رئيس التحرير
عصام كامل

في البنك الزراعي.. الرئيس وبطانة السوء (2)


تناولنا في المقال السابق تاريخا مختصرا لبنك التنمية والائتمان الزراعي، واستعراضا موجزا لبعض وقائع الفساد به، قبل مجيء الرئيس الحالي لمجلس الإدارة.. ونكمل:

حلم الموظفون المضطهدون بعهد جديد، مع قيادة جديدة.. وبالفعل كان "السيد القصير" عند حسن ظن مرؤوسيه به.. فاقتحم أعشاش الدبابير، وأطاح بعدد لا بأس به من عتاة المستشارين الذين تخطوا سن التقاعد، وكانوا يحجبون ضوء الشمس عن الشباب والكوادر، ويمارسون عمليات "تجريف" للكفاءات، من أجل الاستمرار في مواقعهم ومكاسبهم.

وفي بادرة طيبة، تجاوز الرجل كل اللوائح، وألقى بالبيروقراطية "من الشباك"، لينقذ موظفا بقطاع المنوفية مريضا بالفشل الكلوي.. وبدلا من أن يتحمل البنك 50% فقط من تكاليف جراحة زرع الكلية، أصدر قرارا جريئا بتحمل 100% من تلك التكاليف.

وفي واقعة التعدي على أحد حراس الأمن بفرع إيتاي البارود، تصرف بسرعة كبيرة، حيث أنجز التحقيق، وصدرت العقوبة بحق المخطئ خلال أيام.

هذا بعض من كل، أو غيض من فيض، مما قام به "القصير" منذ تولى مسئولية إدارة البنك؛ بعد أن انتعشت الأماني، وارتفع سقف الطموحات في قلوب المظلومين والمضطهدين بأن موعد الإطاحة بباقي أعضاء "عصابة الشر"، و"بطانة السوء" آت لا ريب.
أخشى ما أخشاه أن توأد الأحلام الجميلة على صخرة النفاق، فالفاسدون لم ييأسوا، ولم ينسحبوا من حول رئيس مجلس الإدارة الجديد، وما زالوا يبذلون قصارى جهدهم لحجب الحقائق عنه، وإبراز ما يرغبون فقط، ويرددون الأكاذيب، ويروجون الشائعات؛ أملا في الإبقاء على مكاسبهم، وتوجيه قرارات الرجل كما يشاءون، وحيثما تتحقق مآربهم.

الموظفون والعمال يعقدون آمالا كبارا عليك، فلا تخذلهم.. ما زالت الفرصة سانحة أمامك للفكاك من الحصار، والانحياز إلى جانب الموظفين والعمال.. لماذا لا تقوم بجولة شاملة على الفروع وبنوك القرى، مثلما فعل على شاكر، الرئيس الأسبق، الذي كان له تجربته الحافلة في البنك الوطني للتنمية، قبل أن يتولى البنك الزراعي، ونجح في تحويل ديونه إلى إيرادات؟! هذه الجولة ستكون شديدة الأهمية لتتعرف على المشكلات، وتستمع إلى الشكاوى، وتنصت إلى الاقتراحات، وتلمس الواقع بنفسك.

في كل مكان هناك مخلصون، ندعو الله أن يعينك للعثور عليهم، والاستعانة بهم في حربك الطويلة ضد الفساد، والفاسدين، قاتلهم الله أنى يؤفكون.

قال رسول الله، صلى الله عليه وآله: "مَا بَعَثَ اللَّهُ مِنْ نَبِيٍّ وَلا اسْتَخْلَفَ مِنْ خَلِيفَةٍ إِلاَّ كَانَتْ لَهُ بِطَانَتَانِ؛ بِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالْمَعْرُوفِ وَتَحُضُّهُ عَلَيْهِ، وَبِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالشَّرِّ وَتَحُضُّهُ عَلَيْهِ، فَالْمَعْصُومُ مَنْ عَصَمَ اللَّهُ تَعَالَى".
وقال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ".
الجريدة الرسمية