هل ظلمنا الغرب أم أنه أحسن استغلالنا؟!
لاشك أن كثيرين مثلي مشغولون بقضية الربط بين التطرف الديني والإرهاب، بل أن البعض أصبح يربط مباشرة بين الدين الإسلامى والإرهاب فهل هذا الدين العظيم الذي أنزل من فوق سبع سماوات رحمة للعالمين يدعو أنصاره وأتباعه لممارسة الإرهاب؟
أعلم أن هذا موضوع شائك ويحتاج لعشرات الصفحات وعشرات العلماء ليجيبونا عن هذا السؤال الصعب ولا أدّعي قدرتي على الإلمام بكل الأحداث والأفكار التي تؤيد أو تنفي السؤال الذي طرحته ولكن عشت عمرًا وقرأت كتبًا وتابعت أحداثًا كثيرة على مدى نصف قرن من الزمان وحتى أكون محددًا لن أعود لصفحات الماضي البعيد من مقتل عثمان وعلي رضي الله عنهما وأن من قتلهما كانا مسلمين موحدين بالله ولكن سأبدأ من أيامي أنا وتحديدًا من منتصف الستينات حينما كنا في المدارس ونتردد على المشايخ في الكتاتيب لنحفظ بعضًا من القرﺁن الكريم وكان رجال الدين هم الصورة المُضيئة لنا خلقًا وعملًا وتواضعًا وممارسة لكل أعمال الخير حتى كنا نظُنهم ملائكة يمشون على الأرض ولم يخطر ببال أي من جيلنا أن يدعو أي من هؤلآء المشايخ ٳلي عنف أو إلى فكر يؤدى إلى العنف...
وجاءت نكسة 1967 وحدث ما حدث وربط بعض المشايخ بين الهزيمة والبعد عن الله وعن الدين ومن هنا كان لابد أن يكون للدين دور فاعل وللشيوخ دور رائد في حث جنودنا على الدفاع عن الأرض التي أٌحتلت وأن الشهادة في سبيل تحرير الأرض هي أعلي درجات الشهادة وكانت هناك ندوات ولقاءات مستمرة بين رجال الدين والجنود وكل ذلك شىء محمود ولا تعقيب عليه ونتذكر جميعًا أن العبور بدأ بصيحة الله أكبر..
ولكن فلنتابع ما حدث بعد ذلك من استخدام الجهاد لتحرير سيناء ٳلي تحرير أفغانستان من الحكم الشيوعي الملحد الكافر!
ومن سيحررها غير الشباب المتدين المجاهد الذي ينتظر الجنة بعد الشهادة وتم توجيه التيارات والجماعات والتنظيمات الدينية في كل الدول الإسلامية من أغناها (السعودية) ٳلي أفقرها (الصومال) للذهاب ٳلي أفغانستان لتحريرها ((والغريب أنها حتى اللحظة لم تتحرر بعد)) ولم يكن ليحدث ذلك ٳلا بعد التمهيد لظهور شيوخ جدد وكتب جديدة ((تباع مجانًا على أرصفة الشوارع وأمام المساجد)) وأفكار جديدة تم ترديدها ونشرها في كل هذه البلدان فرأينا شباب الجماعة الإسلامية في مصر وعلا صوت الشيخ كشك وتجول عمر التلمساني مرشد الإخوان المسلمين (الجماعة المحظورة سابقًا والإرهابية حاليًا)، حرًا طليقًا تحت بصر وسمع الدولة وفي حماية أمنها والغريب أن يكون ذلك كما رُوج وقتها لمحاربة المد الشيوعي بينما كانت الشيوعية نفسها آخذة في الانحسار والانهيار في موطنها الأصلي في الاتحاد السوفييتي كل ذلك أصّل لفكرة انتقال الفكر وانتقال المجاهدين ٳلي خارج الأوطان ولتحرير أوطان الغير وتبع ذلك تغيير فكرة الدفاع عن الوطن ٳلي فكرة الدفاع عن العقيدة وهذه هي النقطة الأخطر فالدفاع عن الوطن يعني كل أفراد الوطن كانوا يساريين أو اشتراكيين أو ثوريين أو متدينيين ولكن الدفاع عن العقيدة أو الدفاع عن الوطن بفكر عقائدي يعني أن الشهادة والجنة فقط للمتدينين الذين يدافعون عن الوطن!
