نص كلمة رئيس الوزراء في الاحتفال باليوم القومي الأول للسكان
أكد المهندس شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء، أن مصلحة المواطن تأتى على قمة أولويات الأجندة السياسية والوطنية في مصر وأن الارتقاء بنوعية حياة المواطنين من خلال تحسين خصائصهم السكانية تحتل أهمية قصوى في برنامج الحكومة.
وأضاف في الكلمة التي ألقاها خلال الاحتفال باليوم القومى الأول للسكان الذي أقيم بمناسبة اعتبار يوم 31 يوليو يومًا قوميًا للسكان في مصر، أن الدعوة إلى تبنى مفهوم الأسرة الصغيرة هي دعوة حتمية لضمان مستقبل أفضل للأجيال القادمة حتى تستطيع كل أسرة أن تقدم لأبنائها الرعاية الملائمة، وتستطيع الدولة بدورها توفير المستوى اللائق لهم.
وكلف الوزارات والجهات الحكومية بتضمين خططها مكونًا يخص القضية السكانية وذلك لضمان استدامة وفعالية تنفيذ الإستراتيجية القومية للسكان، مؤكدًا على أهمية مشاركة المجلس القومى للسكان في جميع اجتماعات مجلس المحافظين، وضرورة قيام كافة وسائل الإعلام بوضع قضايا السكان والتنمية في بؤرة اهتمام الرأي العام بالإضافة إلى توظيف الدراما وأدوات الإعلام الاجتماعى للتناول الإيجابى لقضايا السكان والتنمية.
حضر الاحتفال وزراء التخطيط، والصحة والسكان، والشباب والرياضة، والتضامن الاجتماعى، والثقافة، والآثار، ومفتى الجمهورية، والقائم بأعمال محافظ القاهرة.
وإلى نص كلمة رئيس مجلس الوزراء:
الحضور الكريم
أرحب بكم جميعًا في هذا الحدث القومى المهم ويسعدنى أن أشهد معكم فعالياته.
إن اليوم القومى الأول للسكان هو حدث ذو طابع خاص نحتفل به اليوم قيادةً وشعبًا مؤكدين على الاهتمام الخاص الذي توليه الحكومة المصرية للشأن السكانى والذي أصبح يمثل قضية أمن قومى خاصةً في هذه الفترة الحاسمة من تاريخ الوطن.
لقد أشار برنامج عمل الحكومة الذي تم تقديمه إلى مجلس النواب وحاز ثقته إلى التحديات التي تواجه الوطن ومن أهمها الزيادة المضطردة في عدد السكان والتحديات الكبيرة المترتبة عليها للوفاء بمتطلباتها
وأوضحنا في برنامج الحكومة أن الدول التي حققت نجاحات ملحوظة في تحسين مستوى معيشة مواطنيها واكبت جهودها لتحقيق معدلات نمو اقتصادى وتنمية مرتفعة سياسات سكانية صارمة خفضت بشكل ملموس معدلات النمو السكانى المرتفعة فكانت المحصلة النهائية ارتفاعًا ملحوظًا في متوسط دخل الفرد وتحسنًا واضحًا في مستويات معيشة المواطنين.
الحضور الكريم
إن التحديث والتطوير والبناء الذي ننشده جميعًا يستوجب إعادة بناء الإنسان المصرى فالإنسان والتنمية وجهان لعملة واحدة الإنسان هو صانع التنمية والتنمية هي السبيل لتمكين المواطن المصرى من التمتع بمستوى مرتفع من المعارف والمهارات والسلوكيات والأخلاقيات التي تجعله قادرًا على بناء حضارة مصر الحديثة وعلى المنافسة إقليميا ودوليا.
إن عملية بناء الشخصية المصرية المأمولة تستوجب التخطيط المنهجى والعلمى الذي يرتكز على معلومات وحقائق وهذه المعلومات تشير إلى أن معدل النمو السكانى الذي شهدته مصر في السنوات الأخيرة يجعل تحقيق النقلة النوعية في حياة المواطنين أحد التحديات الرئيسية لهذه المرحلة.
حيث بلغ عدد سكان مصر في يونيو عام 2016 91 مليون نسمة وهو ما يؤثر سلبا على إحساس المواطنين بمختلف فئاتهم بثمار التنمية ويأتى ذلك نتيجة لعدم التوازن بين النمو السكانى ومعدلات النمو الاقتصادى للدولة وهذا هو أهم التحديات التي نواجهها.
فلقد قفز عدد السكان من 61.5 مليون نسمة في عام 1996 إلى 91 مليون نسمة في عام 2016 بنسبة زيادة قدرها 48% وهى من أعلى النسب في العالم في الوقت الذي استمرت فيه حصة مصر من مياه النيل ثابتة ولم تزد مساحة الأرض الزراعية إلا زيادةً محدودة.
كما ازداد اعتماد مصر على الاستيراد من الخارج لسد الفجوة المتزايدة بين الإنتاج المحلى والاستهلاك لعدد من السلع الغذائية الرئيسية.
