رئيس التحرير
عصام كامل

زيارة أوباما لإسرائيل دفاعية


جاءت زيارة الرئيس باراك أوباما لإسرائيل فى سياق دفاعى يرمى إلى تهدئة الساحة السياسية الأمريكية.. وكان تعرّضه لانتقادات شديدة بسبب عدم انحيازه الكافى إلى إسرائيل ورئيس وزرائها (بنيامين) نتانياهو، وانتُقد أيضاً لعدم زيارته إسرائيل أثناء ولايته الأولى، كما اشتُبه فى تعهده لمموّلى حملته الانتخابية القيام بالرحلة هذه.


كان عليه إذاً إبعاد المسألة الإسرائيلية الفلسطينية عن الساحة السياسية الأمريكية، بغية التركيز على التحديات الداخلية، خصوصاً تلك المتعلقة بالموازنة، ولم يهدف أثناء زيارته إلى تحقيق أى شىء، فعلى الأرض يسود وضع بالغ السوء، وليس هناك اهتمام بالسلام لدى الجانب الإسرائيلى.

ومن الناحية الفلسطينية، لدينا فى جانب حركة «حماس»، وهى لا تريد حل الدولتين، وفى جانب آخر السلطة الفلسطينية، التى يؤيد رئيسها (حل الدولتين) لكنه بات مفتقراً إلى أى شرعية بعد انتهاء ولايته، فلماذا يجازف الرئيس (الأمريكى) برأسماله السياسى المحدود فى ملف مقدَّرٍ له الفشل؟، المهمة الحقيقية للرحلة هذه كانت بذل الجهد لمنع نتانياهو من التسبب بالمزيد من المشكلات بعد المتاعب التى أثارها فى وجه الرئيس أثناء ولايته الأولى..

 لا ينطوى ما سبق على إشارة إلى إمكان قصف إسرائيل المنشآت النووية الإيرانية فقط، بل أيضاً إلى الدعم الأمريكى لنتانياهو و«ليكود»، اللذين شنا حملة ضد الرئيس شارك فيها، على سبيل المثال، البليونير شلدون أدلسون الذى استثمر مئة مليون دولار لإلحاق الهزيمة بأوباما، جاء أوباما ليقول لنتانياهو: لا تتسبب فى مشكلات مع إيران وسوريا، ولن أتسبب فى مشكلات لكم مع الفلسطينيين!!.

وللرئيس هدف أبعد من قدراته المحدودة على تحقيق السلام، فهو يريد ترميم العلاقات مع العالم الإسلامى والعالم العربى، التى تدهورت تدهوراً رهيباً فى عهد بوش، ويقدِّر ،محقّاً، أن العمل من أجل السلام الفلسطينى الإسرائيلى يساهم فى التقدم نحو هذا الهدف، لكن الأكيد أنه قلّل من أهمية السياسة الداخلية فى هذا الملف.

وبالنسبة إلى دور مؤيدى إسرائيل فى رسم صورة السياسة الأمريكية فى الشــــرق الأوسط، يمكن القول إن اللوبى المؤيد لإسرائيل، والذى تشكل «أيباك»«لجنة العلاقات العامة الأمريكية الإسرائيلية» رأسَ الحربة فيه، يمثـــل أقلية ضئيلة.. فهناك 70 فى المئة من اليهود الأمريكيين من الليبراليين المؤيدين لأوباما، ويلزمون الصمت عموماً حيال السياسة الخارجية، بيد أن الأقلية التى تمثلها «أيباك» نشطة جداً وتستثمر أموالاً طائلة فى سبيل قضيتها.

وإذا أردنا الحديث عن نافذة الفرص لوساطة أمريكية بين الإسرائيليين والفلسطينيين، ينبغى التحلى بالواقعية، والقول إن عملية السلام لم تعد قائمة فعلياً منذ العام 2000.

 فى 2010 حصلت هنا، على ضفة نهر بوتوماك (فى واشنطن)، مهزلةٌ مسرحية سميت عملية سلام، أدارها (المبعوث الأمريكى السابق إلى الشرق الأوسط) جورج ميتشل، لكنها لم تخدعْ أحداً، كيف يمكن لأمريكا أن تكون وسيطاً ذا مصداقية إذا كانت تندفع إلى القول إنها ستكون منحازة جانب إسرائيل فى كل ما تفعل أو تقول؟.

وفيما يتعلق بالمسألة الإيرانية، تدافع إسرائيل عن احتكارها النووى فى المنطقة، ويرجع ذلك إلى خشية من قدرة إيران على إنتاج سلاح نووى تزود به صواريخها وتمكُّنها من إيصال هذه الصواريخ إلى إسرائيل.. الأكيد أن العسكريين الإسرائيليين يعتقدون، مثل الأمريكيين، أن إيران لم تباشر بعد صنع سلاح نووى، لكنهم متابعون جداً لهذا الإمكان، وأعتقد أن حرباً مع طهران لن تؤدى سوى إلى تعقيد الأمور ورفع مستوى خطورتها.

علينا إذاً، محاولة العمل بالدبلوماسية التى لا تقتصر على الكلام، بل تتطلب أيضاً الإصغاء للآخر وتقديم تصور للحل الوسط، وعن احتواء إيران، ينبغى القول إن الحكومة الإسرائيلية ترفض هذه الفكرة رفضاً مطلقاً، ولا يستطيع الرئيس الأمريكى، لأسباب سياسية داخلية، أن يختلف معها، ما يعيدنا إلى الدور الاستثنائى الذى يؤديه العامل الإسرائيلى فى السياسة الأمريكية..

•نقلاً عن لوفيجارو..
الجريدة الرسمية