وهذا ما حدث مع الفلسطينين في منظمة التحرير واليساريين الذين ماتوا دفاعًا عن فلسطين هل ماتوا كفارًا ؟ وأن سناء محيدلي التي فجرت نفسها في جنوب لبنان في أبريل من العام 1985 دفاعا عن أرضها ماتت كافرة !!! بينما الشهادة والمجد للمقاتلين المؤمنين وهذا ما أدى إلى ظهور وإعلان حماس في ديسمبر 1987 وضاعت القضية بين منظمة التحرير التي بدأت وناضلت وشٌردت في كل بقاع الدنيا والتي ضمت كل فصائل المقاومة عن فلسطين وبين حماس الجماعة المؤمنة.
وتتزايد وتيرة التيارات الإسلامية فتفتح دول الغرب أبوابها لهم ((ليس حبًا)) ولكن ليكونوا تحت أبصارهم وطوع أوامرهم وإلآ فليفتينا شيخ واحد من شيوخهم كيف تحرمون علينا التعامل مع هذه البلاد الكافرة وتقليد الغرب بينما تنعمون أنتم في شوارعها وحدائقها ومطاعمها الرائعة وتتزوجون نساءهم ذوات العيون الزرقاء لهذا هم دائما يبررون كل شيء ويحللون لأنفسهم كل شيء ويحرمونه على خصومهم... ولما قويت شوكتهم وزاد عددهم وأصبحوا أكثر استجابة للأوامر المخابراتية وبقدرة قادر وجدنا المنابر الإعلامية تُفتح لهم والفضائيات السحرية تتبارك وتتسابق في إستضافتهم بل أصبحوا هم ملاكها يتنقلون بمنتهي الحرية داخل هذه البلاد التي أصبحت مسرحا حقيقيًا لكل الفرق الإسلامية، وكل يعمل تحت رايته وفكرته ولكنهم في النهاية يلتقون في نقطة واحدة لأنهم جميعًا يعملون تحت قيادة واحدة، وهدف واحد عرفوا ذلك أم جهلوا قصدوا ذلك أم لم يقصدوا الهدف واضح تمامًا استغلال الدين في تفتيت الدول ليس فقط الإسلامية بل حتى الدول التي تٌعادي الغرب أو لا تدور في فلكه وٳلآ فليفسر لي كيف كان جموع الشباب المسلم بلباسه الأبيض وشاله الأبيض الناصع يتجولون في أكبر عاصمة ملحدة (موسكو) فور انهيار الاتحاد السوفييتي في ديسمبر1991 وبأعداد كبيرة... من كان يحميهم ومن علمهم اللغة الروسية ولماذا ذهبوا ومن كان يمولهم؟
وليفسر لي المفسرون ما حدث في ليبيا والتي لم نر فيها يومًا أي أثر لجماعة ٳسلامية أو أي تيارات إسلامية لماذا امتلأت شوارعها بذوي اللحي الطويلة والجلاليب القصيرة في يوم وليلة بعد أحداث 17 فبراير من أين جاءوا ومن نظمهم وتولي تسليحهم...فليفسر لي المفسرون كيف كانت ثورة 25 يناير مصرية 100٪ وكانت كل طوائف الشعب في ميادين مصر حتى 11 فبراير 2011، لماذا تلونت سماء مصر بعد ذلك كلها بالصبغة الإسلامية والأعلام الإسلامية واختفت صور المسيحى الذي يساعد المسلم على الوضوء كل ذلك تم عقب استقبال القرضاوي في قلب ميدان التحرير ليعلنها ٳسلامية ٳسلامية!! فليفسر لي المفسرون لماذا جبهة النصرة في سوريا وداعش في العراق وبيت المقدس في سيناء من أين أتوا ومن دربهم ومن أين استقوا أفكارهم؟ ألا تعرفون، مشايخهم ألا تعرفون كتبهم أا تعرفون قدراتهم العسكرية واللوجستية كل ذلك يجعلنا نعود من حيث بدأنا هل ظلمنا الغرب أم أنه أحسن استغلالنا؟!