تحية إلى «أبوالاقتصاد المصري»

تحية إلى "أبوالاقتصاد" المصري في ذكري رحيله، تحية إلى الاقتصادى والمفكر "طلعت حرب"، ذلك الرجل الذي عمل على تحرير الاقتصاد المصري من التبعية الأجنبية، وساهم في تأسيس بنك مصر والعديد من الشركات العملاقة التي تحمل اسم مصر، مثل شركة مصر للغزل والنسيج ومصر للطيران ومصر للتأمين ومصر للمناجم والمحاجر ومصر لصناعة وتكرير البترول، ومصر للسياحة، وستديو مصر، وشركة مصر للنقل البري التي قامت بشراء أول حافلات لنقل الركاب في مصر وبشراء الشاحنات الكبيرة لنقل البضائع من الموانئ، وشركة مصر للنقل النهري، وشركة مصر للغزل والنسيج بالمحلة الكبرى.

تحية إلى رجل القانون والاقتصاد، الذي ساهم ورفيقه زعيم الحركة الوطنية آنذاك محمد فريد في التصدي عام 1910 لطلب شركة القناة بمد مدة امتياز شركة قناة السويس الذي كان سينتهي في17 نوفمبر 1968 لمدة 40 سنة أخرى تنتهي سنة 2008، إلا أن الحركة الوطنية المصرية قادت هجوما كاسحا على طلب المد وقلبت الرأي العام ضده، وقام طلعت حرب بتأليف كتاب عن قناة السويس ليوضح الحقائق للعامة عن تاريخ القناة ويبين بجدارة كيف ضاعت حصص مصر من الأسهم والأرباح وخسائرها حتى 1909، وأثبت ببراعة في كتابه أن السهم الذي باعته مصر بــ 560 فرنكا للسهم الواحد، وقد أصبح سعره بعد ثلاثين سنة فقط 5010 فرنكا للسهم، وبين أن حصة مصر من أرباح القناة التي باعتها بــ 22 مليون فرنك أصبحت قيمتها 300 مليون فرنك، وقد قام طلعت حرب بطبع هذا الكتاب ونشره على نفقته، مما ساهم في الضغط الشعبي الذي دفع بالجمعية العمومية ( البرلمان آنذاك) بناء على التقرير الذي أعده، برفض عرض تمديد امتياز شركة قناة السويس، وبقي الامتياز قائما بشروطه حتى جاء التأميم عام 1956 قبل نهاية الامتياز باثنتى عشرة سنة.

تحية إلى طلعت حرب الذي استقدم إلى مصر خبراء صناعة الغزل والنسيج من بلجيكا في أوائل القرن الماضي، وأرسل بعثات العمال والفنيين للتدريب في الخارج، حتى ترسخت قواعد هذه الصناعة في مصر، كما أقام أول مصنع لحلج القطن في بني سويف، وأنشأ مخازن (شون) لجمع القطن في كل محافظات مصر.

تحية إلى الرجل الذي مرت ذكري وفاته في الثالث عشر من أغسطس عام 1941 دون أن تتذكره مصر بما يليق به وبتاريخه، سلام عليه وعلى كل رفاقه ممن أحبوا هذا الوطن بصدق وعملوا على نهضته.