رئيس التحرير
عصام كامل

الروائي أحمد خالد توفيق: كنت متفائلًا بعد ثورة يناير وأدركت أنه تفاؤل «عبيط»

فيتو

  • متشائم لأن الواقع يوحي بمستقبل مكفهر وخايف جدا على مستقبل مصر
  • دعمت بعض الشباب بقوة ثم شتموني بقسوة 
  • هوجمت لأنني كتبت مقدمات أو خلفيات لكتب لم تعجب الناس
  • تمنيت أن أرى حاكمًا عربيًا مهمومًا بشعبه مثل بن جوريون 
  • اكره إسرائيل ولكني اعجب بها مثل طفيل الملاريا
  • أنا من جيل تعلم كراهية كل ما هو إسرائيلي
  • كتابي القادم "اللغز وراء السطور" سيصدر مع دار الشروق
  • الروس جعلوني أمسك بالقلم وتعلمت منهم الكثير 
  • اكتب أسوأ الاحتمالات القادمة
« لا أعتقد أن هناك كثيرين يريدون معرفة شيء عن المؤلف.. فأنا أعتبر نفسي ـ بلا أي تواضع ـ شخصًا مملًا إلى حد يثير الغيظ»

هكذا يتحدث الدكتور الأديب والطبيب أحمد خالد توفيق عن نفسه التي يسخر منها في كل احاديثه، رغم ماحققه من نجاح على مدى عقدين من الزمان وارتباط الكثير برواياته وقصصه بدءا من وراء الطبيعة وانتهاء باخر الإصدارت " ممر الفئران".
ويعتبر توفيق أول كاتب عربي في مجال أدب الرعب والأشهر في مجال أدب الشباب والفانتازيا والخيال العلمي، ويرى أن الواقع العربي يوحي بمستقبل مكفهر ويقول "أنا بطبعي متشائم، لذلك اكتب أسوأ الاحتمالات القادمة "فيتو" التقته في سياق الحوار التالى:


*هل يستطيع الخيال العلمي التنبؤ بالمستقبل؟
بالطبع يستطيع ذلك.. بل يجب أن يفعل ذلك ويصنع المستقبل أحيانا. الخيال العلمي نوع من تجربة (ماذا سيحدث لو كذا) مع استخدام التطور العلمي أو رؤية الكاتب لمستقبل البشرية، ويتم التزاوج بين العلم والأدب الذين اعتبرهما الناس نقيضين.

*ما دور الخيال العلمي في تشكيل المجتمع الحالي والمستقبل من وجهة نظرك؟
بصرف النظر عن التنبؤ بالطائرة والغواصة والأمثلة الشهيرة، فإن 451 فهرنهايت و1984 تحققتا مرارًا.. وغريب في بلاد غريبة تحولت إلى ما يشبه الكتاب المقدس لجيل الهيبز الذين عاشوا مثلها.. آلة زمن ويلز تتنبأ بتضخم فوارق الطبقات إلى درجة تحول البشر لطبقة ناعمة غبية كالخراف وطبقة عاملة قاسية مفترسة. كأنها تجربة عملية للفكر الماركسي. الخيال العلمي يرينا ما يمكن أن يحدث ويوسع نظرتنا للمستقبل. قد نغدو أكثر حذرًا أو حكمة..

*لماذا يثير أدب المدينة الفاسدة اهتمامك.. ويغريك التاريخ البديل؟
جربت هذه التيمة مرتين ولم أتعمدها، ولا أعتقد أنني سأكررها ثانية منعًا للملل. لكن الواقع العربي يوحي بمستقبل مكفهر وأنا بطبعي متشائم، لذا اكتب أسوأ الاحتمالات القادمة، التاريخ البديل (الأوكرونيا) تيمة محببة في الخيال العلمي. ماذا لو ربح هتلر الحرب ؟ ماذا لو انتصرت اليابان ؟ ماذا لو خرجت الطائرات المصرية لتواجه الطيران الإسرائيلي في 1967 ؟. هذا نوع من ألعاب المختبر المسلية تتم في العقل.. ماذا لو وضعنا المركب أ مع المركب ب ؟ سلسلة سالم وسلمى التي قدمتها كلها تلعب على التاريخ البديل

*في «يوتوبيا» كنت خائفا جدا.. هل مازلت متخوفا مما قد يحدث لمصر في المستقبل؟
متخوف جدًا جدًا.. هذا واضح من كتاباتي.. تخلصت من الخوف ستة اشهر بعد ثورة يناير، ثم بدأت أقلق من جديد. كنت متفائلًا ثم بدأت أدرك أنه تفاؤل عبيط.

