رئيس التحرير
عصام كامل

وسط توقعات باستمرار تدهور الجنيه.. خفض التصنيف الائتمانى المتكرر لمصر يضيف أعباءً جديدة على كاهل الاقتصاد.. واحتمالات بفرض شروط جديدة من صندوق النقد

تدهور الجنيه المصرى
تدهور الجنيه المصرى

يعتبر خفض التصنيف الائتمانى لمصر مجددا من قبل كبرى مؤسسات التصنيف العالمية هو ضريبة جديدة من فواتير أحداث العنف المستمرة فى الشارع وتخبط القوى السياسية وغياب العقلانية والحوار، فضلا عن استمرار تدهور الأوضاع الاقتصادية.


بحيث خفضت مؤسسة " فيتش" تصنيفها الائتمانى السيادى لمصر الأسبوع الماضى إلى درجة واحدة إلى B من +B، وعزت ذلك إلى اتساع عجز الميزانية، والاضطرابات السياسية، وأبقت الوكالة توقعاتها الائتمانية سلبية، محذرة من احتمال خفض التصنيف مجددا فى غضون 12-18 شهرًا.

وكانت صحيفة "فاينانشيال تايمز" قد توقعت أن عام 2013 سيكون قاسيًا على مصر حتى الآن، فى ظل الاحتجاجات المستمرة والعنف وحالة الطوارئ وتفاقم الأزمة المالية، ومن ثم لم يكن الأمر مفاجئا عندما خفضت وكالة "فيتش" التصنيف الائتمانى لمصر مجددًا.

واتسع عجز الميزانية الحكومى العام إلى 10.7٪  من الناتج المحلى الإجمالى فى السنة المالية 2012 (المنتهية فى يونيو)، موضحا أن بيانات الأشهر الخمسة الأولى من السنة المالية 2013 تظهر مزيدا من التدهور فى ظل الإنفاق على الدعم ومدفوعات الفائدة، إضافة إلى ارتفاع فاتورة أجور القطاع العام، وضعف الاقتصاد الذى يضرب الإيرادات.

ومن جانبهم، قال خبراء ومختصون فى الاقتصاد، إن خفض مؤسسات التصنيف الائتمانى العالمية لتصنيف مصر السيادى يضع أعباء إضافية على كاهل الاقتصاد، لاسيما وأن الاضطرابات السياسية التى تشهدها البلاد تؤثر بشكل ملموس فى درجات تقييم هذه المؤسسات لتصنيف الدول.

ونفى الخبراء احتمالية أن تدخل مصر فى دائرة الإفلاس، وأكدوا أن المؤشرات الحالية وأن كانت تنذر بكارثة، لكن انتهاء أزمة الدستور وانتقال سلطة التشريع إلى مجلس الشورى يعطى بارقة أمل فى تحسن متوقع على المدى المتوسط.

وقال الدكتور رشاد عبده، أستاذ للاقتصاد بجامعة القاهرة ورئيس المنتدى المصرى للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، أن خفض التصنيف الائتمانى لمصر يعنى مزيدًا من المعاناة للمواطن العادى الذى يدفع ضريبة التعثر المالى للدول.

وأضاف أن مصر لن تفلس، مبررا هذا الاتجاه بتعريف مفهوم الإفلاس الذى يعنى أن تصبح الدولة غير قادرة على سداد التزاماتها الخارجية، ولديها إيرادات ثابتة تدخل من مدفوعات عبور السفن من قناة السويس، بالإضافة لإيرادات البترول والسياحة، كما أنها تملك فى الاحتياطى النقدى مبلغ 15 مليار دولار.

وأوضح أن المديونية الخارجية لمصر تبلغ 3.34 مليارات دولار فقط، وهو ليس مبلغا كبيرا، وإذا افترضنا أن مصر فُرِضَ عليها دين لم تستطِع أن تسدده فلن تفلس أيضا، وذلك من واقع طبيعة علاقتها بدول الخليج التى ستساندها حال وقوعها فى أزمة.

