف بخطة خداع إثيوبيا هي السماح لعدد من وسائل الإعلام المصرية لزيارة سد النهضة والتعرف على المشروع عن قرب، لطمأنة الشعب المصري أن تخزين المياه لم يبدأ بعد، بجانب الحديث عن قبائل إثيوبيا الفقيرة التي تحتاج إلى تنمية حقيقية.
عن غير عمد نفذت وسائل الإعلام المصرية خطة إثيوبيا بكل إتقان فانتشرت التقارير الصحفية عن احتياج إثيوبيا لسد النهضة كقاطرة للتنمية، بالإضافة إلى التأكيد أن تخزين المياه هي شائعات ليس أكثر، فيما أكدت بعض التقارير - تطوعًا - أن أديس أبابا ملتزمة بكل شروط المفاوضات الفنية مع مصر والسودان.
في ذلك الوقت لم تنس إثيوبيا أن تعلن على لسان وزير مياهها عن موعد بدء بناء سد «كويوشا» الذي سيقام هو الآخر على نهر النيل ووفق التصريحات الإثيوبية الرسمية فإن العمل سيبدأ العام المقبل لتوليد 2160 ميجا وات من الطاقة الكهرومائية.
يقتنع رئيس الوزراء الإثيوبي بدور الإعلام خاصة المصري في أزمة سد النهضة، ظهر ذلك أكثر من مرة وهو يشتكي الإعلام المصري للرئيس السيسي تحت عنوان: «الإعلام ينشر أكاذيب»، هذا الإعلام هو من دعاه رئيس وزراء إثيوبيا بطريقة غير مباشرة حين توسط – وفق مصادر إثيوبية – لدى معهد ستوكهولم للمياه المعني بعقد ندوة تحت رعاية الأمم المتحدة يحضر فيها عدد من الإعلاميين وكبار الكتاب بدول النيل الشرقي ومنهم مصر.
وفق الدكتور محمد نصر علام، وزير الري الأسبق، فإن الندوة حضر فيها ما يقرب من 330 إعلاميا بجانب مسئولين من إثيوبيا، والسودان ودار الحديث حول أهمية سد النهضة للعديد من الدول الأفريقية، كما أكد أن التوجس لدى المصريين ليس له أي أساس من الصحة.
تلك الندوة كما يؤكد «علام» نقلت وجهة النظر الإثيوبية دون الحديث عن مخالفة أديس ابابا للشروط القانونية التي وضعتها الأمم المتحدة فيما يخص بناء السدود العملاقة والتي تشترط موافقة الدول المتضررة «مصر والسودان»، بالإضافة إلى أن خبراء المياه لم يتحدثوا عن أن سد النهضة حتى الآن لا توجد له دراسات تؤكد أمانه أو تظهر ضرره وهو عكس كل الأعراف والقوانين الدولية.
يضيف وزير الري أن إثيوبيا تصر على أن السعة التخزينية لسد النهضة هي 74 مليار متر مكعب فقط، لكن الحقيقة أن بحيرة السد ستحتاج أكثر من ذلك وبحسب بعض التقديرات فإن السعة الحقيقية لسد النهضة 90 مليار متر مكعب وهي نسبة تحرم مصر من نصف حصتها المائية تقريبًا.
علاء النهري، نائب رئيس المركز الإقليمي لعلوم الفضاء بالأمم المتحدة، يكشف صورة أخرى من صور تجميل إثيوبيا لدى الرأي العام الخارجي والمصري، وذلك من خلال التشويش على الصور التي تلتقطها الأقمار الصناعية لسد النهضة الإثيوبي من خلال القمر الأمريكي «لاند سات».
«النهري» يضيف أن بيانات وزارة الري التي دأبت على نفي بدء تخزين مياه سد النهضة لم تكن للتعتيم بل كانت الوزارة - وفق قوله - ضحية التعتيم على الصور الحقيقية، وذلك بعد أن وضعت الولايات المتحدة بعض التقنيات حتى لا يتمكن أحد من رؤية ما يحدث إلا أمريكا وقمر «لاند سات»، وبالتالي أصبحت كل المعلومات مصدرها الغرب.
يتابع عالم الفضاء أن الأمر تم حله من خلال جهاز الاستشعار عن بعد المصري فأزالوا تلك التشويشات لتكون المفاجأة في بناء 16 بوابة كاملة في جسد السد وجاهزة لاستقبال المياه، وهو الأمر الذي يعني بدء الخطر الجدي، مؤكدًا أن الولايات المتحدة وإثيوبيا نفذا مخططًا كاملًا حتى انتهاء المرحلة الأولى من بناء السد.
خطة تجميل وجه إثيوبيا كانت آخر الخطوات ما أعلنه وزير الري الدكتور محمد عبدالعاطي من أن توقيع العقود القانونية سيكون خلال الشهر الجاري، وهو ما أكده الجانب الإثيوبي إلا أن مصادر داخل اللجنة الفنية أكدت أن التوقيع لن يكون قبل بدء التخزين وما يحدث هو مهادنة حتى يتم تشغيل المرحلة الأولى وهو الأمر الأهم لدى أديس أبابا الآن.
نقلا عن العدد الورقي...