ولقد صحب ذلك بالطبع زيادة مستمرة في عجز الموازنة العامة للدولة وفي ميزان المعاملات التجارية حيث ارتفعت الواردات من 44 مليار دولار عام 2009 إلى نحو 74 مليار دولار عام 2015 لسد الفجوة الغذائية هذا إلى جانب الاستيراد العشوائي وغير المبرر للعديد من السلع التي تنتجها المصانع المصرية
الحضور الكريم
إننا جميعًا شركاء في الوطن ومسئولون عن نهضته ونمائه ولذلك فإننى أناشد كل أسرة مصرية أن توازن بين مستوى المعيشة الذي ترغب في تحقيقه لأبنائها وبين عدد الأبناء المناسب للتمتع بثمار سعيهم وجهدهم.
وتؤكد المؤشرات أننا إن لم نكتف بطفلين لكل أسرة فسيصبح عدد السكان في مصر 119 مليون نسمة في عام 2030 وسيزيد ذلك من صعوبة تحقيق أهدافنا من معدلات نمو مرجوة وارتفاع في مستوى معيشة الأسرة وقد يمتد ذلك سلبا على توفير احتياجات المواطن المصري من السلع والخدمات.
ونحن عندما نتحدث عن أهمية ضبط النمو السكانى فإننا لا نغفل البعد النوعى لذات القضية والذي يتمثل في الارتقاء بنوعية حياة المواطنين من خلال تحسين خصائصهم السكانية حيث تأتى مصلحة المواطن على قمة أولويات الأجندة السياسية والوطنية في مصر.
وحيث إن العلاقة وثيقة بين البعدين العددى والنوعى للقضية السكانية فإن الدعوة إلى تبنى مفهوم الأسرة الصغيرة هي دعوة حتمية لضمان مستقبل أفضل للأجيال القادمة حتى تستطيع كل أسرة أن تقدم لأبنائها الرعاية الملائمة وحتى تستطيع الدولة بدورها أن توفر لهم المستوى المعيشى اللائق.
الحضور الكريم
في ظل ما تقدم فقد قام المجلس القومى للسكان بإعداد الإستراتيجية القومية للسكان 2015/2030 وذلك بمشاركة جميع الوزارات والجهات المعنية في الدولة وتم إطلاقها في نوفمبر من عام 2014.
وتستند الإستراتيجية إلى المادة 41 من الدستور المصرى والتي تنص على التزام الدولة بتنفيذ برنامج سكانى يهدف إلى تحقيق التوازن بين معدلات النمو السكانى والموارد المتاحة وتعظيم الاستثمار في الطاقة البشرية وتحسين خصائصها وذلك في إطار تحقيق التنمية المستدامة.
وتهدف هذه الإستراتيجية إلى عدة أمور، ومن أهمها:
¨ تحقيق التوازن بين النمو السكانى والنمو الاقتصادى للدولة.
¨ الارتقاء بنوعية حياة المواطنين من خلال تحسين خصائصهم السكانية.
¨ تحقيق التوزيع الجغرافى المتوازن للسكان.
¨ تحقيق العدالة الاجتماعية من خلال القضاء على التفاوت بين منطقة جغرافية وأخرى.
الحضور الكريم
اسمحوا لى أن أؤكد على بعض الأمور المهمة والمطلوبة والتي أعتبرها محورية لتفعيل منظومة العمل السكانى في مصر:
¨ أهمية مشاركة المجلس القومى للسكان في جميع اجتماعات مجلس المحافظين.
¨ تكليف الوزارات والجهات الحكومية بتضمين خططها مكونًا يخص القضية السكانية لضمان استدامة وفعالية تنفيذ الإستراتيجية القومية للسكان.
¨ ضرورة قيام كافة وسائل الإعلام بوضع قضايا السكان والتنمية في بؤرة اهتمام الرأي العام بالإضافة إلى توظيف الدراما وأدوات الإعلام الاجتماعى للتناول الإيجابى لقضايا السكان والتنمية.
¨ التأكيد على مسئولية الحكومة عن توفير وسائل تنظيم الأسرة لمن يطلبها بمستوى عال من الجودة وتوفيرها بالمجان لغير القادرين.
¨ تشجيع الجمعيات الأهلية والقطاع الخاص على تعظيم مساهمتهم في تقديم خدمات الصحة الإنجابية وفى الدعوة لتبنى مفهوم الأسرة الصغيرة.
¨ توفير الموارد المالية والبشرية المطلوبة للبرنامج السكانى المصرى.
¨ وضع نظام معلومات علمى للمتابعة والتقييم وعرض تقارير موضوعية بصفة دورية على مجلس الوزراء ويكون ذلك بواسطة أجهزة مستقلة لتقييم الأداء.
الحضور الكريم
في نهاية كلمتى ومن موقعى هذا وفى ضوء ما نأمله جميعا قيادة وشعبا من أن تؤتى هذه الإستراتيجية ثمارها في القريب العاجل فإننى أكلف كل جهة شاركت في وضع هذه الإستراتيجية بإيلاء كل الاهتمام لتنفيذ الدور المطلوب منها (الصحة والسكان، الأوقاف، التعليم، الثقافة، التخطيط، المالية، الإعلام، منظمات المجتمع المدنى) وذلك وفقًا للمحاور المختلفة للخطة الخمسية الأولى للإستراتيجية.
وسوف يتم متابعة التقدم الذي يتحقق في تنفيذ الإستراتيجية والجهد الذي تقوم به كل جهة من الجهات المشاركة والمعنية.