السر عند الرئيس
الأصل في استمرار أي حكومة والاحتفاظ بموقعها قدرتها على ترجمة رغبات المواطنين إلى حقيقة ملموسة وتحويل الفشل إلى نجاح وخلق مناخ عام أن القادم أفضل والنجاح صعب، ولكنه ليس مستحيلا وأن يشعر المواطن الفقير أن الحكومة بكامل أعضائها تعمل من أجله وأن يشعر المستثمــر أن مهمة الحكومة الأساسية تذليل العقبات أمامه حتى ينعكس على خفض الأسعار وتوافر فرص العمل وزيادة الإنتاج، وإذا حدث من جانب الحكومة سيكون المواطن البسيط أكثر حرصًا على الدفاع عنها من رجال الأعمال.
أما أن تفعل حكومة المهندس شريف إسماعيل عكس السطور السابقة وتعمل على إنجاز كل ما هو ضد المواطن البسيط ورجال الأعمال أيضًا كما أنها فشلت في مواجهة الأزمات الطارئة والمزمنة بجدارة حتى أنها لم تنجح في حل أزمة القمامة في حي مثل إمبابة، فمن المؤكد أن هناك سرًا في بقائها فما الذي فعلته هذه الحكومة؟
هذه الحكومة تخالف تعليمات الرئيس.. فالرئيس في كل مناسبة يقول لأعضاء الحكومة حتى أنه في مناسبات كثيرة ينادى على رئيس الوزراء والوزراء بالاسم موجها كلامه إليهم، فهموا الناس، اشرحوا للمواطنين، اقتربوا من البسطاء، ولكن للأسف الشديد لا أحد يتحدث مع المواطنين ولا أحد يخاطب الناس -فرئيس الوزراء لم يقسم على رعاية مصالح المواطنين بل أقسم على عدم الكلام- فأكثر ما يزعجه الحديث وكأنه فاقد النطق، فرئيس الوزراء لا أحد يشعر بوجوده أو أن هناك منصب رئيس الوزراء وأن هناك شخصًا اسمه شريف إسماعيل يشغل هذا المنصب.
المهندس شريف إسماعيل ما زال مندهشًا من اختياره رئيسًا للوزراء ومازالت الدهشة تعلو وجهه وتفرض نفسها على تصرفاته فهو يتصرف كأنه في مهة مؤقتة وسيترك مهمته خلال شهور وربما أيام ولا يوجد داع لإرهاق نفسه كل ما عليه هو تسير العمل وتوقيع القرارات العاجلة أما باقى القرارات فهى من نصيب القادم ولا مانع أن تنتظر هذه القرارات شهور أو سنوات، فبعضها ينتظر منذ عشرات السنوات وللأسف الشديد هذه الثقافة، ثقافة الفترة الانتقالية تفرض نفسها على أداء الحكومة والأجهزة في مصر فأكثر القرارات مؤجلة للقادم..
لا توجد جرأة في اتخاذ القرار، فوزير الصحة في جولة ميدانية داخل مستشفيات مدينة "القرنة" بالأقصر -موطن شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب- يعلن انزعاجه من الخدمة الطبية داخل المستشفيات وأنه لن يترك هذا الأمر وسيغير هذا الواقع فورًا طالما أنه يمتلك التغيير فلماذا لا يفعل هذا داخل مستشفيات أكثر بؤسًا من بلد شيخ الأزهر؟ مستشفيات لا يوجد بها أطباء أو إمكانيات يوجد بها مرضى فقط ولماذا ينزعج الوزير فقط وهو يقف بجوار شيخ الأزهر ولا ينزعج وهو يقف وسط المرضى البسطاء.
وإذا انتقلنا إلى الرقابة على الأسواق فحدث ولا حرج فالأسعار تطارد المواطنين في كل شيء ولم يعد في مصر شيء اسمه سعر رخيص.
وفى أزمة الدولار التي ظلت عرضًا مستمرًا على مدى فترة طويلة تجاهلت الحكومة الأزمة وتعاملت مع الموضوع على أساس أن تكليف رئيس الجمهورية لها لم يدخل ضمنه حل أزمة الدولار وأن هناك محافظًا للبنك المركزى، فهل يعمل الرجل بمفرده؟
وفى الزراعة تعالت أصوات الفلاحين ولم يستمع أحد إليهم بعد أن ارتفعت أسعار المبيدات والتقاوى والأسمدة، وفى التعليم والري والثقافة والقوى العاملة والنقل والكهرباء و..... و.... و....... وغيرها من الوزارات فحالة عدم الرضا تفرض نفسها على الجميع، فلماذا الإصرار على الاحتفاظ بشريف إسماعيل؟!