محافط «النكسة» وحكومة الجباية
وسط هيمنة الأزمة الاقتصادية في مصر، وضع رئيس البرلمان د.على عبدالعال يده على حل يحد من المضاربة بالدولار، نادى به البعض من قبل ولم تجرؤ حكومة شريف إسماعيل ولا محافظ البنك المركزي طارق عامر على اتخاذه أو حتى التفكير فيه، دعا عبدالعال في جلسة البرلمان إلى تشديد العقوبة على تجار العملة حتى لو وصلت للإعدام، وأضاف "بعض الدول فرضت عقوبة الإعدام، للمتاجرة بالعملة في السوق السوداء، لاسيما في المراحل الحرجة ونحن في حالة حرب، وشركات الصرافة بمثابة سرطان في جسد الاقتصاد المصري". أما الحل الذي اقترحه عبدالعال فلخصه في، "أتمنى أن يتقدم أعضاء مجلس النواب بمشروع قانون لإلغاء شركات الصرافة".. إلغاء شركات الصرافة قد لا يقضي على المشكلة لكنه سيحد منها بشكل كبير، على أن يكون البديل "صرافة" حكومية تتعامل بموجب إيصالات رسمية، أو تفتح البنوك أبوابها مساء لمن يريد استبدال العملات، ومن يتاجر بعدها في العملة تنفذ فيه عقوبة الإعدام.
أما الإجراءات المشددة التي وعد بها طارق عامر وشريف إسماعيل لمواجهة الغضب الشعبي، فلم تزد عن حملات أمنية لمطاردة المضاربين بالدولار، لكن أين كان الأمن وتشديد الرقابة قبل انهيار الجنيه أمام الدولار، ولماذا لم يتحرك طارق عامر ومعه شريف إسماعيل في هذا الاتجاه وانتظرا حتى "خراب مالطا"؟!.. الواقع أثبت أن كلاهما "فاشل" وغير جدير بالمنصب الذي يشغله.. كما أنهما يعملان بمعزل عن بعضهما !
عندما سئل طارق عامر الشهر الماضي عن لجوء مصر إلى صندوق النقد الدولي، نفى ذلك لتعلن الحكومة بعدها بأيام عن مفاوضات القرض، وقبلها صرح بأن لديه خطط وسياسات مالية ستجعل الدولار يهبط إلى أربعة جنيهات.. لكن يبدو أن "النكسة" سمة عائلة عامر، فالمشير عبدالحكيم عامر تسبب في هزيمة عسكرية و"نكسة 67"، وجاء طارق عامر ليتسبب في انهيار و"نكسة الجنيه"، فجميع قراراته خاطئة وتأتي بنتائج عكسية!.
يتحدث شريف إسماعيل يوميا عن اجتماعات يستعرض خلالها "إجراءات وخطوات وجهود حكومية لضبط الأسعار ومكافحة الغلاء وجشع التجار.. إلخ".. أما على أرض الواقع فكلها بيانات من حكومة "عاجزة"، فقد تسلمت اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب، تقريرًا من البنك المركزي أشار فيه إلى أن "إجمالي المساعدات المالية التي حصلت عليها مصر بلغت 29 مليار دولار، وأن أكبر الدول المانحة هي السعودية بـ 8 مليارات دولار، تليها الإمارات بـ 6 مليارات دولار، ثم الكويت 5 مليارات دولار.. ورصد تقرير المركزي زيادة كبيرة في أسعار اللحوم والدواجن والأسماك وزيوت الطعام والسكر والشاي، حيث بلغ معدل الزيادة 12 % خلال الأشهر الستة الأولى من العام الحالي".. وهذا التقرير في حد ذاته دليل دامغ على "فشل" شريف إسماعيل وحكومته.
لا ننكر أن خفض قيمة الجنيه ثم الارتفاع الجنوني في سعر الدولار، أدى إلى الغلاء. فلو كان لدينا حكومة ذكية وقوية لتمكنت من ضبط الأسواق، لكن استمرار شريف إسماعيل وحكومته الفاشلة سيزيد تفاقم الأمور، خصوصا بعد العجز عن تحقيق انفراجة في أي ملف يهم المواطن البسيط.. رغم أنه يعد في كل إطلالة بعدم تأثير الأزمة الاقتصادية على الطبقة الكادحة وإيجاد بدائل للفقراء. واتضح أنها "مسكنات إعلامية"، حيث استهدفت الضرائب والزيادات الحكومية "جيب المواطن" وزادت معاناته بدلا من أن تخفف عنه!!
نقول لطارق عامر وشريف إسماعيل، يجب أن تواجها تجار الدولار دون غض الطرف عن تاجر أيا كان، خصوصا أن تجارة السوق السوداء ليست مقتصرة على "الإخوان" فقط، ووصل الأمر ببعض تجار العملة إلى التعامل بالهاتف و"توصيل منازل"، وما عليك سوى الاتصال ليصلك المندوب ومعه العملات لتحويل ما تريد بسعر السوق السوداء!!..وكما يقال: "إن كنت تعلم فتلك مصيبة وإن كنت لا تعلم فالمصيبة أعظم"!!.