رئيس التحرير
عصام كامل

زواج «داعش» و«القاعدة» بالدم الأوروبي.. «الظواهري» يصدر التعليمات وذئاب البغدادي تتكفل بالتنفيذ.. عوامل للتقارب بين التنظيمين أبرزها ضربات التحالف.. المقدسي قاد الوساطة..

فيتو

حوادث دامية شهدتها فرنسا وألمانيا على مدى يومين، تعددت أشكالها وانتهت بنتيجة واحدة، طعن وإطلاق رصاص وسبقه دهس، ذئاب منفردة روعت القارة العجوز واخترقت جميع تدابيرها الأمنية، ونفذت جرائمها دون خوف من المحاسبة أو المسئولية، والعاجز عن الفرار قتل نفسه في مسرح جريمته قبل الوقوع في يد السلطات، ومنهم من فضّل الموت برصاص الشرطة على الاستسلام.


1-مبعث قلق



اللافت في أمر الحوادث الإرهابية في دول أوروبا، أنها تحمل علامات الزواج بين «القاعدة» و«داعش»، ما يثير المخاوف من توحد التنظيمين الإرهابيين فوق بركة الدم الأوروبي، وينذر بخطر داهم حول توجيه التعليمات من القاعدة بصفتها متمرسا قديما في عالم الإرهاب، وترك التنفيذ لذئاب «داعش» الوحشية التي لا تتورع عن ارتكاب مجازر جماعية وباتت تستمتع بمشاهدة دماء البشرية تسال من الشرق أو الغرب دون تفريق بين عرق أو دين.

دوران عجلة الإرهاب الأوروبية التي جاءت عقب ساعات من كلمة زعيم القاعدة أيمن الظواهري التي طالب خلالها مؤيديه بخطف رهائن غربيين ومبادلتهم بمعتقلين من أنصار القاعدة، يعزز فرضية الزواج الإرهابي بين القاعدة وداعش على حساب الدم الأوروبي، وتحمل علامات استفهام كثيرة حول شكل التحالفات الإرهابية القادمة.

2- عوامل التقارب


سعى «القاعدة» لإظهار نفسه أبو التنظيمات الإرهابية على مدى الأعوام الماضية، ولم يمنع الجدل حول التقارب المحتمل بعد إعلان المنظر المتشدد أبو محمد المقدسي في رسالة شرعية له منتصف مارس 2016 تحفظه على قتال «داعش» من قبل التحالف الدولي، ورفضه ترحيب بعض الفصائل المسلحة به، وكذلك تعديل موقفه من وصف الدواعش بـ«الخوارج» الذين يجوز قتالهم استئصالا كقتل عاد، وتحريمه الاستعانة بغير المسلمين في حربهم.

عمليا أيضا التقارب النظري والتطابق المرجعي بين تنظيمي «داعش» و«القاعدة» موجود بالفعل. كما أن التقارب الميداني لم يكن مستبعدا بين كليهما، سواءً قبل فصل العلاقة بينهما في مايو 2013 أو بعدها، بشرط قبول أحدهما الشروط المستحيلة بالنسبة للآخر، كاستجابة أبو بكر البغدادي زعيم «داعش» لأميره السابق أيمن الظواهري والالتزام بأوامره، وقبوله بإمارة الجولاني على سوريا، أو استجابة الأمير الظواهري لتابعه السابق ومبايعته أميرا وخليفة عليه، كما بايعت «القاعدة» أمير طالبان أميرا للمؤمنين، لكنه يظل محتملًا خاصة مع التحديات المشتركة المتصاعدة.

3-ضربات التحالف


من العوامل التي ربما مهدت للتقارب الدموي بين التنظيمين، ضربات التحالف الدولى ضد تنظيم "داعش" في سوريا والعراق، ما دفع زعيم القاعدة إلى بث رسالة صوتية في مايو الماضي دعا فيها إلى «الدفاع عن الجهاد في الشام» ضد بريطانيا وأمريكا والسعودية التي زعم محاولتها «تقديم إسلام مزيف»، ووصف أنظمة وحكام تلك الدول بـ«الردة» واعتبر أن إسرائيل «أكبر قاعدة أمريكية خارج أمريكا".

واعتبر الظواهري أن واجب المسلمين الحقيقي هو التحريض على «وحدة المجاهدين في الشام، حتى يتحرر من النظام النصيري (العلوي) العلماني وأعوانه الروافض الصفويين وحلفائه الروس والغربيين الصليبيين، وحتى يقوم فيه كيان إسلامي مجاهد راشد».

رسالة زعيم القاعدة الأخيرة خلت من الهجوم المعتاد على البغدادي، وتحريض أتباع القاعدة لمعاقبته لتمرده على مدرسته الأولى في التنظيم الأبوي ومساعيه لتدشين خلافة خاصة تبتلع المشروع الذي تبناه المؤسس أسامة بن لادن.

4- انقلاب تركيا


ضربات التحالف الدولى ضد «داعش» ليست السبب الوحيد في دفع القاعدة وداعش للتحالف، فهناك الانقلاب العسكري الذي وقع في تركيا منتصف الشهر الجاري وأدخل البلاد في أزمة سياسية كبيرة أدت بدورها إلى تراجع أردوغان عن دعم الفصائل الموالية للنصرة وداعش بالداخل السوري، وربما أيضا تولدت لديه رغبة في توءمة التنظيمين بهدف معاقبة الغرب على موقفه الهادئ ضد الانقلاب العسكري على نظامه وإدانته المسبقة لنية العودة لأحكام الإعدام، والتهديد بإلغاء ورقة اتفاق العضوية بالاتحاد الأوروبي على خلفية الإجراءات القمعية التي ينتهجها ضد جميع مؤسسات الدولة بذريعة التطهير.

ولعل تصريحات الرئيس التركى أردوغان، التي اتهم خلالها ألمانيا بدعم الإرهاب وإيواء عناصر إرهابية دليل على تفاهمات بينه وبين الظواهري والبغدادي خلف الكواليس لمعاقبة الغرب خاصة أنه حذر باريس وبرلين من عمليات إرهابية لن تتوقف، في سياق النصيحة، وسط دور مشبوه لجهاز مخابراته المتهم في تقديم الدعم بكافة أشكاله للتنظيمات المتطرفة.

5-الذئاب المنفردة



وشهدت ألمانيا عدة حوادث إرهابية منفصلة؛ واحدة في قطار وأخرى في ملهى بميونيخ، وأبشعها دموية هجوم مطعم «أنسباخ»، وصدمة جديدة هزّت فرنسا صباح اليوم الثلاثاء حين اقتحم رجلان كنيسة بشمال فرنسا، وقتلا كاهنا بها ذبحا.

هجمات بأشكال مختلفة في أكثر من دولة أوروبية، والقارة تبدو عاجزة عن المواجهة، هناك ما يحول دون القدرة على الانتصار على الإرهاب.
الجريدة الرسمية