بالفيديو.. بيع الأنتيكات «مهنة يبقيها العشق» «تقرير»
تتراص بجانب بعضها بعضًا، تسر الناظرين وتعبق أنوفهم برائحة الأصالة، وتروي الأتربة المتراكمة على أسطحها عن أزمنة غابرة أخذت من قوتها ونفثت في روحها جلال التراث، ليزداد جمالًا لا تلمحه وتقدره إلا عين فنان عاشق للماضي وأشيائه.
"الأنتيكات".. هواية أسرت ألباب كثيرين، إلى الحد الذي جعل من أصحابها يلهثون وراء اقتنائها مهما كلفهم الأمر من مشقة البحث وإنفاق الأموال.
يعد شارع المعز لدين الله الفاطمي بالقاهرة، أحد أهم الشوارع الأثرية التي تضم عشرات من محال الأنتيكات التي جمعها أصحابها من كل حدب وصوب في البلد، ورغم ركود حركة السياحة وما ترتب عليه من ركود تجارتهم واعتمادهم فقط على "الزبون" المحلي فإن كثيرين مازالوا يتمسكون بتلك التجارة لما تركته تلك المقتنيات الفريدة من عشق في أفئدتهم.
بطاقة تعارف
يروي فصول روايتنا "عم ثروت" الذي أبدى للوهلة الأولى شغفًا وهو لا يكاد يفسر ما يَعتريه من شعور، حيث امتزجت ضحكة من ثغره بدمعة رقيقة تأبي أن تُذرف، وتباينت ردود أفعاله فهو لا يبات يستوعب أن أحدًا ما زال مُهتمًا بعشقه الأول والأخير وهو "الأنتيكا"، فقد قضى عمره في خضم مهنة توارثها عن جدوده وتشبَّع قلبه بحبها حتى غلبه الحنين، فهي الحبيبة والمؤنس والرفيق.
شوق مستمر وحنين لا ينقطع
يقولون "غلبه الشوق حتى أتعبه"، بطلنا أصبح كالهائم على وجهه أو كالظمآن وقد تلاعب به السراب، فمرض الجسد سيأتي عليه وقت ويبرأ، ولكن مرض العشق لا ينقطع، فقد أصبح "عم ثروت" موهومًا بعشقه لمهنته التي توارثها عن جده، حيث آل به الحال كل يوم أن يجلس بجوار مقتنياته ليطمئن عليها ويحاورها "كالمعشوق يُناجي حبيبته" أو "كالأم ترعى صغارها"، إنها حقًا قصة تستحق أن تُدرس وتتناقلها الأجيال، رواية عزَّ على كثيرين من الكتاب أن تتوارد أفكارها في مكنون بصائرهم.
التاريخ لا يُقدر بثمن
لم نسمع يومًا أن أحدًا قد ابتاع "حضارة" أو استعار "ماضيًا"، كثيرًا ما يخالطنا أسى لا يكاد يبرحنا وشعورٌ لا يزال ينتابنا من رؤيتنا أننا قد نسينا حتى تناسينا مُجبرين في زخم الأيام "تراثنا" الذي كنا وما زالنا نتغنى به أمام العالم بأسره، فبطل روايتنا قد تشققت عيناه من الحزن وتفتت بين جنبيه غُصة من المرارة وهو يسرد، وهو لا يكاد يستوعب ما يقول، أن "المهنة قد اندثرت بسبب الحالة الاقتصادية التي تعانيها مصر مؤخرًا"، فالمُشتري حتى يستطع اقتناء مثل تلك الأشياء القيمة لابد أن يكون دخله كبيرًا، ورغم ذلك لم ينقطع "عم ثروت" عن عشقه الأول والأخير حيث لم يبرح مكانه وهو يتنقل من بلد إلى بلد يجره حنينه في جمع "الأنتيكات" من المزادات المنتشرة في ربوع مصر حتى تطور به الأمر للسفر للخارج، إنه حقًا ممر من التاريخ قد شَرُف بدخوله وتصفح جنباته الكثيرون الذين كانوا ولا يزالون فخرًا تتناقله الأيام وقصة تُروَى حكايتها فلن تنقطع.