رئيس التحرير
عصام كامل

أم الجربوع العربى..غزو الكويت!


أول أمس الثاني من أغسطس ٢٠١٦، مرت الذكرى السنوية السوداء رقم ٢٦ على الجريمة الكبرى ضد النظام العربي، في العام ١٩٩٠، الذي لايزال يعاني آثار تلك الطعنة المسمومة، تترنح أعضاؤه، يمينا ويسارا بحثا عن مرفأ أمان، بعد أن بدد صدام حسين ذلك الشعور الثابت المقيم بأن الدم العربي حرام على الدم العربى، وكرس لأول مرة ما صار وقتها يعرف بالاستعمار العربي!


وقعت جريمة غزو دولة الكويت المستقلة في ٢ أغسطس ١٩٩٠، واستمرت أعمال السلب والنهب والقتل والتدمير، من جانب قوات صدام، والمقاومة من جانب الجيش الكريتي يومين، سيطر بعدهما صدام على الكويت وأعلن ضمها، وأنها المحافظة رقم ١٩، وعين لها حاكما صوريا يدعى علاء حسين،أعدم فيما بعد!

أيامها انتفضت مصر، ودعا الرئيس مبارك إلى قمة عربية استثنائية، وتفعيل مادة الدفاع العربي المشترك بميثاق جامعة الدول العربية، واجتمع العرب ودخلوا مع تحالف دولي قاده برجولة، وبقرارات دولية شرعية الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب، وتلقى صدام أكثر من أربعين نداء مصريا وعربيا ودوليا، بالخروج من أرض الكويت حقنا للدماء، لكنه كان قد أصم أذنيه، وأعلن أنه باق في الكويت!

كان الأمريكيون، عبر سفيرتهم آبريل جلاسبى، لدى بغداد قد اجتمع بها صدام ولم تبد اعتراضا على أفكاره حول الكويت، وتخيل هو أن الأمريكيين موافقون على مغامرته العسكرية، ولكنه سقط في الفخ!

وبدأت حرب تحرير الكويت في ٢٦ فبراير ١٩٩١ بعد سبعة أشهر من احتلالها وسرقة ثرواتها العلمية والتراثية والنفطية، وحرق آبارها، وقتل أكثر من أربعة آلاف جندي كويتي خلال أيام الغزو والتمكين الثلاثة. ودخلت مصر الحرب والسعودية ودول الخليج العربي كافة، وتم تحرير الكويت، وكانت الأوامر المصرية والعربية هي عدم قتل من يستسلم من أفراد الجيش العراقي أو يعلن خروجه من القتال حقنا للدم العربي، ومنعا لبناء ثارات عربية جديدة.

دمر صدام العديد من المباني والمنشآت الكويتية، وكذلك دمر الطيران الأمريكي العديد من آليات ووحدات الجيش العراقي، الذي كان خرج لتوه منتصرا في حرب طويلة لثماني سنوات مع إيران الخوميني، وقف فيها الكويت موقف الأخ المدافع الممول للمجهود الحربي دفاعا عن التراب العراقى.

لم تكن أطماع صدام حسين الغبية هي المرة الأولي في محاولة ضم الكويت، فقد سبق أن أعلن عبد الكريم قاسم في مؤتمر صحفي ببغداد، أنه سيضم الكويت ولو بالقوة، ولم يكن مر على إعلان استقلال الكويت١٩٦١ سوى أسبوع واحد، لكن مصر، الجمهورية العربية المتحدة وقتها، والسعودية والسودان سارعوا بإرسال قوات عسكرية على جناح السرعة، وقتلت المطامع الأولى لعبد الكريم قاسم.

ومن بعده صدام حسين إلى ما نحن فيه اليوم من فرقة وعذاب وإرهاب وفقر وشك وخوف، ويمكن القول بسهولة وطمأنينة علمية أن غزو الكويت على يد رئيس عربي بقوات عربية شقيقة كان أول فيروسات مايسمى بالربيع العربي، ومن يومها والفيروس منتشر ويتغلغل، والدماء البريئة تراق على الجبال وشوارع المدن !

عن التأصيل نقول إن النظام العربي كله تلقى الضربة القاضية على يد صدام، الذي ضيع العراق تاليا بعناده، ولايزال المصريون وقادة السعودية والإمارات والكويت يرممون السد المنيع الذي تملؤه الثقوب.

عادت الكويت ممتنة لأشقائها العرب، وهاهي اليوم تساند مصر في محنتها، ليس ردا لجميل، فما فعلته مصر هو واجبها القومى، بل إدراكا من الخليج العربي وفي القلب منه الكويت والإمارات أن مصر وجيشها القومي هي عمود الخيمة العربية. بئس ذلك اليوم الثاني من أغسطس ١٩٩٠.. يوم الجنون المستمر حتى الآن !
الجريدة الرسمية