أزمة وادي دجلة.. التداعيات والحلّ
لا شك أن نادي وادي دجلة أصبح من أكبر المؤسسات الرياضية في مصر؛ لكونه أول نادٍ دخل ميدان الاستثمار الرياضي، وبالنادي أكثر من 5000 لاعب ومدرب، وأكثر من 150000 عضوية.. لكن أين تكمن أزمة النادي الحالية؟
بدأت هذه الأزمة بالتحديد عنـــدما أراد مالكو النادي استثمار أموالهم في مشروع رياضي، فوجدوا أن قانون الهيئات رقم 77 لسنة 78 لا يسمح بالاستثمار في مجال الرياضة، حيث إنه يعتمد على الهيئات الأهلية فقط، فلجأوا إلى طريق به نوع من الالتفاف على القانون، وهو أن يقـوموا بإشهار نادٍ للعاملين بشركة وادي دجلة؛ وهذا مشروع، أما أن يتم إنشاء أربعة فروع باسم النادي، غير مشهرة بالشباب والرياضة، وملكيتهم لنادي وادي دجلة للاستثمار الرياضى، دون أن يكون للأعضاء أي علم بذلك؛ فهو أمر غير مشروع.
وعلى هذا الأساس تم قبول عضويات بالنادي يعتقد أصحابها أنهم تابعون لنادٍ مشهر بالشباب والرياضة؛ وليس لنادٍ تابع لشركة خاصة، وهنا بدأت الأزمة؛ حيث تم إخفاء ذلك عن الأعضاء، والدليل الأكبر على ذلك؛ هو أن النادي كان يطلب من العضو التوقيع على نسخة تعاقد واحدة فقط خاصة بالنادي، ولم يُسمح للعضو أن يأخذ منها صورة ضوئية، وكان الأعضاء يعتقدون أن هذا إجراء روتيني خاص بالشباب والرياضة.
واشتعلت الأزمة عندما علم أعضاء النادي أنّ هناك نوعين من العضويات، واحدة تحمل رقم (0100) والأخرى تحمل رقم (0400) وبعدها بدأت التساؤلات التالية: ماذا تعنى هذه الأرقام؟ ومالذي يُميِّز كل عضوية عن الأخرى؟ إلى أن اتضح أن العضويات التي تحمل الرقم (0100) تَخُصُّ العضويات المعتمدة من الشباب والرياضة والتي تتبع نادي وادي دجلة بالمعادى، والأخرى التي تحمل رقم (0400) تَخُصّ العضويات التابعة لشركة وادي دجلة للاستثمار الرياضي، والتي تملك الأربعة فروع الأخرى للنادي.
وقد أثير هذا الجدل في عام2010، وتقدَّم عدد من أعضاء النادي بشكوى للمجلس القومي للرياضة، وقد حاول المهندس حسن صقر حينها أن يصحح وضع هذا النادي، لكن بصورة أو بأخرى لم يُتح وجود القانون له ذلك، وفى غفلة من الزمن صدر قرار إشهار دائم، كانت صياغته غريبة عما نعرفه، ولم نعلم من أصدره أو من المسئول عنه، بعدما كان النادي إشهاره مؤقتًا من عام 2003.
وتتابعت الأحداث بعدها، وتزايد عدد المعترضين من الأعضاء، وتم التقدم بعدة شكاوى للنائب العام، وبعدها قام مسئولوا النادي بعمل ترخيص للأربعة فروع الغير مشهرين من نقابة المهن الرياضية، لكن ترخيص النقابة غير كافٍ؛ لأنه ترخيص لمزاولة مهنة الرياضة فقط؛ وليس ترخيص لعمل منشأة وقبول عضويات.
وفي الوقت القريب قامت النيابة العامة بوضع مالك نادي وادي دجلة على قوائم ترقب الوصول لاتهامة بالتزوير والاستيلاء على أكثر من تسعة مليار جنيه من أموال الأعضاء.
وبالمناسبة فإنه ليس من مصلحة الدولة تدمير صرح كبير كنادي وادي دجلة كي لا يتضرر أعضاء النادي، كما أنه ليس من مصلحة مالكي النادي أن يستمروا في عدم وضوحهم مع الأعضاء، وربما كان عدم إصدار الدولة لتشريعات خاصة بالاستثمار في مجال الأندية الخاصة تحفظ بهاحقوق أصحاب الأموال، وحقوق المتعاملين مع النادي؛ هو السبب الرئيسي في هذا العوار القانوني.
ولعلّ قانون الرياضة الجديد المرتقب صدورهأن يتدارك هذه المشكلة الكبيرة، فالقطاع الخاص الآن أصبح شريكًا حقيقيًا في الاستثمار الرياضي ولا يمكن تجاهله أو إغفاله، كما يجب أن يُحَلّ هذا الموضوع بصورة من العقلانية والحكمة، وأن يأخذ كل ذي حق حقه؛ الدولة والأعضاء ومالكي النادي.