وحول كيفية وقوع الدول فى الإفلاس، قال أستاذ للاقتصاد بجامعة القاهرة حينما تحصل الدول على قروض ولا تستطيع سدادها ولا يوجد احتياطى فى بنوكها، حينها نستطيع أن نقول أن البلد أفلس.

ومن جانبها، أكدت الدكتوره أمنية حلمى الخبيرة الاقتصادية بالمركز المصرى للدراسات الاقتصادية أن التخفيض المتكرر للتصنيفات الائتمانية والسيادية الخاصة بمصر يمثل خطرا شديدا على الاقتصاد المصرى فى ظل انخفاض الإنتاج وقلة الواردات وزيادة المديونيات سواء على المستوى المحلى أو الخارجى، فخفض التصنيف الائتمانى لمصر يعود بالاقتصاد المصرى إلى عنق الزجاجة، ما يتيح الفرص أمام صندوق النقد الدولى والبنك الدولى لفرض شروط جديدة على كل التعاملات المصرية خاصة إذا كان إقراض الحكومة المصرية من الخارج عن طريق إصدار سندات بالدولار فى الأسواق العالمية فسوف ترتفع نسب الفائدة إلى حد يصل إلى 5% بعد أن كانت لاتزيد على 25%.

وأضافت أن خفض التصنيف الائتمانى لمصر يكون له تأثير سلبى وملحوظ على حجم تدفقات الاستثمارات سواء الأجنبية أو المحلية، فالمستثمر سوف يفكر آلاف المرات قبل إقامة أى مشروعات من الممكن أن تدعم الاقتصاد المصرى مما يكون له أثر على المدى البعيد فى تقليص فرص عمل الشباب اللاهث وارتفاع نسب معدلات البطالة.

أما المهندس محمد سعيد، العضو المنتدب بشركة أى دى تى للاستشارات الفنية والاقتصادية، أن مصر تواجه حاليا أزمة اقتصادية كبيرة بسبب تراجع إيرادات السياحة والاستثمارات الأجنبية نتيجة حالة عدم الاستقرار السياسى والأمنى التى تضرب البلاد منذ قيام الثورة، وتراجع الاحتياطى النقدى من العملات الأجنبية فى مصر إلى نحو 15 مليار دولار أمريكى فقط حاليا، وهو أقل من نصف ما كان عليه قبل نحو عامين.

وكان الرئيس المصرى الدكتور محمد مرسى، قال فى تصريحات سابقة أنه يأمل فى تحقيق نمو اقتصادى نسبته 5.5 % هذا العام وما بين 7 % و8 % فى الأعوام التالية، وقال مرسى أنه يتوقع خلق نحو 750 ألف وظيفة جديدة فى مصر على أساس سنوى.

ومن ناحيته تنبأ البنك الدولى فى الآونة الأخيرة بنمو اقتصادى لمصر نسبته 2.6 % هذا العام و3.8 % فى عام 2014 يرتفع إلى 4.7% فى عام 2015.

وفى نفس السياق، أعلن البنك المركزى المصرى عن تراجع ملحوظ فى وتيرة تخارج الاستثمارات الأجنبية من مصر خلال الربع الأول من العام المالى 2012-2013 بنسبة 23 % ليصل إجمالى الاستثمارات التى خرجت من السوق المصرية خلال هذه الفترة إلى 2.14 مليار دولار مقابل 2.78 مليار دولار فى الربع الرابع من العام المالى السابق.

وأشار المركزى المصرى فى تقريره الشهرى إلى تراجع صافى الاستثمارات الأجنبية المباشرة خلال الربع الأول من العام المالى 2012، 2013 بنحو 94.1% بمقدار 1.752 مليار دولار ليبلغ 108 ملايين دولار مقابل 1.8 مليار دولار فى الربع الأخير من العام المالى 2011، 2012.

الجريدة الرسمية