رئيس التحرير
عصام كامل

«القتل الرحيم» حل سحري لمشكلات المصريين


ضاقت واستحكمت حلقاتها وبات من الواضح أنها لن تفرج.. فقد الشعب المصري الأمل في كل شيء، تحول حلمه في العدالة الاجتماعية إلى سراب، انعدام الأمل في الغد بات هاجسا يسيطر على الشباب، ويؤرق الشيوخ ويقلق النساء، ويزعج الفتيات ويقتل حلم الأطفال.


حالة اللاشعور بالوطن والانتماء للأرض تثير الفزع على مستقبل دولة جذورها ضاربة في التاريخ، الشعارات الرنانة وكلمات الأغانى الوطنية فقدت فاعلياتها، الجميع كفر بالجميع.. لم يعد هناك رغبة في الحديث عن المستقبل..حتى الأطفال فقدوا القدرة على تحديد بوصلتهم لم يعد هناك طفل يجيب عن سؤال "نفسك تطلع إيه؟"..بددت كوابيس الغلاء أحلام البسطاء، ذابت الطبقة الوسطى الضامنة للاستقرار والتحقت بصفوف الطبقات الفقيرة.

شمس الصبح تحولت إلى ظلام، يبدأ المواطن يومه بهواجس متطلبات الساعة التالية التي تشمل قائمة مشتريات لا يملك في جيبه ما يلبيها، عندما يحل عليه ظلام الليل دون "مطبات طبيعة" تشمل المرض أو ظرف مفاجئ يجبره على مد يده للاستدانة من زميله أو جاره، يتوجه بركعتين شكرا لله على نعمة الجوع فقط.

الشعب لم يعد يجد من يحنو عليه، حكومته تعايره وتطالبه بالشكر، وبرلمانه المفترض أن يدافع عنه تحول إلى سارق قوته، بين نوابه من يطالبه بتحمل الغلاء مقابل الأمن، وكأن أجهزة الدولة تحولت إلى شركات حراسات خاصة، وآخر يريد سرقة خمسة جنيهات كل صباح من جيبه داخل محطات المترو، ليبدأ يومه فاقدا رقما معتبرا من إجمالي دخله نهاية الشهر، وغيرها من النماذج الأخري التي أصابت المواطنين باليأس في أن يجدوا من يحنو عليهم.

أصبح المواطن المصري يدور في ساقية –مع الاعتذار عن التشبيه- لا مجال للرفاهية في حياته، وصل بنا الحال إلى حسد الميت على موته(ارتاح)، لا مندوحة أمام عينه، ضاقت عليه الأرض بما رحبت والقبر أصبح هدفا، فهناك لن يلتزم بدفع إيجار شهري، ولن يطالب بفاتورة كهرباء بالشريحة الجديدة، ولا فواتير للغاز الطبيعى أو المياه، ولا وجود لمترو أنفاق بينه وبين ربه يخشى من زيادة سعر تذكرته..وبالطبع لن يتحمل هم دروس خصوصية لأبنائه، ولا ارتفاع في زيادة أسعار الدواء أو الغذاء، ولن يفرض التربى عليه ضريبة القيمة المضافة مقابل سقاية الريحان في مقبرته.

الآن وبعد أن تحولنا لعبء على حكومتنا، التي تعاملنا بطريقة المماليك في أسلوب فرض الجبايات، أدعو الحكومة لتقديم مشروع قانون "القتل الرحيم" لإقراره في مجلس نواب السلطة، واعتقد أنه سوف يمثل هدية ثمينة للناخبين في الدوائر، كحل سحري يلجأ إليه البسطاء للتخلص من ضغوط الحياة، وتخلص الحكومة من شرورنا المتجسدة في طمعنا في عيشة كريمة كغيرنا من الدول الأخري التي استغلت سكانها واعتبرتهم ثروة.

ملحوظة.. قانون "الموت الرحيم" تطبقه عدد من الدول الأوروبية وبعض الولايات في أمريكا، ويهدف إلى تخلص المرضى الميئوس من علاجهم من الألم والمعاناة طواعية بموافقة المريض.
الجريدة الرسمية