الفاشلون لا يصلحون لمصر
الدولة المصرية فى أزمة حقيقية، وتم إعلان الحرب بين النظام والمعارضة وكلاهما يسعى لسحق وتصفية الآخر سواء قانونيًا أو شعبيًا، ووصلت العلاقة بينهما لمرحلة لا يمكن العودة فيها لحوار حول كيفية الخروج من المأزق والعبور بمصر من مرحلة انتقالية مضطربة تؤدى بشكل واضح لانهيار كافة مقومات الدولة، وذلك واضح جدًا اقتصاديًا، على سبيل المثال من خلال تخفيض المؤسسات الدولية الاقتصادية لمكانة مصر، وهو ما يدخلنا فى مرحلة إفلاس حقيقى فتصنيفنا الائتمانى الحالى مثل اليونان فى بداية أزمتها منذ عدة سنوات، ولن نصف المشهد السياسى والاجتماعى والأمنى المتمزق النكسوى الواضح، والذى لا يحتاج لتفسير فشريعة الغاب وغياب دولة القانون أصبحت أسلوب حياة فى مصر .
ومع كل أسف ما يحدث بين النظام والمعارضة أمر بشع، وكلاهما يمارس تدميرًا ذاتيًا وإفشالاً للآخر، حتى انتشرت رائحة الدم وتعالت أصوات الكراهية والعداء وصاروا أخوة يقتتلون بلا رحمة، ومشاهد الاتحادية والمقطم كشفت لنا عن مدى التعصب والكراهية بين الجانبين، فكلاهما أصبح يبرر قتل الآخر، وتابع الشعب المصرى مشاهد غريبة عن ثقافتنا وأخلاقنا المصرية فهل نظل فى هذه الأزمة والمحنة الكبرى.
المثير للدهشة أن النظام والمعارضة لم يقدما أى حلول حقيقية لمشاكل مصر الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والأمنية، فهما فاشلان وكلاهما يحمل الآخر فشله، وهل تنتهى الحرب الباردة بينهما وننقذ مصر قبل فوات الأوان وقبل أن تحترق الأرض تحتهم جميعًا، وندخل المراحل الأخيرة لسقوط الدولة مثل الحرب الأهلية والإفلاس والانهيار الاقتصادى .
أزمة النظام الإخوانى فى مصر واضحة للجميع، فهو يسعى بكل قوة للانفراد بالحكم وإقصاء كل معارضيه والتمكين الواضح لمشروعه، وسياسة نشر رجاله فى كافة مفاصل الدولة، فهذا واضح للجميع والأدلة كثيرة، فمن حول الرئيس الآن من مستشارين ومساعدين وحكومة ومحافظين، وهذه ليست جريمة إن كانوا يحملون رؤية وفكرًا ومشروعًا حقيقيًا لنهضة مصر، ولكن أداءهم وسياساتهم فاشلة بشكل لا يجعلنا نشرحها، فمجرد المرور فى الشوارع والأسواق ونوعية الخدمات المقدمة للجمهور وتكلفتها أبرز دليل، والمؤسف أن الإخوان انقلبوا مليون درجة بعد توليهم الرئاسة، وتناسوا أهداف ومبادئ الثورة بل وقفزوا عليها، أصبح كل شىء وفق إرادتهم ورغبتهم شرعيًا، وكل ما هو ضد فكرهم ومشروعهم من الفلول والمخربين والمعادين للإسلام، فهم من عززوا بسياساتهم وتعاملهم مع المعارضة للأزمة الحالية فى رؤية قاصرة منهم إن إنهاك وتشويه المعارضة سيجعلهم يحكمون مصر كما يريدون، وتناسوا شيئًا هامًا أن الشارع المصرى أغلبه بلا توجه سياسى، ويتحرك حسب أفكاره ومعاناته اليومية، فهم الثوار الحقيقيون، وهم القشة التى ستقصم ظهر النظام إن استمر فى انفراده وتسلطه وعناده.
المعارضة المصرية لا يمكن تحميلها فشل الرئيس السياسى والاقتصادى كما يحاول الإخوان ترويج ذلك، فهم ليسوا صناع قرارات وسياسات وليسوا فى الجهاز التنفيذى ولا التشريعى للدولة، وإنما هم ناقدون للرئيس وسياساته، ولكن هم ليسوا ملائكة وشركاء فى صناعة الأزمة الحالية، فهم فى أضعف مراحلهم السياسية الحالية بسبب عدم تجمعهم وقوتهم ونزولهم للشارع لتوضيح آرائهم وأفكارهم، مع أن الساحة متاحة والجامعات والساحات وكافة النوافذ مفتوحة، والأهم من ذلك ليس لديهم مشروع اقتصادى بديل، ولا حتى مرشح رئاسى بديل يلتفون حوله، وقاموا بعزل أنفسهم داخل جدران الفضائيات والمنتديات، وعليهم التعلم من الدرس والتحصن بالشارع فهو ملاذهم الأخير .
مصر فى أزمة حقيقية سببها عناد وتسلط الرئاسة، وضعف وإخفاق المعارضة، والشارع المصرى لن يصبر عليهم طويلاً وتوقعوا عندما لا يجد المصرى قوته وأمنه ومستقبله، أن يفعل ما لا تتوقعون، فتعلموا من الماضى لعلكم تهتدون لخدمة هذا الشعب العظيم .