الإسلاميون وقود النار
" وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ" (البقرة-190)"وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ فَإِنِ انتَهَواْ فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ"( البقرة -193)"كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ" (البقرة- 216)
هذه الآيات وغيرها من الأحاديث الشريفة منها ماروي عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله، ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض) فهم منها السابقون أن الجهاد يكون لأعداء هذا الدين، ومناوئيه ماداموا يحاربون هذا الدين، لكنها اتخذت ذرائع ومشاعل حرب في الحروب العالمية التي تحاول قوي الاستعمار إشعالها، فبفضل هذه الآيات والأحاديث وبفضل استثمارها من قبل أعداء الإسلام قبل محبيه وأنصاره، استطاعت القوى الاستعمارية التخلص من مناوئيها السياسيين، الذين ما فتئ بعضهم يقتل بعضا تحت دعاوي الجهاد وهو منهم براء..
فقد استخدمت القوى المعادية هذه الآيات مع الحركات الإسلامية وخصوصا طالبان وغيرها من التيارات الإسلامية التي تصدت للاتحاد السوفييتي، ومن قبلها استخدمتها بريطانيا في إشعال الحرب الهندية بين المسلمين والهندوس، وفي باكستان وأفغانستان، واستطاعت هذه القوى استغلال هذه الآيات في إشعال الحروب بين أبناء الديانة الواحدة المختلفين مذهبيا لا عقائديا؛ وها هي الآن تستخدم هذه الآيات لإذكاء الفتنة بين الشيعة والسنة في اليمن والعراق ولبنان وفي الإمارات، وها هم المسلمون وحدهم يصمون أنفسهم بالإرهاب دونما غيرهم، فأصبحوا هم نار الحرب ووقودها، وأصبحوا جميعا يكتوون بها وحدهم..
وهذا يبدو جليا وواضحا فيما يحدث في أقطار الوطن العربي بلا استثناء، في سوريا وبلاد الشام،وفي ليبيا والسودان، وفي جميع أقطار الوطن العربي وأخيرا في تركيا فها هم المسلمون يتطاحنون يتفاتلون يتنابذون بالسلاح، وكل فريق منهم يستشهد بهذه الآيات في النيل من الآخر والاعتداء عليه، وهو ما يصب في النهاية في صالح هذه القوى التي تخطط وتدبر للنيل من الإسلام وأتباعه بكافة توجهاته ومذاهبه..
فالإسلام عندهم ملة واحدة لا فرق بين سني وشيعي وأشعري وسلفي فالكل عندهم سواء، ومن ثم فإن الخاسر في تلك الحروب ووقودها هو هذه الأمة التي لن يسلط الله عليها عدوا من غير جلدتها مصداقا لما رويٍ عَنْ سَعْدٍ: «أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَقْبَلَ ذَاتَ يَوْمٍ مِنْ اَلْعَالِيَةِ؛ حَتَّى إِذَا مَرَّ بِمَسْجِدِ بَنِي مُعَاوِيَةَ؛ دَخَلَ فَرَكَعَ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ، وَصَلَّيْنَا مَعَهُ، وَدَعَا رَبَّهُ طَوِيلًا، ثُمَّ اْنصَرَفَ إِلَيْنَا فَقَالَ: سَأَلْتُ رَبِّي ثَلَاثًا فَأَعْطَانِي ثِنْتَيْنِ، وَمَنَعَنِي وَاحِدَةً. سَأَلْتُ رَبِّي أَلَّا يُهْلِكَ أُمَّتِي بِالسَّنَةِ فَأَعْطَانِيهَا، وَسَأَلْتُهُ أَلَّا يُهْلِكَ أُمَّتِي بِالْغَرَقِ، فَأَعْطَانِيهَا، وَسَأَلْتُهُ أَلَّا يَجْعَلَ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ، فَمَنَعَنِيهَا».