رئيس التحرير
عصام كامل

الذهب والدولار يشعلان أسعار السلع والخدمات.. القرنشاوي: ارتباك بالأسواق المحلية والضحية محدودو الدخل.. حماية المستهلك: السيدات يلجأن لدولرة الذهب.. دلاور: اقتصاد ريعي يعتمد على تنمية زائفة

فيتو

على مدى الأيام الماضية ارتفعت أسعار السلع والخدمات بشكل غير متوقع، وأرجع الجميع ذلك للارتفاعات المتتالية في سعر الدولار الذي تجاوز حد الـ13 جنيها، ولارتفاع الذهب بشكل جنوني وصل فيه عيار 21 لأول مرة إلى 465 جنيها، إذ ارتفع بمقدار 15 جنيهًا خلال 24 ساعة وهدد الارتفاع في سعر الدولار العديد من القطاعات، وعلى رأسها قطاع الأعمال العام فمن ناحية يؤدي لزيادة الخسائر ومن ناحية أخرى يعرقل عمليات التطوير بالشركات التابعة.


وفي المقابل سادت حالة من الإحباط والقلق لدى المستهلكين، وعلى رأسهم محدودو الدخل.

دولرة الذهب
وكشفت سعاد الديب، رئيس الاتحاد النوعي لجمعيات حماية المستهلك، عن أن الارتفاع المتتالي في أسعار الدولار والذهب دفع النساء لبيع ما يمتلكونه من ذهب في مقابل شراء الدولار، مطالبة بسرعة إعادة النظر في السياسات المالية والاقتصادية التي تنتهجها الدولة.

كارثة حقيقية
وتابعت بأن استمرار الوضع على ما هو عليه يؤدي لكارثة حقيقية، وسيصعب على أي جهة أيا كانت السيطرة على السوق، وسيزداد غضب الشارع المصري، متسائلة هل يصعب على الدولة أن تضع إستراتيجية لمواجهة الارتفاعات المتتالية في الدولار، لافتة إلى أن المستهلك لم يعد قادر على مواكبة الغلاء في الأسعار نتيجة ارتفاع الدولار.

واستنكرت الديب ترك الحكومة الأسعار لعملية العرض والطلب، مشيرة إلى أن المسئولية مشتركة، ولا يمكن لجهاز حماية المستهلك أن يحمي المواطن بمفرده في ظل الأوضاع الحالية.

تشجيع الإنتاج
ووصفت السوق المحلي الآن بأنه محرض على الغلاء، مطالبة بسرعة اتخاذ الحلول وفي مقدمتها تشجيع الإنتاج لاستبدال السلع المستوردة بأخرى محلية، وتوحيد سعر الصرف لمواجهة المضاربات وإغلاق شركات الصرافة التي لا تلتزم بالسعر المعلن عنه.

السياسات الاقتصادية
وفي السياق ذاته قال الدكتور شريف دلاور، الخبير الاقتصادي، إن ارتفاع أسعار الدولار المتتالية لن تتوقف طالما لم يتم تعديل السياسات الاقتصادية الحالية، منوها إلى أن ارتفاع الدولار يصاحبة ارتفاعات أخرى في السلع والخدمات.

وتوقع حال استمرار الوضع على ما هو عليه سيؤدي تدريجيا لإغلاق المصانع والمشروعات، وبالتالي تسريح العمالة، كما سيؤثر بالسلب على الأوضاع الاجتماعية للمواطن.

النمو الزائف
وأكد دلاور أن ما يحدث الآن من ارتفاعات متتالية وسريعة في أسعار الدولار والذهب يكشف عورة الاقتصاد المصري الذي يعتبر اقتصادا ريعيا يعتمد على النمو الزائف جراء السياحة والتحويلات الخارجية قبل 25 يناير، ثم المساعدات والمنح بعد 30 يونيو، بالإضافة لضعف البنية الإنتاجية.

وتابع بأن ما يحدث الآن هو نتاج طبيعي لهيكل صناعي يعتمد على الاستيراد ويتجاهل الصناعات المغذية والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، كما أنه رد فعل لهيكل تجاري سيطرت عليه السلاسل التجارية الكبري التي تعتمد على الاستيراد.

