58 عاما.. ذكرى رحيل مؤسس جريدة «المصري»
تأججت المشاعر الوطنية للصحفي محمود أبو الفتح منذ مطلع شبابه حين كتب موضوعًا باللغة الإنجليزية في الإنشاء يطالب فيه بالدستور والاستقلال، وأعطاه مدرس الفصل المصري الدرجة النهائية، بينما أعطاه ناظر المدرسة الإنجليزي "صفر".
في المدرسة ذاتها حين زار مستر دنلوب المستشار الإنجليزى لوزارة المعارف، حاول "أبو الفتح" الشكوى إليه لكنه رفض، فهتف "أبو الفتح" ضده في فناء المدرسة فتم فصله نهائيًا من المدرسة، واستكمل شهادة البكالوريا "من منازلهم".
بعد تخرجه من كلية الحقوق عمل صحفيًا في جريدة الأهرام، وأجرى حوارًا مطولًا مع اللورد اللنبي، وحقق للأهرام سبقًا صحفيًا، وكان من نتيجته سفر سعد زغلول ورفاقه إلى أوروبا، وضم سعد زغلول "أبو الفتح" إلى الوفد المسافر لعرض مطالب مصر مستشارًا إعلاميًا نظرًا لإجادته عدة لغات.
عند رحيل داوود بركات، رئيس تحرير الأهرام، كان محمود أبو الفتح أهم وأشهر صحفي في الأهرام، لذلك كان مرشحًا لرئاسة تحرير الأهرام، لكن أصحاب الجريدة اختاروا أنطون الجميل.
هنا فكر "أبو الفتح" في إصدار جريدة «المصري» وتحمس للفكرة زميليه في الجريدة محمد التابعي وكريم ثابت، وقدم الثلاثة استقالاتهم من الأهرام.
باع الشيخ أحمد أبو الفتح (والد محمود) الفدادين التي يمتلكها في المنوفية، دفعها كحصة لابنه في المصري، ودفع "التابعي" وثابت تحويشة العمر وبدءوا إنشاء «المصري».
وساهم في الكتابة للجريدة كبار الكتاب والأدباء منهم عبد الرحمن الشرقاوي، لطفي الخولي، عبد الرحمن الخميسي، حسن فؤاد، بيرم التونسي، ويوسف إدريس، وزكريا الحجاوي، وريشة رخا.
ونظرًا لإسراف التابعي باع حصته إلى الوفد، وكذلك فعل ثابت بعد أن عينه الملك فاروق مستشارًا له، واشترى نصيبهم في النهاية محمود أبو الفتح.
عندما قامت ثورة يوليو 1952 وقع خلاف بين الثورة و«المصري» عام 1954 لانحياز «المصري» إلى محمد نجيب، وكتب صلاح سالم مقالًا يتهم فيه أسرة أبو الفتح بتكوين ثرواتهم من السوق السوداء.
وكان محمود وأحمد أبو الفتح معنيين بالشكل الصحفي، فكان الخبر ثم الخبر في المقدمة، ويجيء بعد ذلك الرأي والرأي الآخر، وفجأة انقلبت الثورة على جريدة «المصري»، وحوكم محمود أبو الفتح أمام محكمة الثورة، وحكم عليه بالسجن عشر سنوات وكان خارج البلاد.
وفي 15 أغسطس 1958 توفي "محمود" عن 65 عاما، ورفض عبد الناصر دفنه في مصر، فقرر الحبيب بورقيبة الرئيس التونسي حينئذ دفنه في تونس.
