"المثلث الذهبى".. حلم يطرق أبواب مصر وليبيا والسودان .. كرتى يعيد طرح المشروع لإحياء التجارة العربية.. 133 مليون مواطن يغيرون ملامح المنطقة.. أراضى السودان الزارعية 4 أضعاف مصر و8 أمثال ليبيا
منذ عقود طويلة وحلم التكامل العربى يراود الكثيرين من المواطنين العرب، ولكن غياب الإرادة السياسية حال دون تحقيق هذا الحلم، ولعل حجم التجارة البينية بين الدول العربية الذى لا يتجاوز 11% فقط، خير دليل على ذلك.
ولكن بعد بزوغ فجر الربيع العربى عاد الحلم مرة أخرى ليراود خيال الشعوب قبل النخب، ولأن طريق الألف ميل يبدأ بخطوة، فإن حلم التكامل العربى يبدأ تحقيقه بتكتلات اقتصادية محدودة بين دول الجوار، تمهيدًا لترابط هذه الكيانات معًا، ومن بين هذه التكتلات المطروحة إحياء ما يعرف بمشروع المثلث الذهبى بين مصر وليبيا والسودان ومشروع المثلث الذهبى هو رؤية أطلقها حزب الجيل الديمقراطى بالسودان من أجل الربط بين الثلاث دول.
ومن أهم مقومات مشروع "المثلث الذهبي" تحقيق التكامل بين الدول الثلاث فمقومات التكامل موجودة بالفعل تتمثل فى الجوار الجغرافي، والرباط الثقافى والتاريخى والحضارى المشترك، إضافة إلى تباين الموارد الذى يجعل التكامل ميزة لكل الأطراف.
ومن هذا المنطلق، فإن العلاقة التاريخية بين شعوب كل من "ليبيا ومصر والسودان": تؤكد أهمية إعادة الروح إلى الأبعاد الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية بين الشعوب المكونة لأطراف هذه العلاقة؛ حيث هذه الأبعاد هى وحدها القادرة على مواجهة التحديات والصعوبات وعلى خلق مستقبل أفضل للأمة.
ومن هنا، تجد الإشارة إلى أن شروط التكامل الاقتصادى والاجتماعى بين كل من الدول الثلاث، فهى بحاجة إلى من يبلورها ويدفع بها إلى خطوات للأمام، كما دول المثلث الذهبي، تنفرد بامتلاك مجموعة من المؤهلات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التى تؤهلها للتكامل ومن ثم النهضة؛ حيث تؤكد الأرقام أن عدد السكان فى الدول الثلاث وفقًا لتقدير عام 2012، يبلغ فى ليبيا 6 ملايين و700 ألف نسمة، والسودان 31 مليون مواطن، فى حين أن مصر نحو 95 مليون.
وتبلغ مساحة هذه الدول حوالى 5.3 مليون كيلو متر مربع تشغل السودان منها 2.5 كيلو متر مربع، ليبيا حوالى 1.7 مليون كيلو متر مربع، مصر حوالى مليون كيلو متر مربع, ولهذا نجد أن الكثافة السكانية تختلف ما بين هذه الدول؛ حيث إنها خفيفة للغاية فى ليبيا فتبلغ 2.6 فرد لكل كيلو متر مربع، وفى السودان 11.4 وفى مصر أكثر كثافة حيث تبلغ 60.6 فرد لكل كيلو متر مربع.
أما فى مجال الزراعة فتبلغ الرقعة الزراعية فى السودان حوالى 16.8 مليون هكتار أرض زراعية، وفى ليبيا 2.2 مليون هكتار وفى مصر حوالى 4.1 مليون هكتار، وتتميز السودان بتوافر أكبر كمية من الأراضى الزراعية حيث تبلغ أربعة أضعاف ما لدى مصر وثمانية أمثال ما لدى ليبيا.
كما لدى السودان حوالى 44.2 ألف هكتار من الغابات، و10 آلاف هكتار من المراعى، ولدى ليبيا حوالى 751 هكتاراً من الغابات، 12.7 ألف هكتار من المراعى.
وتزرع السودان حوالى 329 ألف هكتار من الأراضى بالقمح، 87.4 ألف هكتار من الذرة الصفراء، 8.1 مليون هكتار للذرة الرفيعة والدخن، أما مصر فتزرع حوالى مليون هكتار من الأراضى قمحًا، 44.5 ألف هكتار للشعير، 876 ألف هكتار للذرة الصفراء، 143 ألف هكتار للذرة الرفيعة.
ويلاحظ أن إنتاجية الفدان الزراعى فى مصر فى جميع أنواع الزراعات المختلفة يفوق بكثير مثيلاتها من الزراعات لدى السودان وليبيا وذلك لتوافر العمالة الفنية، المتخصصة والخبرة الكبيرة، بالإضافة إلى التطور الزراعى الحديث واستخدام بعض جوانب التكنولوجية الحديثة والهندسة الوراثية.
أما عن مجال الثروة الحيوانية، فالسودان لديها 33.1 مليون من الأبقار بينما مصر حوالى 3.2 مليون وليبيا حوالى 150 ألف رأس فقط، فى حين أن الأغنام فيبلغ عددها فى السودان 47.1 مليون رأس وليبيا 6.2 مليون رأس ومصر 3.2 مليون رأس، أما الماعز فالسودان لديها 43.8 مليون رأس، ومصر 3.2 مليون رأس, بينما ليبيا لديها حوالى 1.3 مليون رأس، والسودان لديها 3 ملايين من الإبل بينما مصر لديها 255 ألفاً وليبيا 150 ألفاً.
وفى مجال الصناعة، تتميز مصر بما لديها من خامات طبيعية وإنتاج وتصنيع لبعض الصناعات المختلفة، فلديها الحديد الخام والفوسفات – وتتميز بإنتاج غزل القطن والمنسوجات القطنية وإنتاج الأسمنت، كما تتميز مصر فى عدة قطاعات أخرى مثل النقل والمواصلات والاتصالات والسياحة.
وعن التجارة الخارجية فيلاحظ أن الميزان التجارى وميزان المدفوعات فى حالة خلل دائم ومتزايد للدول الثلاث، وذلك لظروفها الاقتصادية والإنتاجية وما يمر به بعضها من ظروف سياسية داخلية وخارجية، وما تحتاجه هذه الدول للكثير من الواردات فى السلع المختلفة، ومواجهتها للكثير من المشاكل بالنسبة للصادرات.
ولكن فى حالة حدوث تكامل بينها فإنها سوف تقضى على هذه المشاكل والمعوقات وسوف تعمل على زيادة الإنتاج ورفع الكفاءة الإنتاجية والتركيز على الإنتاج من أجل التصدير وخاصة فى مجال السلع الزراعية والحيوانية المصنع منها وغير المصنع.
وتتميز ليبيا بما لديها من طاقات إنتاجية كبيرة فى مجال البترول مما يعود عليها بعائد كبير ويمكن تصنيع كميات كبيرة مما يصدر منه كمادة خام مما يزيد من دخلها وتشغيل الكثير من العمالة سواء الليبية أو المصرية أو السودانية فى هذا المجال.
واليوم، تعود مرة أخرى فكرة مشروع المثلث الذهبى وتطرح على الساحة السياسية بعدما صرح وزير الخارجية السودانى، على أحمد كرتى، أنه تتم دراسة فكرة عودة «المثلث الذهبى» للتعاون المشترك بين مصر وليبيا والسودان على هامش القمة العربية بالدوحة، فهل ستنجح المساعى فى تحقيق المشروع ؟.