رئيس التحرير
عصام كامل

مشكلة الحكومة.. ومشكلة الناس!


لا يمكن مؤاخذة الحكومة على القيام بما هو ضروري لحل مشكلتها الأساسية، والتي تتمثل في أن مواردها لا تكفي لتغطية احتياجتها، وهو الأمر الذي يضطرها دوما إلى الاقتراض من البنوك أو مؤسسات وهيئات دولية وحكومات أجنبية لتغطية هذا العجز، الأمر الذي يرهقها بأعباء هذه الديون المستحقة.


لكن في ذات الوقت لا يمكن للحكومة وهي تبحث عن حل لمشكلتها أن تتجاهل أو مجرد تتباطئ في حل مشكلة الناس الاقتصادية والتي تتمثل في تآكل الدخول الحقيقية لمعظمهم أو أغلبيتهم، الأمر الذي يؤدي إلى انخفاض مستوى معيشتهم وهو ما يؤدي باستمرار منذ عدة سنوات إلى زيادة نسبة الذين يعيشون تحت خط الفقر والذين أيضا يعيشون على هامشهم ومعرضون ومهددون بأن يضيعوا تحتهم.

فلتقم الحكومة بما تحتاجه من إصلاحات لموزانة الدولة المالية لخفض العجز فيها، وتقليل نسبته إلى جملة الناتج القومي، وتخفيض أيضا نسبة الديون المحلية إلى الناتج القومي التي بلغت مؤخرا ٩٧٪ ولكن وهي تفعل ذلك يتعين أن تحمل معظم عبء هذا الإصلاح المالي لمن يقدرون على التحمل حتى لا تضيف أعباء جديدة إضافية على من لا يقدرون على التحمل نظرا لأن ما يتحملونه الآن يفوق طاقاتهم.

عندما تخفض الحكومة إنفاقها فلتبدأ بنفسها، بأعضائها من الوزراء والمحافظين ومساعديهم ومستشاريهم وكبار موظفي هيئات ومؤسسات الدولة الذين نجحوا في الإفلات من تطبيق قانون الحد الأقصى للأجور أو الدخول عليهم.

لا يصح ولا يقبل مثلا ونحن نزيد أسعار استهلاك الكهرباء ولو بقدر محدود على أصحاب الدخول المحدودة والمتوسطة أن نترك بعض الوزراء والمحافظين يستمتع بأكثر من سيارة لاستخدامه هو وأفراد أسرته، أو أن يتقاضى كبار الموظفين في شركة مملوكة للدولة ملايين الجنيهات.

نعم إن المكاشفة والمصارحة مهمة وضرورة لاقتناع الرأي العام بحقيقة الأوضاع الاقتصادية وبضرورة علاج هذه الأوضاع.. لكن أكثر أهمية وأكثر ضرورة في تقبل عموم الناس بأية إجراءات اقتصادية صعبة.. سوف يقبل الناس من الحكومة أن تحل مشكلاتها إذا تأكدوا أنها مهتمة في ذات الوقت بحل مشكلتهم.
الجريدة الرسمية