رئيس التحرير
عصام كامل

محافظة خالية من الفقــر


مجددًا احتفظت محافظة أسيوط بلقب المحافظة الأكثر فقرًا في مصر، من خلال البحث الذي أجراه خبراء جهاز التعبئة والإحصاء عن الإنفاق والاستهلاك والدخل، والذي يقومون بإعداده كل عامين الآن، ومن بعدها جاءت محافظات سوهاج، وقنا، والمنيا، حيث تستأثر محافظات الصعيد بالنسبة الأكبر من الفقر.


لذلك فإن الاستراتيجية التي تتبناها الدولة لمحاربة الفقر، واستهداف الفقراء يجب أن تتغير في ضوء زيادة نسبة عدد الفقراء، بالنسبة لعدد السكان خلال عامي «٢٠١٣-٢٠١٥» من ٢٦٫٣٪ إلى ٢٧٫٨٪.

لقد جربت الحكومة وسائل عديدة لمحاربة الفقـــر، والأخذ بيد الفقراء مثل التوســع في البطاقات التموينية التي يحوزها أكثر من ٨٨٪ من السكان الآن، وإتاحة سلع أكثر أمام حائزيها غير السلع التقليدية الأساسية «زيت وسكر وأرز» مع تغيير منظومة توزيع الخبز التي أثبتت نجاحًا في إتاحة الخبز للمواطنين، مع ابتداع منظومة نقاط الخبز لتوفير سلع لأصحابها، وكذلك التوسع في مظلة الضمان الاجتماعي وابتداع معاش تكافل وتضامن، لنحو ثلاثة آلاف مواطن ومواطنة، مع عرض السلع الغذائية بأسعار مخفضة في منافذ القوات المسلحة والمجمعات التعاونية وأيضًا الأسواق المتنقلة.

ولكن كل هذه الوسائل لم تغير كثيرًا من أوضاع الفقر والفقراء في البلاد.. فمازال الفقراء يتزايدون، ومازالت محافظات الصعيد هي الأكثر فقرًا بين محافظات مصر.. قد تكون كل هذه الوسائل قد قامت بكبح معدلات الزيادة في نسبة الفقراء، أو قللت من تزايد حدة مشكلة الفقر، ولكن طبقًا لأرقام جهاز التعبئة والإحصاء فإنها لم تحدث اختراقًا حقيقيًا لمشكلة الفقر، ولم تغير كثيرًا من خريطة الفقر في البلاد، ولذلك ظلت محافظة أسيوط تتصدر محافظات مصر الأكثر فقرًا، يليها كما كان حادثًا من قبل محافظات (سوهاج، وقنا، والمنيا).

لذلك مجددًا أعاود طرح فكرة سبق أن عرضتها من قبل، وهي فكرة تكثيف جهود الدولة من خلال التزاوج بين جهود الحكومة وجهود منظمات المجتمع المدني وتركيزها على محافظة واحدة لتخليصها من الفقر على غرار ما نفعل الآن مع مرض فيروس سي.. ولتكن هذه المحافظة هي أسيوط التي تستأثر بلقب المحافظة الأكثر فقرًا منذ عدة سنوات.

نحن بذلك سوف نعطي نموذجًا يحتذى في مواجهة ومحاربة الفقر، واستهداف الفقراء، وإصلاح أحوالهم.. وسوف تمنح فقراء المحافظات الأخرى أملا في الخلاص من الفقر أو بالأصح انتشالهم من تحت خط الفقر لكي يحصلوا على الحد الأدنى المطلوب لاحتياجاتهم الأساسية من غذاء ومسكن وصحة وتعليم.. ولو لدينا قدر أكبر من الطموح فلنستهدف المحافظات الأربع الأكثر فقرًا.. جربوا وستكون النتائج رائعة.
الجريدة الرسمية