رئيس التحرير
عصام كامل

قَمر وَشمس..! قصة قصيرة

احمد الغرباوى
احمد الغرباوى

( هي ) صباح كُلّ جمعة يطير إليها عصفور حُرّ.. لايعرف إلا التغريد حُبًّا في عَالم مُرّ..!
أنامل ضوء.. تفرق ظلمة سواد شعر ( هو ).. قبيل نومه ورأسه على صدرها في حلمه..!

في روحه دُميعة أمنيّة.. تعَصى على الذوبان..!
في كَبد الليْل ضىّ براء.. يشع للناظر هدى طريق.. دون عَودة لظلمة ضلال..!
استجابة صرخة طفل تائه.. يَجوب كُلّ خدود النساء.. يبحث عن ندبات أمّه.. التي كان يعشّش فيها فرخه الصغير لهوًا وحنانًا..!
حضنُ يزمّله.. يوم أدمن خمر كأس الحزن في ذيول أحلامه حتى.. حتى أتيتِ..!
رقّة أوقفت سَحب روحه بين دفّات عَفن ورق.. ورجفة حُبّ طوال نوم.. ووحَشة خلو وسادته..!
أمل ذاك الذي أبدًا.. أبدًا لم يغادره في مجئ حُبّ ذات يوم تغريد فجر..!
رواء روحه.. الذي ينزف ارتواء.. ارتواء بلا دماء..!
كانت.. ولا تزال النجمة الوحيدة.. التي تهادت في غيوم مناماته.. وشجن مطرها وسط شدة سواد وكَثافة غَيْمها. !

( هو ) على يقين أن ( هي ) تعرفه..؟
( هي ) على يقين من أن ( هو ) يَقصدها ( هي ) دون غيْرها..!

( هو ) لم يَتحدّث لأحد غَيْرها.. لم يَجرؤ على إرسال بُوح ( عِشق روحه ) لأىّ أخرى غيْرها.. شرارات نور ونار يقدح الكلم في كيانه يأسًا.. يأس يسلم إلى بؤس في صمت..!
( هي ) كانت أوحَد حُبّ عَرفه نِهايْة عُمره..
( هو ) لم يَكتب شعرًا إلا عنها ومنها ولها.. ومايَنشره إلهامها.. نبض يقينه حَرفه.. واجب عَليْه أن تقرأه وحَقّها.. أم يَحاول أن يَجد مُبرّرًا في بَقاء خيْط رفيع بيْنهما.. يبثّها إلتيْاع وتشوّق صَلبه..؟

( هو ) أعوام وأعوام يصرّح لها أكثر من مرّة.. وبالتحديد في أغسطس بدايْة كُلّ عام.. يحتفل بأوّل رِسالة حُبّ يرسلها إليْها..
( هي ) دائمًا تقول لا أتذكّر شيئًا..!

(هو ) يَردّ أرجوكِ لاتسألى عن أشياء.. ( أنتِ ) ـ التي ( هي ) ـ على يقين من إجاباتها..!
( هي ) تعرف كل الإجابات التي تسأل عنها.. رَبّما لا تَحِسّها.. لاتشعر بها.. لا تؤمن بالحُبّ.. كما تزعم ( امرأة عمليّة أنا )..

( هو ) يرسل إليْها:
 سيّدتى وما التناقض بين الحُبّ والعمليّة.. الحُبّ هِبة الربّ إبداعاَ.. والحيْاة لاتتحرّك للأمام إلا بالمبدعين..!
الذين لايعرفون الحُبّ يسيرون في ثبات.. يتقدّمون في سكون.. وللتسامح ورغبة الحيْاة يفتقدون..!
الذين لايعرفون الحُبّ يعيشون.. فقط يعيشون ولايَحيْون..!
( هو ) يؤمن كذلك أن هذا حَقّها.. لا جبر في الحُبّ.. ولا غصب في تماس ضلّ مَحبوب.. ولا التماس في إهانة.. قهر عِشق وغَلبة نفس..!
وفى مُنتهى حًب في الله عشقًا.. يتهادى.. يتنّدى قطيّرات زَخّ.. يتأرجح العَاشق بيْن الرضوخ والشعور بالذنب..!
( هي ) في شَجن من حَقيق حُبّ.. ربّما تستلذّ حَالة عِشقه بيْنما تأبى شخصه.. وترفضه رجلًا.. رفيق درب صُبح مِسا عُمر..

( هو ) أجاب أكثر من مَرّة صراحة لــ ( أنتِ ).. إنها ( هي ).. لدى ( أنا )..
( هي ) تؤكّد لا أحد.. لا أحد يوجد في حيْاتها..!

