رئيس التحرير
عصام كامل

حسين بهاء الدين.. ونصف قرن من العطاء !


في هدوء وصمت رحل الدكتور حسين كامل بهاء الدين وزير التعليم الأسبق، بالرغم أن تاريخ هذا الرجل ملىء بالحركة والحيوية والنشاط من أجل مصر، معظم من يعرف الدكتور حسين كامل بهاء الدين يعرفه من خلال منصبه الوزارى للتربية والتعليم فقط..


 ولكن لايعرفون تاريخ الرجل في خدمة مصر على مدى أكثر من نصف قرن، فمنذ 1965 كان أمينا لمنظمة الشباب التي كان من أهدافها تنمية بشرية للشباب على أسس قوية، مما يجعل خلق كوادر قيادية منها سهلا، ويروى الدكتور إبراهيم الخولى "وهو ابن عم القطب اليسارى لطفى الخولى"، عن الدكتور حسين كامل بهاء الدين قائلا: كان نموذجا للانضباط، كان برنامج المعسكرات لطلبة المنظمة يتضمن كل شىء من المعارف بلا استثناء وبلا أي تحيز بحيث يكون الطالب لديه قدرة على التفكير السليم ولا ينقاد،وبقدر صرامته وحزمه الا أنه كان دائما في صف الطلبة حتى يطمئن تماما على راحتهم.


للعلم فقط الدكتور إبراهيم الخولى هو أحد الأصوات المنتمية للإسلام السياسي أي لا يمكن أن يجامل أي الأصوات التي كان مهددا من الجماعات الإرهابية وكانت تريد اغتياله، وهذا الرأى ليس وليد اللحظة ولكنه قديم ونظرا لعلاقتى القديمة معه، وربما يعرف الكثير من الأصدقاء أن منظمة الشباب قدمت لمصر عناصر قيادية في جميع المجالات وأيضا في جميع الاتجاهات الساسية، منهم اليسارى والرأسمالى، حتى منهم من اعتنق الإسلام السياسي، وهذا دليل على عدم صحة ما أشيع من منظمة الشباب بأنها كانت محاولة لخلق أجيال ذات فكر واحد واتجاه واحد، وهنا اتذكر ما قاله الدكتور على الدين هلال لى منذ أربع عشرة سنة وكان أحد الشباب الذين تتلمذوا على يد الدكتور حسين كامل بهاء الدين: كان يجهزنا لنكون جنودا لمصر وليس لنظام.

فهل يعلم أحد أن شباب المنظمة كان طليعة المظاهرة الوحيدة التي قامت ضد جمال الناصر عندما صدرت الأحكام على القادة في حرب 5 يونية وماسميت بأحكام الطيران، وربما بدأ عبدالناصر يعيد النظر في مستقبل هذه المنظمة بعد هذه المظاهرة، الكلام هنا للدكتور على الدين هلال الذي يعد أحد أبرز الخبراء في مجال الاقتصاد والعلوم السياسية، بعيد أن المناصب السياسية.

كان د.حسين كامل بهاء الدين وراء إنشاء مستشفى أبوالريش، كما كان وراء إنشاء مستشفى57 للسرطان وكان الجندى المجهول الذي عمل وراء هذا العمل المتميز، أما بالنسبة لمنصبه الوزارى فهذا أمر يطول الحوار فيه، كانت أولى المشكلات هي إلغاء السنة السادسة الابتدائية ولكن أذكر أن د.حسين كامل بهاء الدين استعان بعدد من الأبرز في مجال التربية والتعليم على رأسهم د.حامد عمار، د.سعيد إسماعيل على، د.عبدالعزيز حمودة، د.محمود الناقة....إلخ...

وأذكر أن هذه اللجان كانت تقدم أفكارا وحلولا جذرية لمشكلات التعليم المختلفة، ولكن كان يتفاجأ هذا الفريق وأيضا الوزير بصدور قرارات أخرى غير ما تم الاتفاق عليه.

وأذكر هنا، سألت د.عبد العزيز حمودة عن التعليم وإلى أين نحن ذاهبون ؟ قال: لقد حاول كثيرا د.حسين ولكن الفساد أصبح نظاما يقاوم أي إصلاح يقوم أي وزير..!

 انتهى كلام د.عبدالعزيز حمودة وأضيف عليه أن د.بهاء الدين حاول ترك الوزارة أكثر من مرة فلم يستطع، وهنا لابد أن نذكر له أنه عادى الجماعات الإرهابية وكان المطلوب تصفيتهم منها، وأعتقد أن شهادته للتاريخ كتابه الرائع "الشباب والعولمة في عالم بلا هوية"، وبعده صدر كتابه الوثيقة "التعليم والمستقبل" الذي أوضح رؤيته للتعليم،وأنه حجر الأساس لأى تقدم..!

ولكن السؤال ماذا فعل بعد تركه الوزارة ؟ رجل عمل مع جمال عبدالناصر، ومع أنور السادات، ومع حسنى مبارك، ومع هذا لم يتكلم بحرف واحد على مرحلة أو أي حديث صحفى أو الظهور على الشاشات، وكنت حاولت معه نظرا للعلاقة التي تربطنى به على مدى سنوات طويلة ولكنه كان يعتذر بأدب وبحياء شديدين!

 أتحدى أن يكون ظهر ولو دقيقة منذ تركه الوزارة، وذهب لممارسة عمله وحياته في خدمة الطب والأطفال والإنسانية.. رحم الله د. حسين كامل بهاء الدين ابن مصر البار.
الجريدة الرسمية