السعودية تربح.. ومصر تخسر !
في جولة التطبيع الشعبي والرسمي خسرت مصر وربحت السعودية.. هذا هو ملخص ما حدث في دورة الألعاب الأوليمبية بريو دي جانيرو البرازيلية 2016.. فقد أصر اللاعب المصري إسلام الشهابي على مواجهة اللاعب الإسرائيلي الذي جمعته به القرعة طمعا في تكرار فوز بلا معني لزميله أحمد وحيد على غريمه الإسرائيلي أيضا على الرغم من وجود دعوات على شبكات التواصل الاجتماعي تدعو اللاعب المصري للانسحاب من المباراة، إلا أنه أصر على خوض اللقاء، حيث أعلن عن إصراره على المواجهة والفوز بها، فخسر بالثلاثة المباراة والسمعة والتأييد الشعبي في مصر ولم يربح سوي الشماتة الإسرائيلية ويفكر جديا في الاعتزال حتى لو رفض مصافحة الإسرائيلي لأن المصافحة وحدها لاتكفي لرفض التطبيع.
على جانب آخر، وفي نفس هذه الدورة كان للاعبة الجودو السعودية جودي فهمي، موقف مغاير من المباراة التي كانت مقررة مع اللاعبة الإسرائيلية «جيلي كوهين»، في دور الـ 32 للبطولة بدعوى إصابتها، وذكرت صحيفة، «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية وقتها، أن السبب الرئيسي وراء انسحاب «فهمي» من منافسات لعبة الجودو لعدم رغبتها في لقاء الإسرائيلية «جيلى»، موضحة أنها تعمدت الانسحاب رغم أنها الأفضل بعدما علمت أنها ستواجه الإسرائيلية.
وهو ما يعني ببساطة أن اللاعبة السعودية وإن خسرت المباراة بالانسحاب فقد كسبت تأييد القوى الشعبية الكبيرة الرافضة للكيان الصهيوني المحتل وربحت مع ذلك سمعتها بل وسمعة بلدها لتكشف المرافقة عن رفض سعودي للتطبيع وقبول مصري على المستويين الشعبي والرسمي.
فعلي المستوي الرسمي علق، وزير الشباب والرياضة المصري على دعوات رفض المواجهة، بأن مصر ملتزمة بالميثاق الأوليمبي، مضيفًا: «بما أننا قبلنا باللعب تحت الراية الأوليمبية، فعلينا القبول بالمنافسة مع الجميع، بصرف النظر عن أي شيء»، متابعا «إننا سنلعب من أجل الفوز والمنافسة على ميدالية أوليمبية، والميثاق الأوليمبي لا يعترف بالانسحاب، وإلا سنتعرض لعقوبات، وهو أمر لا نقبله».
واذا كان هذا هو رأي المسئول الرسمي عن الرياضة والشباب في مصر وهو متوقع بالطبع، وكان أجدر به ألا يعلق أصلا ويصمت لو أراد خيرا، فالمشكلة أنه يدفع بهذه النوعية من التصريحات لدفع شبابنا الذي هو وزيرهم لهذا التطبيع قبل أن يفيقوا على خسارة مدمرة لأنفسهم تزلزل كيانهم وتدفع بهم للتفكير في الاعتزال كما يفكر الشهابي الذي هو بالتأكيد ضحية هذا النوع من التصريحات غير البريئة للمسئول المصري، ففي المقابل لم يعلق نظيره السعودي على رفض البطلة السعودية المواجهة مع اللاعبة الإسرائيلية، فهل يعني ذلك أن السعودية أكثر تقدما في قضية التطبيع الرسمي والشعبي من مصر التي تملك كيانات وتاريخ ووعي من هذه القضية؟ أم أن ذلك شق من الانزواء والتراجع المصري على كل المستويات خلال السنوات الأخيرة حتى على مستوى قضية بحجم التطبيع التي من المفروض أننا نملك فيها صك البراءة والصمود والانفراد والاحتكار والريادة لسنوات طويلة !!
ورغم أن آخر المواجهات التي جمعت مصر وتل أبيب، عام 2012، بين لاعب مصري وآخر إسرائيلي، بعد أن وافق بطل الجودو المصري رمضان درويش، مواجهة غريمة الإسرائيلي «إريك زائيفي»، وتحقيق النصر عليه، رافضًا بعد ذلك مصافحة منافسه، إلا أن نفس هذا الأولمبياد وقتها قد شهد أيضا انسحابات عدة، كان من أشهرها انسحاب منتخب الهوكي، رافضًا اللعب ضد إسرائيل، وفي نفس العام انسحب لاعب المنتخب الوطني للجودو أمام الإسرائيلي «تيل بلاكير».
لقد خسرت مصر قضية جديدة في مجال الرياضة والسياسة رغم خبرتها وتاريخها، بينما ربحت السعودية بحداثة هذه الخبرة، ويبدو أن الوعي والمواقف الشجاعة لم تعد تقاس بأقدمية الدول ولا بحضارة ألوف السنين، وإنما تقاس بهمم الأمم وإصراراها على الصعود وتجاوز التاريخ الذي نعيشه الآن وسط دعوات مزيفة لخلط الأوراق وتزييف الحقائق وخلع آخر ورقة توت تستر عورات بعض المسئولين في هذا الوطن.