رئيس التحرير
عصام كامل

الإرجوت والأمبروزيا.. قتل مع سبق الإصرار


منذ فترة بعيدة، ربما لا يذكرها الجيل الحالي، أيام "انفتاح السداح مداح"، على حد وصف الكاتب الصحفي العملاق أحمد بهاء الدين، أقدم رجل أعمال اسمه توفيق عبدالحي على استيراد لحوم وأجزاء طيور غير صالحة للاستهلاك الآدمي.. وأمام الثورة العارمة للرأي العام والإعلام آنذاك، لم يجد الرجل أمامه سوى الفرار من مصر، والتنقل بين عدد من الدول الأوروبية، وربما بعض الدول العربية، ورغم أن محكمة أمن الدولة العليا قضت ببراءته، إلا أنه لم يجرؤ على العودة حتى الآن من "الغربة"، وما زالت ممتلكاته في مصر في حكم المصادرة !


الآن لم يعد استيراد الأغذية الفاسدة جريمة في نظر أصحاب القرار، بل صار أمرا عاديا، نقابله كل يوم تقريبا.. وكل الحملات التي تخرج للتفتيش عن صلاحية الأغذية، على اختلاف أنواعها، تحرر عشرات المحاضر، وتغلق بعض المطاعم، ومحال "السوبر ماركت"، وكثير منها شهيرة، دون أن يرمش لأصحابها جفن.. لأنهم على يقين من إعادة افتتاح محالهم ومطاعمهم، وإزالة "الشمع الأحمر" من على أبوابها، بعد وقت قصير؛ من خلال إجراءات قانونية سهلة، ميسورة، أو عبر الالتفاف حول اللوائح والقواعد.

أطنان من الأغذية الفاسدة يلتهمها المصريون يوميا، رغم جهود الأجهزة المختصة للمواجهة.. وفي الوقت نفسه تتكبد الموازنة العامة مليارات الجنيهات لمقاومة الفيروسات الكبدية والسرطانات وغيرها من الأمراض التي استوطنت مصر.

مصر تستورد أغذية بما يزيد على 10 مليارات جنيه سنويا.. و90% من هذه الأغذية غير مراقبة رغم وجود 17 جهازا رقابيا وأكثر من 2000 تشريع للأغذية، فإن معظمهما مجهولة المصدر.

من هنا أدعو إلى تفعيل مواد القانون التي تجرم استيراد وجلب وتصنيع الطعام الفاسد، وغير الصالح للاستهلاك الآدمي، وتجريس كل من يتعمد الإضرار بصحة المصريين.

ومن بين هؤلاء المجرمين، من سعوا لدى أجهزة وزارتي الزراعة والتموين، لاستيراد القمح المصاب بفطر "الإرجوت"، وفول الصويا المصاب بفطر "الأمبروزيا".

ولمن لايعرف فإن سم "الأمبروزيا" الموجود في فول الصويا.. وصلت منه المواني المصرية 100 ألف طن ستستخدم لصناعة زيت الطعام.. وتهدد بتدمير الأراضي الزراعية المصرية؛ حيث يبلغ معدل التكاثر من البذرة الواحدة ما يصل إلى 30 ألف بذرة.

أما "الإرجوت" فهو مرض فطري يصيب الأعشاب وخصوصًا القمح، ناجم عن زيادة فطر"بوربوريا" الدبوسية ويعد الاسم العلمي له "مهماز الشليم". يمكن أن يسبب تسمما للبشر والثدييات؛ لأنه يشمل حول 50 نوعا من الفطريات.

الجريدة الرسمية