مصطفى أمين يكتب: وداعا توفيق الحكيم
في جريدة الأخبار تحت عامود «فكرة» آواخر يوليو 1987 كتب مصطفى أمين مقالا يرثى فيه الأديب توفيق الحكيم قال فيه: مات توفيق الحكيم الكاتب الكبير الذي ملأ حياتنا أدبًا حيًا نابضًا، الذي علمنا كيف نكتب الحوار ونؤلف القصص، أضحكنا وأبكانا وأضاء مصابيح كثيرة في ظلام حياتنا.
عرفته أول ما عرفته في بيت السيدة روز اليوسف، قدمونى له ولم يبهرنى بشخصيته، كان يجلس تائهًا يهز رأسه موافقًا على آراء لا يوافق عليها، وينظر ساخرًا لأفكار يؤيدها، يتظاهر أنه يسمع الحديث ولا يسمع شيئًا ثم تكتشف بعد فترة أنه لم يكن معك فقد كان يفكر في مقال يسطره أو كتاب يؤلفه.
أعطانى كتابه "عودة الروح" وقرأت الكتاب، ورأيت توفيق الحكيم الحقيقى شعرت بأنه بطل الكتاب الحقيقى كشف عن حبه الأول، وصف أسرته وصفًا ساخرًا ضاحكًا تحدث عن شعب مقهور مهزوم مغلوب محطم يائس كانت عودة الروح هي قصة عودة الروح إلى شعب مصر وهى أروع ما قرأت.
وقرأت مذكرات نائب في الأرياف ورأيت صورًا للحياة في الريف وكأنى عشت فيه طول حياتى أحسست في كل كتاب قرأته لتوفيق أنه يكتب مذكراته تجده في كل قصة ومسرحية في صفحاته امرأة عرفها أو فتاة أحبها أو عاشقة خائنة أو حياة صديق له أو أحداثًا عاشها.
هو لا يكتب من خيال وإنما يخرج بالخيال الحقيقة ويضع أصباغا في وجوه شخصياته حتى يخفيها عن الناس إنهم أشخاص حقيقيون عرفهم وعاش معهم.
عشت مع توفيق الحكيم أحلى أيام شبابي عمل معى في أخبار اليوم ست سنوات منذ العدد الأول إلى أن عين مديرًا لدار الكتب كان ناقدًا رائعًا يهاجم ولا يخاف إذا لم يستطع أن يكتب رأيه على لسانه كتبه على لسان الحمار وهو الشخصية التي خلقها وجعل يحاورها وتحاوره سنوات طويلة.
نشر عودة الوعى وكان جريئًا أحدث دويًا وانهال عليه الطوب وكان يضحك وهو يقرأ المقالات التي كانت تحاول أن تمزقه إربًا وسقطت كل الحملات تحت أقدامه، وبقى توفيق الحكيم.
كان يجب أن تنشر الصحف نبأ وفاة توفيق الحكيم "مانشيت" على ثمانية أعمدة فهو أحد أهم الشخصيات في تاريخ مصر.