رئيس التحرير
عصام كامل

أبواب الفساد.. القروش في «الكروش»


الفساد هو العدو الأول والإرهاب الأخطر الذي يهدد وطننا.. فالفساد سوس ينخر منذ زمن في عظام الوطن حتى وصلنا إلى ما وصلنا إليه الآن من تدهور اقتصادى وأخلاقى..


ولكن ماذا فعلنا مع الفساد الذي يستشرى وينتشر أسرع من انتشار النار في الهشيم.. كلنا يعلم ويرى ويحس ويلمس ويعانى من الفساد.. ولكن الأفراد وحدهم غير قادرين على مواجهة الفساد بجهودهم الخاصة؛ لأن الفساد تحول إلى منظومة لها أذرعها المنتشرة في كل مكان.. تحول إلى شبكة تحكمها مصالح الفسدة والمفسدين.. ولهذا لابد من تدخل الدولة بسطوتها.. وبقوة القانون لمواجهة مافيا الفساد..

ولكن هل حقًا حكوماتنا الرشيدة تُحارب الفساد.. هل حقًا حكوماتنا الرشيدة تُحارب الفسدة والمفسدين.. أم أن حكوماتنا الرشيدة تتغاضى عن الفساد، ربما لأنها لا تعرف مواطن الفساد.. وربما لأن الفساد أقوى منها.. وربما لأنها ترى الفساد أكبر عقاب للشعب الذي لا يُقدر خدماتها الجليلة لإتعاسه!

كل هذه الأسئلة وغيرها عشرات وربما مئات تطرحها الأحوال التي لا تسر عدو ولا حبيب.. والويلات التي يُعانيها الشعب من جراء سياسات هذه الحكومات التي تحارب الفساد بالكلام أكثر من الأفعال..

حكوماتنا الرشيدة منذ الانفتاح الاقتصادى.. انفتاح السداح مداح كما قال أستاذنا الكبير أحمد بهاء الدين.. هي حكومات لا ترى.. لا تسمع.. ولكن تتكلم إلى حد الثرثرة في الفاضية والمليانة.. وتعلن صباح مساء أنها تواجه الفساد وأنها تضرب وستضرب الفسدة والمفسدين بيد من حديد.. ولكن يبدو أن حديد حكوماتنا مغشوش لأنه لا يُحدث أثرًا بل على العكس يتزايد الفساد يومًا بعد يوم.. وينضم لمنظومة الفساد في كل يوم المئات والآلاف البعض بعلم والبعض بغير علم.. البعض عن وعى.. والبعض دون وعى.. ولكن كلهم في النهاية في طابور الفسدة سواء..

حكوماتنا الرشيدة تُساعد في فتح هذه الأبواب بعد تطبيقها للقانون أحيانًا وبتطبيقها لسياسات عفى عليها الزمن..

اللتسعير.. هو أحد هذه الأبواب.. بل هو الباب الملكى للسرقة المقننة.. بالله عليكم هل هناك من يستعمل القرش أو المليم الآن في مصر.. بالطبع لا.. منذ سنوات لم يعد للقرش وجود.. تم إلغاء العملات الصغيرة كالقرش والخمسة قروش والعشرة قروش.. ومع ذلك يتم استخدامهم في التسعير ليس فقط السلع أو المنتجات أيًا كان نوعها.. وإنما أيضًا في فواتر الكهرباء والغاز والتليفون والمياه وغيرها.. أليست هذه سرقة عينى عينك.. أو على عينك يا تاجر.. أليس هذا فساد واضح للجميع.. ولكن يبدو أن حكوماتنا الرشيدة تعمل بالمثل القائل "من فات قديمة تاه"، لذا فهى على قديمه.. وكأنه فرض..

بالله عليكم عند شراء منتجاتكم أو دفع فواتيركم بعملة لم يعد لها وجود إلا في كتب التاريخ ماذا يكون الوضع؟ طبعًا لا توجد "فكة".. وبالتالى فما يقل عن الجنيه هو من نصيب التاجر أو البائع أو صاحب الفاتورة حكومة كانت أو أي جهة خاصة.. ولعدم وجود قروش فمعنى ذلك أن السلع تُباع بأكثر من سعرها؛ لأن المستهلك لا يحصل على باقى ما يدفعه، وبالتالى تتراكم هذه القروش لتكون للتجار والحكومة أو موظفى الحكومة جنيهات غير محسوبة.. تدخل جيوبهم وكروشهم.. ولا يُحاسبون عليها ولا يدفعون عنها ضرائب ولا يدفعونها لأصحابها طبعًا.. واللى مش عاجبه "يجيب فكة"..

بالله عليكم أليست هذه سرقة تحت سمع وبصر المسئولين.. أيــن الرقابة.. أين لجان التسعير الحكومية.. أين القانون وتطبيقه.. بالله عليكم ارحمونا..
الجريدة الرسمية