رئيس التحرير
عصام كامل

مصير «الضباط الأحرار» بعد «ثورة 1952».. تعيين «جمال حماد» محافظا للمنوفية.. نفي «خالد محيي الدين» لسويسرا لخلافات مع المجلس.. «كمال الدين حسين» وزيرا

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

يرتبط تنظيم «الضباط الأحرار» في أذهان المصريين بمجموعة من المناضلين ممن شاركوا في التخطيط لثورة 23 يوليو 1952، لإلغاء الملكية، ولكنهم لا يتذكرون منهم سوي الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، لتعيينه رئيسا للجمهورية، والمشير عبد الحكيم عامر نظرا لاقترانه بحروب عدة خاضتها مصر عقب الثورة، مثل العدوان الثلاثي وحرب اليمن ونكسة 1967، واللواء محمد نجيب الذي تقلد منصب أول رئيس للجمهورية عقب الثورة، وكذلك الرئيس الراحل محمد أنور السادات الذي ألقى بيان الثورة حينها.

 
ولكن هناك الكثيرين لا يعلمون مصير الضباط الأحرار بعد الثورة، وفيما يلي استعراض لبعض ملامح حياة الضباط الأحرار بعد 23 يوليو 1952.

محيى الدين

«خالد محيي الدين».. أصبح في 1944 أحد الضباط الأحرار، الذين انقلبوا على حكم الملك فاروق سنة 1952، وكان وقتها برتبة صاغ، ثم أصبح عضوا في مجلس قيادة الثورة، لقبه جمال عبد الناصر بالصاغ الأحمر في إشارة إلى توجهاته اليسارية، وحينما دعا محيي الدين رفاقَه في مارس 1954 إلى العودة لثكناتهم العسكرية لإفساح مجال لإرساء قواعد حكم ديمقراطي، نشب خلاف بينه وبين معظم أعضاء مجلس قيادة الثورة أدي به إلى الابتعاد إلى سويسرا لبعض الوقت.

بعد عودته إلى مصر ترشح في انتخابات مجلس الأمة عن دائرة كفر شكر عام 1957، وفاز في تلك الانتخابات، ثم أسس أول جريدة مسائية في العصر الجمهوري وهي جريدة المساء، وشغل منصب أول رئيس للجنة الخاصة التي شكلها مجلس الأمة في مطلع الستينيات لحل مشكلات أهالي النوبة أثناء التهجير.

تولى خالد محيي الدين رئاسة مجلس إدارة ورئاسة تحرير دار أخبار اليوم خلال عامي 1964 و1965، وهو أحد مؤسسي مجلس السلام العالمي، ورئيس منطقة الشرق الأوسط، ورئيس اللجنة المصرية للسلام ونزع السلاح، وحصل على جائزة لينين للسلام عام 1970 وأسس حزب التجمع العربي الوحدوي في 10 أبريل 1976.

اتهمه الرئيس الأسبق أنور السادات بالعمالة لموسكو، وهي تهمة كانت توجه لعديد من اليساريين العرب في حقبتي السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضى، وفى السنوات التي سبقت اعتزاله السياسي أبى المشاركة في انتخابات رئاسية مزمعة في مصر ليقينه بأن الانتخابات لن تكون نزيهة وأن مشاركته ستستخدم لتبرير شرعية الرئيس مبارك.

جمال حماد

وكذلك جمال حماد، الذي انضم إلى الضباط الأحرار عام 1950، وشارك في الإعداد لثورة يوليو عام 1952، وكتب بيان الثورة الأول، عين مديرا لمكتب القائد العام للثورة اللواء محمد نجيب، ثم كلف بعد ذلك بالانتقال للعمل ملحقا عسكريا لمصر بين عامي 1952 و1957 في كل من سوريا ولبنان والأردن والعراق.

تولى جمال حماد بعدها منصب مدير مكتب القائد العام محمد نجيب، وتطورت الأحداث وحدثت خلافات داخل مجلس قيادة الثورة الذي كان رجاله من أنصار جمال عبدالناصر بعد أحداث فبراير ومارس 1954، وقدم نجيب استقالته وعاد مرة أخرى تحت ضغط الإرادة الشعبية، ولكنه كان بلا سلطات لأن السلطات التي كانت بيده انتزعت منه.

عارض حماد اعتقال محمد نجيب ووضعه محددا إقامته في فيلا المرج ١٨ عاما، وأوضح في كتبه أن لنجيب فضل في نجاح الحركه كضابط برتبة لواء معروف للشارع المصري، وأن بدونه كانت نسبة الفشل ستكون أعلي لأن الباقين شخصيات غير معروفة داخل مصر أو خارجها.

بعد الإطاحة بمحمد نجيب، انتدب "حماد" للعمل ملحقا عسكريا لمصر بين عامي 1952 و1957 في كل من سوريا ولبنان والأردن والعراق، ثم عين بعد ذلك محافظا لكفر الشيخ ثم محافظا للمنوفية وذلك بين عامي 1965و 1968.

