رئيس التحرير
عصام كامل

الشربتلي.. وفن التكويش


"العبد حر إن قنع والحر عبد إن طمع.. فاقنع ولا تطمع فلا شيء يشين سوى الطمع ".. هذا ما قاله الإمام الشافعى بينما كانت عبارة أوسكار وايلد أكثر عصرية عندما ردد "يوجد الكثير من الأغراض التي نرغب في رميها بعيدا لو لم نكن نخشى أن يأخذها غيرنا ويستفيد".. هناك وعلي مقربة من منتجع سوما باي الشهير، وفي واحدة من أجمل وأغلى بقاع الدنيا ستندهش عندما تضبط عداد سيارتك.. يمكنك بدء السير والنظر جيدا.. بعد ست كيلومترات ستكتشف أن نهاية السور قد انعكست ناحية البحر.. عمق المساحة حتى الوصول إلى البحر متعرجة.. المساحة التي نتحدث عنها تزيد على ستة ملايين متر مربع.


الأرض التي نتحدث عنها مخصصة في عهد وزير السياحة الأسبق زهير جرانة إلى المستثمر السعودى حسن الشربتلى.. ليست كلها بالطبع.. هيئة التنمية السياحية خصصت ٤ ملايين متر لسيادته عام ٢٠٠٩ م، أما سيادته فإنه كالبحر "يحب الزيادة" والزيادة متاحة ولكن ليس للجميع.. متاحة لمن له ظهر ومن له ظهر فإن هيئة التنمية السياحية لاتجرؤ على الكلام معه، مهما خالف أو زاد، أو تقاعس أو هدد.

لن أتحدث هنا عن الشربتلى وإنجازاته الإعلامية.. إنجازات ورقية فقط حيث ينشر عن أعماله ما يفوق أعمال كافة المستثمرين، فالرجل يدرك أهمية الإعلام ودوره، لذا فهو نافذ إليه بكل الطرق المشروعة.. ولن أتحدث عن مشكلاته من قبل مع سبينس سيتي ستارز، وما فعله بأحكام القضاء رغم قوتها القانونية، ولن أحدثكم عن تهديداته الدائمة للمسئولين المصريين، بأن سيادته سيوقف استثماراته في مصر، ولن أتناول بالحديث مشكلاته الحدودية مع منتجع سوما باي.

وقبل أن يتداخل معنا من هم على رءوسهم ريشة سعودية، فإننا نقول دون أن يزايد علينا أحد إن الأمر لا يخص المملكة فهي لها في قلوبنا الكثير، ولا علاقة لما نكتب بها فالأمر قواعد وقوانين نلتزم بها ، ويجب على كل مستثمر أن يلتزم بها مهما كانت جنسيته.. أيضا لن نتناول سعادة سفير السعودية فيما نكتب فالرجل له في قلوب المصريين خاصة "خاصتهم" الكثير، وليس لنا عليه مآخذ سوي أن نطالبه بأن يكون تدخله من أجل المستثمر السعودي مغلفا بالقانون والقواعد واللوائح ونظنه كذلك!!

أعود إلى مربط الفرس وهو موضوع الشربتلي في سوما باي.. من المفترض وحسب القواعد التي تسري على الجميع -دون الشربتلى طبعا- أن يقوم المستثمر بإنجاز ما يعادل ٥٠٪ من مشروعه المزمع إقامته مجمعا سياحيا خدميا ترفيهيا، "باذنجانيا".. فماذا فعل أقوى مستثمر في مصر الآن - القوة هنا ليست بحجم أعماله -.. منذ ثمانية أشهر فوجئ أهالي سفاجا بسيارات نقل تنقل سورا حديديا يتم تركيبه حول مساحة شاسعة من الأرض.. زادت في المساحة عن المخصص..

بعد سبعة أعوام تمخض المستثمر فولد سورا.. أي والله سورا مكتوبا عليه سيتي ستار، وباللغة الإنجليزية كمان!!

بالطبع سيخرج علينا من يقول: لا تطاردوا المستثمرين، ونحن معهم إذا كانوا مستثمرين جادين ملتزمين بما تفرضه اللوائح والقوانين.. كانت الأرض مخصصة لسيادته شراكة مع رجلى الأعمال أشرف فرج وحسين صبور.. انسحب الشريكان دون أن نعرف السبب وراء ذلك وبقي حسن الشربتلي، ولأن سيادته غير منضبط في الأداء، والعمل متوقف فقد تقررت عليه غرامات، وطبعا أمثال الشربتلي يعدون من النوع "أبو شرطة" أي على رأسه ريشتان الأولى ريشة الأجنبي، والثانية ريشة السند الدبلوماسي في القاهرة.

الشربتلي بالطبع لا يدفع غرامات، غير أنه ناشط للغاية في لغة التهديدات، حيث هدد سراج سعد الدين رئيس هيئة التنمية السياحية بوقف استثماراته في مصر، بسبب مطالبة الهيئة بالإسراع في تنفيذ المشروع، ولم يكن من سعد الدين إلا الصمت.. وصمت القانون لا يقيم وطنا، ولا يجذب استثمارا، ولا يدفع وطنا للأمام.. صمت الرجل، ولكن ظلت المطالبات واستمر الشربتلي في تسقيع الأرض.

الأرض التي نتحدث عنها من المفترض أن تدخل دائرة لجنة المهندس إبراهيم محلب فهل طالب محلب بسحب الأرض؟.. دون أن أسأل ودون أن أتلقى إجابة فإن المهندس إبراهيم محلب لم يتخذ أية إجراءات ضد الشربتلي فكما قلت آنفا إن الشربتلي على رأسه ريشتان والمهندس إبراهيم محلب يقدر الريشة السعودية أكثر من غيرها لشيء في نفسه ولا علاقة لها بيعقوب، بعد سبع سنوات لم ينته الرجل من بناء سور حول الأرض التي "كوش" عليها.

يقول مراسلنا بالبحر الأحمر خالد الجهيني إن الشربتلي منشغل هذه الأيام برصف شوارع داخلية وهذا يعنى أنه يمارس حق الملكية، رغم المراسلات ورغم تقاعسه عن التنفيذ، ورغم ارتفاع سعر الأرض منذ عام ٢٠٠٩ م، وحتى تاريخه ولا تسألنى عن قانون ولا عن التزامات ولا عن تهديدات المستثمر السعودي.. هيئة التنمية السياحية حسبما أكدت لى محررة شئون السياحة صابرين جمال خصصت ٤ ملايين متر فقط، في حين أكد مراسلنا أن السور يمتد لستة كيلومترات أي مساحة تعادل دولة قطر!!

اكتب ذلك وأنا على يقين أن المهندس إبراهيم محلب لن يحرك ساكنا، وأن هيئة التنمية السياحية ستظل تخاطب وتخاطب، والشربتلي سيستمر في حالة التهديد غير المبررة، والوضع المهين سيكون هو العنوان الأعرض في القضية، غير أن ذلك لن يحول دون أن أتناوله مرات ومرات، مهما كان الخلط سياسيا أو دبلوماسيا أو حتى اقتصاديا.
الجريدة الرسمية