رئيس التحرير
عصام كامل

رئاسة أمريكا.. فوكس وغسيل الأدمغة


يبدو أن قطاعا كبيرا من الأمريكيين سيتعرض- كما هي العادة–إلى عملية غسيل مخ من جانب قناة "فوكس الإخبارية" حول سباق الرئاسة الأمريكية. وقناة "فوكس الإخبارية" هي إحدى أشرس القنوات اليمينية في الولايات المتحدة الأمريكية، وهي تؤيد دونالد ترامب وستؤيد كل مرشح يأتي في المستقبل على شاكلته، ولم لا والقناة نفسها أيدت الرئيس السابق جورج بوش في أكاذيبه عن حرب العراق حتى النهاية، ثم ساندته في حملته ضد جون كيري في سباق الرئاسة عام 2004.


تحيز قناة "فوكس الإخبارية" يأخذ أشكالا متعددة، والقناة مثال للإعلام الذي يقدم مصلحته على مصلحة الوطن. من بين الأساليب التي تستخدمها القناة في الدعاية أسلوب "تحويل الانتباه"، فبينما ركزت المواقع الإلكترونية والإعلام الأمريكي أنظارهما أمس على المؤتمر الصحفي للرئيس الأمريكي باراك أوباما والذي قال فيه إن "دونالد ترام" لا يصلح للرئاسة وأنه يثبت ذلك كل يوم"، ركز الموقع قناة فوكس على خبر عن استقالة ثلاثة من كبار حملة هيلاري كلينتون بسبب معلومات تسربت من خلال الإيميل. وقناة فوكس تستخدم أسلوب "تحويل الانتباه" للتشويش وتقسيم الجمهور فتقلل من أهمية خبر يستحق أن يكون رئيسيًا وتعلي من قيمة خبر أقل أهمية تحت دعوى السبق الصحفي.

حملة قناة فوكس نيوز الدعائية لدعم دونالد ترامب لم تنته عند تجاهل أهمية تصريح الرئيس الأمريكي، بل أبرزت رد فعل ترامب على كلام أوباما، فكتبت بعنوان عريض على موقعها الإلكتروني: "دونالد ترامب يصف أوباما بأسوأ رئيس أمريكي وبالرئيس الكارثي بعد انتقاد غير مدروس". والمتابع لأساليب فوكس نيوز يعرف أن القناة قللت من شأن تصريح الرئيس الأمريكي، ثم أبرزت هجوم ترامب عليه. وعادة ما يؤثر هذا الأسلوب على إدراك المشاهد أو القارئ، وبخاصة ذلك المشاهد الذي يتابع فوكس نيوز أو يؤيد سياستها، فيتشبع بفكرة أن أوباما الرئيس الأسوأ ويتجاهل هجوم أوباما عليه. ما قامت به فوكس نيوز يُظهر دونالد ترامب وكأنه الشخص الأقوى، فهو من هاجم الرئيس وليس العكس.

وعادة ما تنجح قناة "فوكس الإخبارية" في سلب عقل الأمريكيين بأساليب مختلفة من بينها "أسلوب الإيحاء"، فها هو "بيل اورالي" مقدم برنامج "أورالي فاكتور" وأحد أشد الكارهين للحزب الديقمراطي يستخدم أسلوب الإيحاء فيقدم للمشاهدين سؤالا يقول: "هل ينجح أوباما في مساعدة هيلاري كلينتون أم سيضرها؟ ثم يقول عقب السؤال أن التقارير الاقتصادية تقول إن نسبة النمو في أمريكا هي 1% ثم يكرر عبارة "فقط 1%"، وبذلك تكون الإجابة المنطقية على سؤال "بيل أورالي" هي أن أوباما سيضر هيلاري، فالاقتصاد يتنامى ببطء.

ولقناة فوكس رصيد كبير من الكذب على الأمريكيين، فالقناة –حسبما وثق الفيلم الوثائقي "روربت مردوخ والحرب على الصحافة" –سبقت جميع القنوات في إعلان فوز جورج بوش بالرئاسة وهزيمة آل جور في انتخابات عام 2000. ويقول خبراء الإعلام أن إعلان فوكس نيوز خبر الانتصار أدى إلى قيام القنوات الأخرى بإعلان بوش دونما التأكد وهو ما أثر في استعداد الأمريكيين لتقبل النتيجة النهائية.

الفيلم الوثائقي والخاص بحرب روبرت مردوخ على الصحافة – ومردوخ هو مالك قناة فوكس الإخبارية – تضمن الأساليب الدعائية لقناة فوكس، ومن بين هذه الأساليب: أسلوب "تقليل التأثير الإعلامي"، وتستخدمه فوكس نيوز عندما يكون هناك حملة ناجحة ضد مرشح الحزب الجمهوري، إذ تشن حملة وهمية على مرشح الحزب الديمقراطي بشكل يقلل من تأثير مرشح الحزب الديمقراطي، وأسلوب "أمريكا السعيدة" هو أسلوب آخر لغسل أدمغة الأمريكيين حيث تركز القناة على الأحلام التي سيحققها المرشح الجمهوري في حالة فوزه.

وقناة فوكس معروفة بعدائها للعرب والمسلمين وهي لذلك ستكون خادمة وافية لقررات دونالد ترامب العنصرية وحروبها في حالة فوزه، وستبرر مواقفه كما كانت تفعل مع جورج بوش فقد بررت غزو العراق بشكل يخرج بالقناة على كل قواعد الموضوعية والمسئولية الاجتماعية، حتى قادت أمريكا إلى أسوأ فترة في تاريخها ووضعتها على رأس الدول التي يكرهها الناس لتجبرها.

الإعلام المصري تعامل مع قناة فوكس نيوز بعقلية الأمريكي المغسول مخه، في أعقاب ثورة 30 يونيو فردد وكرر عبر قنواته الخاصة تصريحات فوكس نيوز المؤيدة للسيسي وقتها ولم يدرك وقتها أن القناة تستخدم ثورة 30 يونيو ضمن حملتها ضد الإسلام وليس ضد الإخوان المسلمين بشكل خاص، فالمواطن الأمريكي لا يعرف الإخوان المسلمين، فغالبية الأمريكيين يتعاملون مع ما تبثه قناة فوكس نيوز على طريقة تعليق الفنان الراحل "سعيد صالح" في مسرحية مدرسة المشاغبين، عندما قال: "المدرسة دي بتتكلم صح"، وعندما قال سأله زميله: إزاي بس يا مرسي، قال: "طالما قالت دراع مرسي تبقى بتتكلم صح"، وهكذا قطاع كبير من الأمريكيين في تعاملهم مع القضايا الخارجية، فعندما يتحول تأييد فوكس نيوز للسيسي في ثورة 30 يونيو إلى هجوم على الإسلام يكون كلام فوكس نيوز "صح"’، فطالما "هاجمت فوكس نيوز الإسلام تبقى بتتكلم صح".
الجريدة الرسمية
عاجل