رئيس التحرير
عصام كامل

وماذا بعد انتهاء زمن المُليِّنات في عصر(محمد رمضان)؟!


بدون حرج ولا تحفُّظ فلستُ صاحب الخبر ولا بالتأكيد الاختراع الذي يقضى على الإمساك نهائيًا؛ فالعبد لله مُجرَّد كاتب، لا هو عالم ولا باحث ولا طبيب ولا حتى باش حكيم، لكنى سعيد زى حضرتك وزى كُل مَن عرف الخبر، فأخيرًا انتهى زمن المُلينات بعد ظهور عقاقير جديدة لعلاج حالة الإمساك المُزمن، وتعتمد هذه العقاقير على تنشيط حركة الأمعاء فيجيب نتيجة وتتحل المُشكلة وتتحوَّل برمتها من الجهاز الهضمى لسيادتك لمواسير المجارى، وفى ذلك اختبار قاس لجهاز حماية البيئة بصراحة، ده لو نجحت المواسير المذكورة في أداء عملها بكفاءة من غير ما تضرب في الشوارع والميادين!


المُهم أن الخبر سار بكُل المقاييس، ومُنذ فترة قرأت أخبارا سارة أخرى تؤكد قُرب تشغيل جهاز لعلاج مرض السُكر، والجهاز باختصار مُخل يقوم بدور البديل للبنكرياس، ويُمكنك بدون مجهود البحث عن جوجل لتعرف حقائق أكثر، المُهم أن الأمر يدعو للتفاؤل حول إمكانية علاج الأمراض والمتاعب المستعصية، ويجبرنا على امتلاك طموحات إضافية لتخليصنا من المزيد من الأمراض والأوجاع لا سيما المُجتمعية مثلًا أو الفنية، وهناك الملايين من الحالمين بتخليصهم من حالات الصُداع النصفى المُزمن الناتج مثلًا عن الجيوب الأنفية، أو الصُداع الزوجى المُستعصى الناتج ربما عن الجيوب الفاضية!

لكن هل يُمكن تخليصنا من ظاهرة انتشار الجهل والبلطجة في المُجتمع والناتج عنها تفشى ذات الظاهرة في الفن دراميًا وسينمائيًا فنقل ذلك للمُجتمع بصورة أكثر كثافة؟ ما يحدُث هو أن يقوم أحدهم بفعل خارج عن القانون والمألوف في الشارع، ينزل مثلًا عريان ماسك سيف ويدبح واحد بسبب خلاف بينهما، ييجى مُمثل زى (محمد رمضان) يعمل لنا الشخصية دى في مسلسل أو فيلم سينمائى، طبعًا لازم يطلع بطل ومظلوم ومقهور رغم إنه في الحقيقة بلطجى يستحق ضرب النار، تقوم الناس تتعاطف معاه، ويقوم آلاف المُراهقين والشباب بتقليده، هوب ينتقل النموذج الشاذ بفضل السينما والتليفزيون ليصبح ظاهرة مألوفة لا عملا فرديا، والبركة في الشاشة كبيرة أو صغيرة!

المُشكلة أن جهل (رمضان) واضح لكُل ذى عينين، ولا أعلم كيف تحوَّل لأسطورة تُفتَح له الميكروفونات وتُطارده الكاميرات ليقول في لقاء تليفزيونى إن مُنتقديه مُجرَّد حاقدين، ويضرب مثلًا بـ(عبد الحليم حافظ) الذي غنى أغنية خارجة عن الأدب ـ على حَد قول الجهبذ ـ حين قال "قدَّك الميَّاس يا ولدى".. ويؤكد (رمضان) بلُغة الخبير وكأنه هو مُخترع الكشاف أبو شاحن أو مُكتشف عقار الإمساك إياه قائلًا أمام المُذيعة المبهورة به: "القَد ده جُزء حساس من الجسم (يُشير بيديه كده علشان يفهِّمنا مدى حساسية هذا الجُزء) وهو قال قدَّك المياس، عادى مُمكن نعديها علشان مش بنقف على غلطة"!

قارن (رمضان) بين نفسه والجرائم التي يرتكبها، ومعها البلطجة الفنية التي صارت مهنة له يأكُل من وراها الشهد بالهنا والشفا، طالما هُناك مَن يُقبل على مُشاهدة أعماله ولسنا أوصياء على أحد، وبين (عبد الحليم حافظ) ورائعته الفنية مداح القمر التي كتبها الشاعر (محمد حمزة) في سابقة إجرامية جديدة لا يُقدم عليها إلا مَن كان بعقلية (محمد رمضان) اللى قال إيه مش بيقف على غلطة العندليب، وبمُناسبة العقلية فكلمة "قدك المياس" ليست شتيمة ولا قلة أدب خالص، والقد هو القامة أو القوام لو سألت أي طفل في رابعة ابتدائى سيعرفها، أما "قدَّك المياس" فمعناها القوام الممشوق، العود الحلو يعنى بالبلدى!

المُصيبة أن المُذيعة المبهورة بالضيف اللى قاعد يفتى وهو مش فاهم حاجة لم تتدخَّل للتصحيح، ولم يتدخَّل فريق الإعداد بتاعها للتصحيح، محدش قال له إنت مبتفهمش، محدش حاول يغيَّر الموضوع ويقول له حاول تتكلَّم عن تخصُصَك سنجة أو مطواة أو صدر عريان، ربما خافوا من أن يتهمهم (رمضان) بأنهم من ضمن الحاقدين على نجاحات حضرته، فهل مُمكن أن نجد أي عقار أو كبسولات لعلاج مثل هذه الفيروسات التي تنهش مُجتمعنا بلا رحمة وتصل بالفَن للحضيض بدون شفقة؟ بالمُناسبة يا حاج (رمضان) كلمة الحضيض دى مش شتيمة جنسية ولا هي جُزء من أجزاء الجسم قليلة الأدب، لكن مش معنى كده إنك تتفلسف وتسمى نفسك (الرجُل الحضيض) في الفيلم القادم أو تطلع لنا بعبارة من العبارات المُستهلكة "ثقة في الله هوصل للحضيض".. وإن كان هذا أفضل ما يُمكن قوله لو جيت للحق!
الجريدة الرسمية