حل مشكلات مصر في «سيرفيس فاكهة»
بمفردي ذهبت لكازينو قصر النيل العتيق أبحث عن لحظات استرخاء.. فأحلى ما في مصر القمر والنيل.. لم تتسلل إلى أذني نغمات في الركن البعيد الهادي وبتلوموني ليه وعلى قد الشوق كما كان الحال في شبابنا.. لكن اخترق سمعي صخب الأغاني الهابطة والمهرجانات.
استدارت عيني بحثًا عن جمال وشموخ أسدي قصر النيل فوجدت أحدهما محاطًا بألواح خشبية وحديدية صدئة قبيحة المنظر والآخر تعتليه الأتربة ويزاحمها الصبية في مشهد فوضوي يشكل جزءًا من ثقافة العشوائيات التي باتت تصادر الحسن والجمال في كل مكان.
وهذه العشوائيات التي أصابت الجميع إلا من رحم ربي هي التي حولت المراكب النيلية من لوحة جمالية ليلا وكأنها قطعة من ضوء القمر تحملها مياه النيل التي تتهادى على أصوات الكروان إلى أشياء غريبة تتحرك فوق مياه النهر تصدم العين بأنوار زاعقة تثير الاشمئزاز، وينبعث منها كل ما هو هابط من ألفاظ وصراخ.
حاولت اصطناع لحظات من السعادة والهدوء وسط كل ذلك لكنني وجدت كل حواسي غارقة في مشكلة كبرى وهي "سيرفيس الفاكهة".. والحكاية باختصار أن إدارة الكازينو أصدرت فرمانًا بفرض سيرفيس فاكهة على من يجلس في المقاعد الملاصقة للنهر.. فتوالت عشرات المشكلات بين العاملين والأسر الخليجية التي جاءت للاستمتاع بنيل القاهرة ففوجئت بطريقة فظة في تعامل المشرفين الذين يتحدثون بلهجة آمرة "أي حد يقعد على ترابيزات الصف الأول لازم يطلب سيرفيس فاكهة".
وحاولت الأسر الخليجية إقناع طاقم العاملين بأنهم سيطلبون مأكولات ومشروبات بأضعاف قيمة سيرفيس الفاكهة وأنه من غير اللائق إجبار الزبون على تناول شيء محدد.. لكن دون جدوى.. واضطرت العديد من الأسر للانصراف غاضبة غير مصدقين ما يحدث.
تساؤلات عديدة دارت في رأسي عن سر الإصرار على الفشل وعدم استغلال موسم السياحة العربية كما تفعل تونس ولبنان.. ويبدو أن "سيرفيس الفاكهة" يلخص مشكلة مصر في تغول الفهلوة والعشوائية على العلم والتخطيط في كل الأمور!!