رئيس التحرير
عصام كامل

بنتي!

فيتو

وقفت أمام المرأة تتحسس ملامح وجهها، وقد بدأت ملامح الشيب تخطو خطواتها، فها هو شعرها يتحول إلى اللون الأبيض، وها هي تفاصيل وجهها تسارع إليه التجاعيد، نعم كانت مدللة وجميلة، وعاشت الحياة كما يحلو لها، لكنها أبدا لم تكن سعيدة، وتود لو أنها لم تفعل ما فعلته!.


نعم فقد تزوجت من أحبته، لكنها اكتشفت بعد فوات الأوان حقيقته، وأنه أبدا لم يكن يحبها لجمالها ونسبها، وإنما لمالها.. اكتشفت بعد الزواج أنه بخيل بل شديد البخل، وأنه تزوجها طمعا في مالها ومال أبيها الذي كان قد سافر إلى الخليج وجمع من الأموال ما لا بأس به وما جعله مطمعا هو وأبناؤه للكثيرين، وقد رزقه الله بثلاث بنات كن بالنسبة له إلى جوار والدتهن كل الحياة، فلم يكن يبخل عليهن بشيء مما أعطاه الله.. لكن سبحان الله قد تأتي الحياة بما لا نشتهي!.

توفي الأب وترك لهن ما لا بأس به من أموال وعقارات، وأخذت كل منهن طريقها في الحياة، فقد تزوجت الكبرى بمن يناسبها ماديا واجتماعيا، وتزوجت الثانية بشخص أحبته وأحبها وأخلص لها وأخلصت له، أما أنا فقد تزوجت بمن ظننت أنه يحبني، ووقفت في وجه كل من وقف في طريق هذا الزواج بدعوى أنني حرة! وأصررت على هذا الزواج، وليتنى ما فعلت!

جلست أمي معي كثيرا تناقشنى في أمر هذا الزواج وتذكر مساوئه لكني أبدا لم أستمع لها وظللت على عنادي وإصراري عليه، بعد الزواج اكتشفت أن زوجي أناني ولا يحب إلا نفسه وأنه بخيل بل شديد البخل حتى إنه كان يضن بالإنفاق على البيت بل ويطالبني بمساعدته في النفقة مع أنه يمتلك الكثير من الأموال بحجة أنني مقتدرة!.

رفضت في البداية فالمفروض أن ينفق على هو ويقوم برعايتي لكنني لم أجد منه إلا الحرمان العاطفي والنفسي والقسوة في التعامل فما كان مني إلا أن رضخت لطلباته وبدأت أتحمل معه النفقات، وسارت بنا عجلة الحياة بحلوها ومرها حتى جاءت ابنتي، ذلك الأمل الجديد الذي بعث الحياة إلى نفسي، فقد اعتبرتها هدية السماء لي جزاء ما صبرت!

من أجل ابنتي تحملت الكثير.. فقد فكرت كثيرا في الطلاق أو الخلع إلا أنها دوما –ابنتي- كانت تقف دون ذلك فقد كنت أخشى عليها آثار الطلاق والتشتت، بعد كل ما سمعت وقرأت وعلمت ورأيت من أحوال المطلقات!

كنت قد قطعت كل حبال الود مع عائلتي وإخوتي حتى أمي التي كنت دائما ألجأ إليها فتحتويني توفاها الله، والآن لا أجد سوي أخوتي لكني لا أستطيع العودة إليهم مخافة الشماتة!

مرت الأعوام وكبرت ابنتي، وزادت معها رغبتي في إسعادها، لكن الحياة أبت إلا أن تريني ما فعلته مع غيري في ابنتي.. فها هي اليوم ترغب في فعل ما فعلت بعدما تعلقت بأحد الأشخاص ولا أستطيع منعها ولكني أخشى عليها من نفس المصير الذي أحياه الآن!
الجريدة الرسمية