رئيس التحرير
عصام كامل

فيضان النيل.. «القادم أسوأ».. البنك الدولي: تراجع حصة مصر إلى النصف خلال 2016.. و«الري» تعترف: 40 مليار متر مكعب خسارة العام الماضي.. سد النهضة يزيد الكارثة.. والسد العالي أول المت

سد النهضة
سد النهضة

ما أخفته وزارة الري من تراجع منسوب مياه النيل فضحه مجرى النهر نفسه، ولم يكن امتناع الوزارة عن إعلان المنسوب منذ 2014 إلا بداية التعتيم الذي تم فرضه على حجم الحصة الحقيقية التي تحصل عليها مصر من النهر في موسم الفيضان، ومدى احتفاظ المحروسة بـ55 مليار متر مكعب فعليا.


حسام مغازى، وزير الرى السابق، حاول تبرير سياسة التعتيم بالحديث عن أن منع إعلان منسوب النيل نظرًا لتداول وسائل الإعلام الأرقام بطريقة خاطئة، خلال العامين الماضيين، رغم أن تصريحاته المتتالية نفسها كشفت كارثة تراجع منسوب نهر النيل أي المياه التي تأتي سنويًا في موسم الفيضان، ولعل أبرز ما قاله «مغازي» عام 2015 من أن حجم المياه في بحيرة السد العالى التي تخزن مياه الفيضان وصل إلى 120 مليار متر مكعب بعد الفيضان، ما يعنى تراجع ما يقرب من 40 مليار متر مكعب، إذ تخزن بحيرة السد العالي في مثل هذا الوقت 160 مليار متر مكعب.

الأزمة لم تقف عند هذا الحد ففي تقرير أعدته وزارة الري مؤخرًا عن مشكلة ندرة وجود المياه في كثير من أراضي الدلتا اعترفت الوزارة أن فيضان العام الماضي كان الأقل خلال 100 عام، لكن ما لم تقله وزارة الرى صراحة كشفته دراسة أعدها البنك الدولي عن موسم الفيضان الجديد، الذي يبدأ خلال شهرى يوليو / أغسطس 2016، وأكدت أن تراجع فيضان نهر النيل خلال العام الجاري سيكون الأكبر على الإطلاق بنسبة 30%.

أما نصيب مصر المتوقع فسيكون 36 مليار متر مكعب بدلًا من 55 مليارًا، أما مغاورى شحاتة مستشار وزير الرى فكشف مفاجأة أخرى تتمثل في أن وزارة الرى تعلم هذا التراجع لكنها لم تعلنه، مضيفًا أن هناك دراسة تم إعدادها في عام 2006 عن بدء سنوات تراجع فيضان نهر النيل، وهذا التراجع سيستمر لمدة 10 سنوات وسيكون العام الجارى هو الأسوأ.

الدراسة التي كشفها «شحاتة» كانت سببًا في إصدار مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء في عام 2010، والذي أكد أن 2017 هو عام العطش المائي، وهو الأمر الذي أكده الدكتور محمد عبد العاطي وزير الري في تصريحات صحفية من أن مصر دخلت مرحلة الشح المائي.

وأدى تراجع الفيضان إلى توقف سدى «روصيراص - سنار» في السودان لعدم توفير المياه اللازمة لتشغيل تلك السدود، ما اعتبره خبراء المياه بداية التأثير الفعلى لتراجع فيضان نهر النيل التي تعتمد عليه القاهرة والخرطوم ليكون أساس توليد الطاقة الكهربائية، فيما أكد البعض أن اللجوء إلى بدائل عن السد العالى أصبح ضرورة في ظل الصراع على توليد الكهرباء الذي تعيشه دول حوض النيل في الوقت الحالي.

السد العالى أول المتضررين من هذا التراجع، هذا ما تؤكده دراسة البنك الدولى التي استندت إلى وزير الرى السابق حسام مغازى، واعترف بأنه لجأ إلى سحب مياه من بحيرة السد العالى لسد العجز المائى خلال السنوات الماضية، علمًا بأن السد يلزمه 90 مليار متر مكعب لتشغيل توربيناته البالغ عددها 12 توربينا لتوليد الكهرباء وأى تراجع عن الـ90 مليارا يعنى تراجعا في توليد الكهرباء.

وهذا التراجع دفع وزارة الرى –وفق خبراء المياه– إلى اتخاذ عدد من الإجراءات التي لا تريد كشف أسبابها مكتفية بأنها إجراءات لمواجهة ندرة المياه، ولعل أول تلك القرارات هي الاعتماد على المياه الجوفية المتجددة والمقدرة بـ6 مليارات متر مكعب سنويًا.

الكارثة الحقيقية وفقًا للدكتور نادر نور الدين، الخبير المائى، تتمثل في افتتاح المرحلة الأولى من بناء سد النهضة المفترضة، خلال أيام قليلة؛ لأن تلك المرحلة تحتاج تخزين 14 مليار متر مكعب، ورغم مراعاة إثيوبيا أن يكون افتتاح سد النهضة في وقت يتسم بوفرة المياه أي الفيضان، إلا أن هذا التراجع يعنى أن الكارثة الحقيقية في انتظار مصر خلال الفترة المقبلة.

وفى زيارة لم تستغرق يومين إلى السودان، التقى الدكتور محمد عبد العاطى وزير الري، أبريل الماضي، نظيريه الإثيوبى والسودانى للتباحث حول تأثير افتتاح المرحلة الأولى من سد النهضة ليعود بعدها بتصريحات يؤكد فيها أن أديس أبابا أكدت مراعاتها للظروف الحالية لتراجع فيضان نهر النيل، لكنه لم يشر إلى كيفية تلك المراعاة في ظل تأكيد إثيوبيا أن افتتاح المرحلة الأولى للسد في موعدها.
الجريدة الرسمية