كمال الدين حسين

وتضمنت قائمة الضباط الأحرار في مصر، كمال الدين حسين، عضو مجلس قيادة الثورة، والذي عين وزيرًا للشئون الاجتماعية عام 1954 ثم وزيرا للتربية والتعليم، وساهم في تأسيس نقابة المعلمين واختير نقيبا للمعلمين عام 1959، وعين قائدا لجيش التحرير سنة 1956 وعين وزيرا للإدارة المحلية عام 1960م، ثم رئيسا لمجلس الوزراء سنة 1961، وعين مشرفا عاما على تنظيم الاتحاد القومى، واختير نائبًا لرئيس الجمهورية ومشرفا على وزارات الإدارة المحلية والصحة والعمل والإسكان والإرشاد والشئون الاجتماعية والتربية التعليم، واختير رئيسا للجنة الأوليمبية المصرية عام 1960، وتولي رئاسة المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية ورئيسا لمؤتمر الشباب الآسيوي الأفريقي.

يوسف صديق

ولا يمكن أن ينسي التاريخ، «يوسف صديق» والملقب بحامي الثورة، فقد كان أول من تحرك من الضباط ولم يخف الموقف على ضباطه وجنوده، حيث خطب فيهم قبل التحرك بأن ما سيفعلونه من أجل مصر، ‏بعد خروجه قبل الميعاد المحدد بساعة، لعدم إبلاغه بتغيير الميعاد إلى ‏الواحدة صباحًا، عندما أبلغ عبد الناصر جميع ضباط الحركة عدا يوسف صديق؛ لكون معسكره في الهاكستيب بعيد جدا.

وبعد خرج صديق من معسكره، فوجئ برجلين يلتفان حوله، تبين أنهما جمال عبد الناصر وعبد الحكيم عامر، وحدث جدل كبير بين “صديق” و”ناصر” على عودة كتبية الهايكستب إلى ثكناتها، لكن يوسف صديق أصر علي إتمام العمل، وأن الثورة بدأت، وأنه مستمر في طريقه إلى مبني قيادة الجيش لاحتلاله.

مصير حامي الثورة

عقب‏ ‏نجاح‏ ‏حركة‏ ‏الضباط‏ ‏الأحرار،‏ ‏دعا‏ ‏يوسف‏ ‏صديق‏ إلى ‏عودة‏ ‏الحياة‏ ‏النيابية‏، ‏وخاض‏ ‏مناقشات‏ ‏عنيفة‏ ‏من‏ ‏أجل‏ ‏الديموقراطية‏ ‏داخل‏ ‏مجلس‏ ‏قيادة‏ ‏الثورة.

ويقول‏ ‏يوسف‏ ‏عن‏ ‏تلك‏ ‏الخلافات‏ ‏في‏ ‏مذكراته‏: "‏كان‏ ‏طبيعيا‏ً ‏أن‏ ‏أكون‏ ‏عضوًا‏ ‏في‏ ‏مجلس‏ ‏قيادة‏ ‏الثورة،‏ ‏وبقيت‏ ‏كذلك‏ ‏حتى ‏أعلنت‏ ‏الثورة‏ ‏أنها‏ ‏ستجري‏ ‏الانتخابات‏ ‏في‏ ‏فبراير‏ 1953، ‏غير‏ ‏أن‏ ‏مجلس‏ ‏الثورة‏ ‏بدأ‏ ‏بعد‏ ‏ذلك‏ ‏يتجاهل‏ ‏هذه‏ ‏الأهداف،‏ ‏فحاولت‏ ‏أكثر‏ ‏من‏ ‏مرة‏ ‏أن‏ ‏أترك‏ ‏المجلس‏ ‏وأعود‏ ‏للجيش‏ ‏فلم‏ ‏يُسمح‏ ‏لي‏ ‏بذلك".

وعندما‏ ‏وقعت‏ ‏أزمة‏ ‏فبراير‏ ‏ومارس‏ ‏عام‏ 1954، ‏طالب‏ ‏يوسف‏ ‏صديق‏ ‏في‏ ‏مقالاته‏ ‏ورسائله‏ ‏لمحمد‏ ‏نجيب‏ ‏بضرورة‏ ‏دعوة‏ ‏البرلمان‏ ‏المنحل‏ ‏ليمارس‏ ‏حقوقه‏ ‏الشرعية‏، ‏وتأليف‏ ‏وزارة‏ ‏ائتلافية‏ من ‏قبل‏ ‏التيارات‏ ‏السياسية‏ ‏المختلفة‏ ‏من‏ ‏الوفد‏ ‏و الإخوان‏ ‏المسلمون‏ ‏والاشتراكيين‏ ‏والشيوعيين،‏ ‏وعلى‏ ‏أثر‏ ‏ذلك‏ ‏اعتقل‏ ‏هو‏ ‏وأسرته، ‏وأودع‏ ‏في‏ ‏السجن‏ ‏الحربي‏ ‏في‏ ‏أبريل‏ 1954، ‏ثم‏ أُفرج‏ ‏عنه‏ ‏في‏ ‏مايو‏ 1955 ‏وحددت‏ ‏إقامته‏ ‏بقريته‏ ‏بقية‏ ‏عمره إلى أن توفي في ‏31 ‏مارس‏ 1975.‏

عبد المنعم أمين

أما عن عبدالمنعم أمين، قائد سلاح الفرسان ورئيس حرس الحدود، فانضم إلى تنظيم الضباط الأحرار، يوم 22 يوليو 1952، تولى عقب الثورة منصب محافظ أسوان، وكان المسئول عن وحدات المدفعية المشاركة في الثورة، في عام 1978م ،وغربت شمس القيادي عبد المنعم أمين ودفن بقرية محلة دياي كما أوصى بذلك.

الجريدة الرسمية