النطاعة السياسية!
لم أجد عبارة أدق من "النطاعة السياسية" لأصف بها سلوك أحد الأعضاء المحترمين في مجلس النواب. وذلك لأنه في إحدى الجلسات الأخيرة للمجلس عرض مشروع قانون لزيادة معاشات أفراد القوات المسلحة.
ووقف العضو الهمام معترضًا على أساس أن بعض أفراد القوات المسلحة ممن يتقاعدون عن الخدمة يعينون أحيانا في وظائف أخرى، ومعنى ذلك أنهم سيجمعون بين المعاش والمرتب الجديد. ولا نريد أن نشير مجرد إشارة إلى تاريخ عائلة هذا العضو والشبهات التي أحاطت بالثروات التي كونها عميدها. ولكننا فقط نقرر أن المعاشات في مصر عمومًا بالغة الانخفاض، ولا تكفى إلا بالكاد لمن هو على المعاش أن يحيا حياة كريمة.
ولقد كان رئيس مجلس النواب على حق تمامًا حين منع العضو المحترم من الاسترسال في كلامه غير المقبول، مما دفع بأعضاء المجلس أن يوافقوا على مشروع القانون وقوفا، وهم يصفقون تحية للقوات المسلحة ودورها الوطنى التاريخى في الدفاع عن الوطن، بالإضافة إلى أدوارها التنموية الكبرى التي تقوم بها بعد أن تولى الرئيس السياسي رئاسة الجمهورية.
ولعله مما يلفت النظر حقًا أن "الكاتب الإخوانى" إياه الذي ينشر عمودًا يوميًا في جريدة الشروق لم يفته أن يعلق على ما حدث. وذلك لأنه يفتش كل يوم عن واقعة هنا أو هناك حتى يتناولها بالتعليق السلبى والإدانة المطلقة لكل أجهزة الدولة.
وفى هذه الواقعة بالذات كتب عمودًا يستنكر فيه تدخل رئيس مجلس النواب، ويعتبر أنه منع العضو المحترم إياه من الاسترسال في كلامه الفارغ، كما أنه لم يقبل أن يقوم أعضاء المجلس جميعًا بالتصويت وقوفًا على مشروع القانون باعتبار أن ذلك لا يليق!
وحتى يثبت الكاتب موضوعيته فإنه أشاد بدور القوات المسلحة في الدفاع عن البلاد، وإن كان في نهاية المقال غمز غمزة لها مدلولها حين قال إنه ينتظر ليرى ما هو دور القوات المسلحة في التصدى للعدو الإستراتيجي وهو يقصد هنا إسرائيل بطبيعة الحال!
لن يبرأ "الإخوان المسلمون" وأنصارهم من عقدة القوات المسلحة التي وقفت بجسارة في 30 يونيو مناصرة لجموع الشعب المصرى لإسقاط النظام الإخوانى الديكتاتورى!