جورج إسحاق: المجالس العرفية وراء استمرار الأزمة الطائفية في مصر
>> غياب دولة القانون.. يصنع الكوارث
>> أكثر من 45 جلسة عرفية منذ 2011 وحتى الآن
>> المؤشرات المستقبلية حتى الآن غير مطمئنة
شهدت مصر مؤخرا اختلافات ومشاحنات إنسانية يغذيها الفقر والجهل وأحيانا العصبية، فتنحرف عن كونها مشاجرات لتأخد منحى آخر يحمل طابعا دينيا تتفجر على إثره عدد من الأزمات في مشهد بات متكررا، وسط غياب تام لدولة القانون، ويؤكد الناشط الحقوقى جورج إسحاق، عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان أن المجالس العرفية واحدة من أكبر أسباب استمرار الأزمة الطائفية حتى الآن.
«إسحاق» طالب في حوار لـ "فيتو" بتطبيق رؤية الرئيس عبدالفتاح السيسي تجاه مثيرى الشغب والفتنة في مصر بتطبيق القانون عليهم، واصفًا الاعتماد على الجلسات العرفية لحل تلك الأزمات بأنها «نوع من الاستسهال».. مزيد من التفاصيل في الحوار الآتى:
> في رأيك.. ما أسباب تكرار المصادمات الطائفية مؤخرًا؟
غياب دولة القانون، والاعتماد الكلى على المجالس العرفية كمسكنات لتهدئة الأزمة وانكسارها دون حلول فعلية وجادة من شأنها القضاء على جذور المشكلة، إضافة إلى غياب دور الدولة ومؤسساتها وعدم التضافر والتنسيق فيما بينها، لوضع رؤية واقعية لتفادى تكرار تلك المشاهد.
> وكيف تابعت استقبال الرئيس السيسي للبابا تواضروس الثانى مؤخرًا في رئاسة الجمهورية؟
خطوة ممتازة وإيجابية.. وفى رأيى أن الرئيس السيسي وحده هو القادر على إنهاء هذه التوترات بشكل كامل.
> هل أنت مع التيار المؤمن بأن هذه المصادمات غير ناتجة عن أسباب وعوامل دينية؟
نعم مقتنع تمامًا، أن المصادمات الطائفية في الصعيد وغيرها من محافظات مصر، في أغلبها لم يكن السبب الرئيسى فيها دينيا أو حتى اختلاف على بناء دور العبادة، ولكن عادةً ما يكون لها بعد ثقافى واجتماعى واقتصادى.
> لماذا تلجأ الأجهزة الأمنية إلى المجالس العرفية؟
نوع من أنواع الاستسهال، ظنا منها أن هذه المجالس هي أقصر طرق للتهدئة، والتجارب السابقة تؤكد ذلك حتى وإن كانت أبعد الطرق للحل الحقيقي، فهناك أكثر من 45 جلسة عرفية منذ قيام ثورة يناير وحتى الآن،
> البعض يتهم مستخدمى مواقع التواصل الاجتماعى بالمبالغة عند تناول تلك الأزمات؟
غير صحيح بالمرة، بالعكس استطاعت مواقع السوشيال ميديا «فيس بوك» و«وتويتر» أن تلعب دور الإعلام البديل لكشف أخطاء الجميع والتداعيات التي تنتج عنها، وكان على رأسها حادث المنيا، بعدما استمرت سياسة التعتيم والضبابية
> إذن.. فما رؤية المجلس القومى لحقوق الإنسان لهذه المصادمات؟
المجلس تقدم بعدد من المقترحات إلى كل هيئات ومؤسسات الدولة ذات الصلة، وشكلنا منذ بداية عمل المجلس بتشكيله الحالى منذ عام 2013 لجان تقصى حقائق حول أزمة المنيا والعامرية، ورفعنا بها تقارير للجهات المعنية، تضمنت آليات وأدوات تعمل على الحد من هذه المشاحنات والعمل على تلاشى العوامل التي تؤدى إلى حدوثها.. نتوافق مع التقرير التاريخى للدكتور جمال العطيفى، والمقترحات التاريخية التي وضعها لقطع دابر الحوادث الطائفية من خلال تشكيل لجنة دائما ترفع تقاريرها بشكل دوري للجهات المعنية، كما أن المجلس ينوى تنظيم ورش عمل لمناقشة التطورات التي طرأت على الشخصية المصرية، والعواقب التي تنتظر المجتمع إذا لم تضع القواعد الأساسية لحل مثل هذه الأزمات والتعامل معاها بجدية.
> هل لعبت منظمات المجتمع المدنى دورًا جادا للحد من هذه المصادمات الطائفية؟
تقزم دور منظمات المجتمع المدنى وغيابها عن المناطق المهمشة كان واحدًا من أهم العوامل التي أدت إلى تفاقم هذه المصادمات، نظرًا لتقصيرها في الدور التنموى والثقافى المخول لها القيام به في هذه المناطق الفقيرة والتي ترتفع فيها نسب الأمية وينخفض الوعي.
> أعطنا تقييمًا لأداء الدولة وتعاطيها مع هذه الأزمات ذات الصبغة الطائفية؟
سيئ للغاية، إذ تعتمد المؤسسات المعنية على المجالس العرفية كعامل أساسى ورئيسى لفض المنازعات مع إغفال دور القانون، رغم أن الرئيس عبد الفتاح السيسي أكد على ضرورة محاكمة مثيرى الفتن طبقًا للقانون ومبادرته باستقبال البابا تواضروس الثانى، أما عن المؤشرات المستقبلية حتى الآن فهى غير مطمئنة.
> ما روشتتك لمواجهة هذه المصادمات؟
الحل يكمن في تطبيق القانون على كل مخطئ، وأن يكون هناك تعاون وتضافر بين مؤسسات الدولة لتقويم سلوك المواطن المصرى وتحديدا في الصعيد من خلال رفع الوعى الثقافى والمعرفى والاجتماعى وحتى الديني، وألا يقتصر الأمر على المجالس العرفية ورجال الدين وأحد ممثلى الطرفين المتصادمين، وكذلك نحتاج دورا تنمويا أكبر لمنظمات المجتمع المدنى داخل النجوع والقرى، فالكل وفقًا لرؤيته وتخصصه يمتلك جزءَا من الحل.
الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"