الغلطة الكبرى في قرض الصندوق
نعم.. قرض صندوق النقد الدولي غلطة كبرى في ظل تخبط الحالة الاقتصادية وغياب أية رؤية إصلاحية، والاكتفاء بتصريحات معلبة تعلن للشعب أن اقتصادنا بخير والأسعار ستنخفض، والدولار لن يتجاوز بضعة جنيهات، والاستثمارات تتدفق والرخاء يعم البلاد خلال أيام أو أسابيع.. وغيرها من تصريحات المسئولين الذين يسخرون من كلامهم ووعودهم في جلساتهم الخاصة بعيدا عن الإعلام وكل ما هو رسمي.
وقرض الصندوق يكون مفيدا للدول التي تملك برنامجا إصلاحيا حقيقيا يقطع شوطا من النجاح، ثم تأتي مرحلة تحتاج فيها مثل هذه القروض لأغراض محددة تساعد في الانتقال لمرحلة نجاح أكبر.. لكننا نحصل الآن على قرض الصندوق ولا نملك أية خطة اقتصادية لعلاج أوجه الخلل في هذا الملف ليتحول القرض إلى عبء إضافي وتتراكم مشاكلنا وتزيد معاناة المواطنين.
وكالعادة لم نلتفت لتحذيرات الخبراء من أصحاب الخبرة والدوافع الوطنية الخالصة وفتحنا المنابر الإعلامية للخبراء من عينة "عبده حريقة"، وهي الشخصية التي أبدعها أحمد رجب وتتحدث في أي مجال ولا تفهم ما تقوله لكنها تردد عبارات عامة وتسعي لإرضاء النظام بأي شكل وهؤلاء في المحروسة لا حصر لهم.
وكالعادة أيضا لم نلتفت لتجارب الدول التي تعرضت لانتكاسة اقتصادية بسبب قروض وروشتات صندوق النقد والبنك الدوليين؛ نتيجة عجزها عن إدارة اقتصادها بالطريقة السليمة ورضوخها لشروط المؤسسات المانحة.
نحن الآن نجرم النقاش العام ونسمح فقط بصدي صاخب لصوت واحد، وهنا يكمن الخطر.. فليس بهذه الطريقة ندير دولة كبيرة وعظيمة مثل مصر.. ليس بهذا الأسلوب نبني المؤسسات ونرسخ لدولة عصرية يحكمها الدستور والقانون وتحترم حق المواطن في الحرية والمشاركة في القرار.
الشعب وحده يبني حاضره ويصنع مستقبله.. وانفراد المسئولين بالقرار يؤدي لكوارث.. وقضية هامة مثل قرض الصندوق كانت تحتاج لمشاركة حقيقية من البرلمان والأحزاب ومنظمات المجتمع المدني للوصول لرؤية واضحة مضمونة النجاح.. لكن للأسف هذا لن يتحقق؛ بعد أن أفرزت الأجواء برلمانا لا حول له ولا قوة، وبعد أن تحولت الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني لمقرات صامتة تخشي تقارير اتهامها بالعمالة وتهديد استقرار الأوطان!!