سيادة اللواء النائب..لكننا لا نعيش في أمن !
حسنًا، يفرض علينا اللواء كمال عامر رئيس لجنة الأمن القومي بالبرلمان نظرية «الأمن أو لقمة العيش» يقولها بصراحة دون أدنى خجل، ارتفاع الأسعار مقابل بسيط للأمن، وسنرد عليه دون أدنى تردد «وقد وافقنا» !
نعم وافقنا أن نتحمل غلاء المعيشة قليلًا، أن نرشد استهلاكنا، نتخلى عن السلع الاستفزازية، نقف معه كما وقف الشعب مع عبدالناصر حين قال الأخير «نقدر نعوض المعونة الأمريكية لو بطلنا الشاي» فرد المصريون «بلاها شاي».
لكن سيادة اللواء وقد وافقنا على ما يخصنا هل هناك أمن من الأساس، الشعب خائف «يا فندم»، وزراء الترهيب أصبحوا هم المسيطرون على الساحة، كل منهم يخرج يوميًا ليؤكد أن هناك غلاء جديدا، في أسبوع واحد رفع وزير الكهرباء الأسعار 35%، في اليوم ذاته أعلنت وزارة النقل عن أن ثمن تذكرة المترو سيكون خمس جنيهات، لم يلفظ المواطن نفسه حتى فاجأه وزير البيئة بالإعلان عن تفكيره في فرض 10 جنيهات للقمامة على كل شقة بدلًا من خمسة جنيهات، جاء ذلك بالتزامن مع موافقة البرلمان على فرض قانون القيمة المضافة، و«الخناقة» على هل نفرضها 12% أم 14%.
الشعب خائف حقًا، لكن ليس من الإرهابيين نحن أتفه من أن نكون أهدافًا على أية حال، المسئولون والأغنياء أسدوا لنا معروفًا فلم يسكنوا في المناطق الشعبية، وبالتالي لا نمثل أي قيمة لتلك الجماعات الإرهابية، أما المجرمون العاديون ومحترفو السرقة بالإكراه والاغتصاب فكل بيانات وزارة الداخلية تؤكد أنه لا تقدم في تلك الملفات منذ أعوام طويلة !
الخوف من أشياء أخرى، أكثر عمقًأ وأعمق شعورًا، تجده في عين ست بيت تخشى الفضيحة بعد أن قضت عمرها كله تدبر مصاريف البيت دون إزعاج زوجها، ثمة موهبة لدى المصريات في تكييف أمورهن، رغم ثبات المصروف الشهري، تلك الموهبة لم تعد تجدي نفعًا الآن، الزيادة من كل النواحي، المرأة التي قضت عمرها تلبي طلبات زوجها وأولادها دون أن تؤنبهم تخشى الآن فضيحة ألا يكون في بيتها طعام، أن يفاجئها ضيوف فلا تستطيع تقديم شيء لهم، أن يطلب ابنها كما اعتاد مبلغًا من المال فتقول له لا.
الخوف أيضًا في عين أب تكأكأت الدنيا عليه، أولاده يكبرون حوله، كل منهم له متطلباته، يطمعون في مساعدته لكنه أعجز من ذلك، بالأمس كان يمكن تدبير مبلغ شهري في «جمعية» يسند به ولده سواء في زواج أو في مشروع يأكل عيش منه، هذا المبلغ لم يعد متاحا، المعادلة الآن الأكل أو التوفير، يشعر الأب بأن هناك متغيرًا حوله، يلاحظ نقص الأكل، نفاد المال، يخفق قلب إذ دق باب بيته «غاز - كهرباء» لكن لا يستطيع التحدث، يوجه وجهه شطر السماء، اللهم إليك المشتكى.
الخوف انتقل إلى أعين الشباب أيضًا، لا يرون مستقبلا في ظل ارتفاع الأسعار الجنوني، جميعهم يرفعون شعار يكفي أن أعول نفسي فلست حمل إعالة أحد آخر، نخشى إن انجبنا ولدًا أن يولد في تلك الظروف، الحكومة لا توفر له العمل، التأمين الصحي، التأمين الاجتماعي، الشقق بأسعار رخيصة، مواصلات نقل مريحة، الحكومة عجزت حتى أن توفر الأمل لهؤلاء، نعم سيادة اللواء رغم أن الأمل «معليهوش ضريبة» لكن الحكومة فشلت في ذلك.
الخوف حولنا، يسكننا جميعًا، رجالا ونساء، عجائز وشابا، ليبراليين وعلمانيين، متعلمين وجهلة، مطيعون وعصاة، يلفنا بسياجه، يحاصرنا كل لحظة، يجعلنا نكره الغد، الذي يؤكد المسئولون إنه سيأتي بما هو أبشع، هل مثل هذا الخوف خوف؟!