وأشار إلى أن ما يحدث هو تكرار لذات السياسات التي فجرت ثورة 25 يناير.

سعران للصرف
وأضاف أن هناك كتلة من العملة الصعبة خارج المصارف نتيجة لوجود سعرين للصرف، مطالبا بفرض الضريبة على البورصة والتحول من الاستهلاك للإنتاج والعمل على توفير الطاقة وغلق المحال مبكرا، كذلك توحيد السياسات المالية والنقدية وإلا سيدفع الجميع الثمن غاليا، وتوقع دلاور أن تزداد الأوضاع سوء حال عدم تدخل الحكومة بشكل سريع، واصفا الوضع بالمقلق.

وقال الدكتور علي لطفي، رئيس الوزراء الأسبق، إن السوق يشهد ارتفاعات يومية ملحوظة في أسعار السلع، واصفا الأمر بأنه غير منطقي بالمرة.

تدمير الاقتصاد
وأوضح أن هناك مجموعة من المخربين الذين يستهدفون تدمير الاقتصاد هم من وراء هذه الكارثة التي يعيشها الاقتصاد المصري بسبب ارتفاع سعر الدولار مقابل العملة المحلية.

وطالب لطفي باتخاذ الدولة قرارات حاسمة لمواجهة هذه الكارثة من خلال إغلاق جميع شركات الصرافة لوقف هذا النزيف ولحماية المستهلكين وخاصة من محدودي الدخل.

وأضاف أن وقوف الدولة مكتوفة الأيدي أمام ما يحدث سيفتح الباب أمام المزيد من الارتفاع في الأسعار وتدمير الاقتصاد القومي وضرب الوضع الاجتماعي بالبلاد في مقتل.

حالة الارتباك
ومن جانبه قال الدكتور حاتم القرنشاوي، أستاذ الاقتصاد والتمويل بجامعة الأزهر، إن الارتفاعات المتتالية في أسعار الذهب والدولار تعكس حالة الإرتباك في السوق المحلي خاصة وانها بدون مبررات منطقية.

وتابع بأن الارتفاع في الدولار والذهب دفع الناس إلى استثمار هذه الأزمة ما أضر أكثر بالأوضاع الاقتصادية في البلاد، متوقعا المزيد من الارتفاع وانعكاس ذلك على أسعار السلع والخدمات حال استمرار أزمة العملة وتراجع النقد الأجنبي في البلاد.

وأضاف القرنشاوي أنه بمجرد توافر العملة الأجنبية ووضع حلول جادة من خلال إعلان البنك المركزي عن سياسة نقدية واضحة ستستقر الأسعار بشكل تدريجي وستعود الأمور لوضعها الطبيعي.

واستطرد أن الاستمرار في الارتفاع بالأسعار سيؤدي لتراجع الطلب على الشراء وهو الأمر الذي سيحدث نوعا من الهدوء النسبي في الأسعار.

وعلى الجانب الآخر قال رضا السيد مدير أحد محال الذهب إن العملاء لن يقبلوا على البيع في الفترة الحالية إذ ينتظرون المزيد من الارتفاع في أسعار الذهب، منوها إلى أن التجار لن يتمكنوا من الشراء من العملاء لأنهم لا يملكون السيولة الكافية نظرا لتوقف حركة البيع تماما.

خسائر التجار
وتابع بأن تجار الذهب يتكبدون خسائر يومية في ظل توقف حركة البيع والتزامهم بدفع إيجارات مرتفعة ومرتبات عمالة ومصاريف أخرى كفواتير الكهرباء والمياه وغيرها.

وأضاف أن سعر الدولار تجاوز 13 جنيها وهو ما ينعكس على سعر الذهب بشكل مباشر ويؤدي إلى المزيد من الارتفاعات خلال الفترة القادمة، متوقعا أن يصبح شراء «شبكة العروسة» خلال الفترة القادمة مجرد عادة قديمة، منوها إلى أن سعر الدبلة فقط الآن أصبح يقترب من 5000 جنيه.
الجريدة الرسمية