«فضيحة عنتيبي».. إسرائيل تتوسط لمصر لدى إثيوبيا.. «نتنياهو» يقود عملية عودة المفاوضات الفنية لسد النهضة.. حضور اجتماع دول حوض النيل أول شروط أديس أبابا.. ووزير الري يعلن عن آخر أور
5 أشهر كانت كافية لإنهاء لعبة شد الحبل التي مارستها إثيوبيا، خلال آخر جولة مفاوضات لسد النهضة، فبراير الماضي، وانتهت لصالحها كالعادة بعد أن أعلنت القاهرة بمفاجآتها بالمرحلة الأولى للسد وانتهت باستسلامها.
إعلان الاستسلام الواضح جاء تلك المرة من المهندس شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء، الذي عقد اجتماع لجنة المياه، الشهر الماضي، ليقرر بعدها حضور مصر لاجتماع دول حوض النيل بعد غياب 6 سنوات، الأمر الذي عده الكثيرون مفاجأة لكن بمجرد ما حدث بعدها من خيوط شكلت الصورة الحقيقية لما يمكن أن يطلق عليه صفقة عودة مفاوضات سد النهضة.
أول شروط الصفقة هي حضور مصر لاجتماع دول حوض النيل التي قاطعتها احتجاجًا على اتفاقية عنتيبي التي تدعو لعودة تقسيم حصص المياه دون النظر إلى أي اعتبارات تاريخية، والتي اعتبرها الرئيس الأسبق حسني مبارك حينها إعلان لضياع حقوق مصر المائية، وفي ظل نص الاتفاقية على التقسيم العادل بين الدول أصرت القاهرة التي تستحوذ هي والسودان على 90% من مياه نهر النيل على موقفها بمقاطعة تلك الاجتماعات.
لم تكن القطيعة سياسية فقط فالجانب الاقتصادي كان حاضرًا بقوة، إذ إن غياب مصر يعني منع أي منح مالية لتلك الدول، الأمر الذي أربك دول حوض النيل حتى وجدت في مفاوضات سد النهضة وسيلة لإرغام القاهرة على العودة دون تغيير أي شروط في عنتيبي حسبما اشترطت مصر.
ووفقًا لمصادر داخل اللجنة الفنية لسد النهضة، فإن التلميح بعودة مصر لدول حوض النيل كان في فبراير الماضي، بعد آخر جولة مفاوضات فنية، وأعلن حسام مغازي وزير الري السابق أن هناك نية لمصر للعودة، وهو الأمر الذي أغضب سامح شكري وزير الخارجية، ودفعه لإرسال خطاب سري لوزير الري يحذره فيها من الإفراط في تلك التصريحات.
أقيل حسام مغازي في التغيير الوزاري، مارس الماضي، لكن الصفقة لا تزال مستمرة وهذه المرة من جانب وزارة الخارجية، بحسب المصادر ذاتها، والتي فسرت تراجع موقف الخارجية بقبول عودة مصر لدول حوض النيل إلى الخطوات التنفيذية التي اتخذتها إثيوبيا لإنهاء المرحلة الأولى للسد بما لم يدع لمصر أي خيار آخر سوى القبول.
نفس المصادر أوضحت أن العودة لم تكن مفاجئة، فالوساطات المصرية لدى إثيوبيا لم تتوقف للحظة واحدة لدفع عجلة المفاوضات المتعثرة منذ أشهر ولإنجاز الدراسات الفنية قبل إنجاز المرحلة الثانية للسد، والتي تمثل كارثة حقيقية إذ أنها المرحلة التي سيتم فيها تخزين 64 مليار متر مكعب من مياه نهر النيل.
وتأمل القاهرة أن تنتهي الدراسات الفنية خلال ثمانية أشهر يتم بعدها الاتفاق حول شروط ملء الخزان بما لا يسبب أي ضرر لمصر أو السودان ولا يعطل في نفس الوقت مشروع السد.
المصادر ألمحت إلى أن أحد الوساطات كانت بنيامين نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل في جولته الأفريقية الأخيرة والتي بحسب زعم المصادر طلب من أديس أبابا عودة المفاوضات الفنية مع مصر في ظل العلاقات التي لا تريد تل أبيب خسارتها مع القاهرة، بحسب تقارير صحفية إسرائيلية عدة.
القاهرة لم تلق كل أوراقها كاملة، وهذا ما ظهر خلال وجود الدكتور محمد عبدالعاطي وزير الري في دول اجتماع دول حوض النيل، إذ أكد خلاله أن مصر لن توافق على اتفاقية عنتيبي بشروطها الحالية، في إشارة منه إلى أن هناك أوراق ضغط مازالت تمتلكها القاهرة.
تلك الترتيبات هيأت المناخ للرئيس عبدالفتاح السيسي، أثناء وجوده في رواندا لحضور اجتماعات القمة الأفريقية الـ27 ليعقد لقاءات مع قادة عدد من دول حوض النيل ويتم الإعلان بعدها عن توقيع العقود الفنية لسد النهضة قبل نهاية الشهر الجاري، بحسب تصريحات الدكتور محمد عبدالعاطي، وزير الري.
«بالطبع إثيوبيا تفعل ما يحلو لها».. كلمات صادمة أطلقها الدكتور ضياء الدين القوصي عضو اللجنة الفنية لسد النهضة، مؤكدًا أن حضور القاهرة هذا الاجتماع نوع من الاعتراف بشرعية عنتيبي، وتمهيدًا لما يمكن أن يحدث خلال الفترة المقبلة من التوقيع على تلك الاتفاقية، وهو ما تسعى إليه أديس أبابا التي تتزعم دول حوض النيل في الوقت الحالي.
«القوصي» قال لـ«فيتو» إن مصر ستدفع منحًا مالية خلال الفترة المقبلة لبعض دول حوض النيل كدليل على مشاركتها في التنمية، وهو ما تريده دول حوض النيل في الوقت الحالي.
"نقلا عن العدد الورقي.."