( هو ) فجأة يعرف ارتباط قلبها بــ ( آخر ) غيْره.. وليس ( هو ).. فيلقى القدر بكبريْاء روحه في أوّل قاطرة بُعاد.. وعَ المحطات يرسم نزفه أثره..
لايعرف غير الحرف والكلم إلا ما يكابده..
في صمت يبعد.. في تدرّج فراق يزحف.. وخِلسة من غشيْان قلبه في يَمّها يوعدها.. وَعدها ألا يفرض منتهى حُبّه على ( هي )..
فقط يطلب من ربّه أن يسامحه في لحظة ينقض عهده.. عندما يريد أن يطمّن عليها من داء أو موقف شدّة.. أو عند شعوره بدمُيْعة حُزن تعكّر ذَهبيّة صُفرة عينيْها.. أوشجن أسى يلتحف بوجهها.. وهى التي تملأ الحجرات بصوتها العالى طيّرًا.. ومَرحها الشتوى العَاصف دَعوة حُبّ..
أو يفتقد اللحن المميْز لترنيمات طرق أظافرها على باب مكتبه.. فيسأل عليها عندما يطول غِيابها.. وزقزقة كعب حِذائها.. تأوّهات فرخ يبغى تعلم التغريد في مجيئها ورواحها بين طرقات عمله.. ربما تعود صدفة تجمعهما.. كما حدث في أسانسير ذات يوم.. أو.. أو..
(هو ) يبارك حُبها والــ ( آخر ) في حَيْاتها.. اختيْار قلبها.. وينتظر (هو) على أمل غد..
غد تَحيْا فيه سعادة باختيْارها..
من يدرى..؟
،،،،،
حبيبتى..
( هو ) دائمًا كان يسأل:
ـ لما ( هي )..؟
ربّى.. لما ( هي ) التي ( أنتِ )..؟
ولماذا ( هو ) الذي ( أنا )..؟

( هو ) دائمًا يتساءل:
ـ ما كان هو ( مُحمّد ) النبىّ.. وما كانت هي ( عائشة ).. عِشق أبد..؟
الربّ مَهّد الأرض بحيْاة.. لكل مخلوق تفرّد حيْاة.. وتنوّع ثمر..
ولكنها..
لكنها ( هي ) غدت في حَيْاته حَيْاة..!
ربّما جنين رحم لم.. لم يلد..!
وحتى لحظه.. ما كانت ( هي ) حَيْاته أبدًا.. أبد..!
وما تمكّن من قيْادة ذاته.. وهروبها من أن تغدو لها كفن..!
ويفشل في جبر حَيْاة ذاته في مسيرة حيْاته..!
توءمان.. يرفض أحدهما حَيْاة واحدة في بنت أو ولد..!
حياة واحدة في حَاجة للأخرى.. ولاتملك..
لم تعد تملك غير أمل في رزق ربّ..؟
وقدرة على تحمل ابتلاء..
بلاء في حاجة حياة.. يتأمّلها ( هو ) انتظارًا في..
في صبر وجلد..!
،،،،،،
( هو ) يبقى في انتظار..
يَحيْا في صمته.. وألا يَخالف وَعده لها.. فلايبدو طفلا أمامها.. وخيط رفيع من حرير على أمل..
أمل وألم في ديْمومة وجع روح قاسية.. ولايعرف متى تندمل..!
أمل أن يكون آخر خيْارها عندما تستنفذ كل وسائل السعادة في الحياة..
إنه أمل غريب..
أمل في ألم لقاء.. أفضل من ألم في يأس بلا أمل..!
قدر غريب..!
( هو ) يرفض اتهام الشيخ الطيب المذكور في كل الأشعار والأوراد والأسفار بأنه يخالف قدر..
ويلقى رأسه في حُضنه.. يدثّره وهو يتمتم:
ـ سامحنى شيْخى..؟
ربّما في خضوع ( عِشق روحى ) خالفت قدر الله..
ولكن.. خالفته لقدر آخر.. قدرٌ أحبُّ إلى الله أكثر.. أكثر..!
(هو).. غصب عنه..؟
(مش) بإيد القمر يِخاصم ( سما )..؟
ولا بإيد ( السّما )..
ظُلمتها ترفض رحيل سواد ليل في نور شمس ( قَضا )..؟
شيخى.. شيخى اعذرنى..؟
ظلمة شمس وقمر انطفئ.. ( انطفا )..!
الجريدة الرسمية