*هل يمكن وصف كاتب الخيال العلمي بـ«النبي»؟
وقع الكلمة في العربية ثقيل نوعًا.. لنقل إنه (عراف من طراز خاص)..

*من الجمهور المستهدف من أدب الرعب خاصة أنه يحكي عن أرض غريبة؟
ما الغريب في الرعب ؟ نصف قصصي يدور في بيئة محلية في مصر، حيث البقال والحلاق وبائع الفول. الجمهور المستهدف هو الشباب الرومانسي الراغب في أن يحلم. الرعب تيمة مشروعة للتسلية النظيفة وأنا لا أرفض التسلية النظيفة.. هذا دور لابد أن يقوم به أحد.

*إلى أي مدى تحققت نبؤاتك على أرض الواقع.. وكيف تري المستقبل اليوم؟
لم تتحقق يوتوبيا بعد والحمد لله، وإن كان معظم القراء يقولون إنها تحققت فعلًا، لا أعرف كيف سيكون المستقبل، المؤشرات غير سارة وأرجو أن تكون هناك رؤية أوضح لدى حكامنا، أنا لا أحسدهم أبدًا.

*هل ندم الدكتور أحمد خالد عن دعمه لاحد الشباب الصاعد؟
مستحيل.. بالعكس ندمت على عدم دعمي لكثيرين. المشكلة هي الانشغال وضيق السعة النفسية وعدم التفرغ ووهن الصحة وكثرة الأعمال التي تعرض على، لدرجة أنني صرت عاجزًا تمامًا عن متابعة الشباب الصاعد، ثم أنني لست ناشرًا أو ناقدًا، هناك من دعمتهم بقوة ثم راحوا يشتمونني بعنف وقسوة لكنهم قليلون.. تلقيت الكثير من الهجوم لأنني كتبت مقدمات أو خلفيات لكتب لم تعجب الناس، لدرجة اتهامي بتقاضي مال من المؤلفين ! لهذا صرت أعتذر دائمًا عن كتابة أي مقدمات أو خلفيات.. بعد فترة صار من المستحيل أن أفعل لأن من اعتذرت لهم من قبل سيغضبون.

*في احدي مقالاتك تحدثت عن نجاح قادة إسرائيل في تحقيق مصالح بلادهم.. ماذا الذي كنت تريد قوله بين السطور؟
ليس مقالًا قديمًا هو مقال طازج جدًا أعجبت بجولة نتنياهو في أفريقيا والتخطيط طول الأمد لمحاصرة مصر.. في مذكرات بن جوريون تراه يدون كل ليلة ما قدمه اليوم لإسرائيل بصدد المفاعل النووي أو التعويضات من ألمانيا. تمنيت أن أرى حاكمًا عربيًا مهمومًا بشعبه لهذا القدر.

*رؤيتك للوضع الإسرائيلي تقول انك من مؤيدي زيارة وزير الخارجية المصري لتل ابيب.. هل تري أن الوقت مناسب ؟
مؤيد ايه يا راجل.. ؟ حرام عليك...هات لي أي سطور أقول فيها إنني مؤيد أو متحمس... قلت إنني أكره إسرائيل جدا لكني معجب بها كما أنا معجب بطفيل الملاريا أو بعوضة الأنوفيليس آلة قتل واحتلال مصممة جيدًا.. هل هذا تأييد لزيارة وزير الخارجية ؟.. أنا من جيل تعلم أن يكره كل ما هو إسرائيلي.. اقرأ كتابي (قصاصات) ضمن سلسلة سافاري لتفهم..

*لماذا اخترت أن تطبع في دار الكرمة اعمالك القادمة بدءا من ممر الفئران ؟
أيضا هذا كلام بلا أساس.. هل انا قلت ذلك ؟ دار الشروق دار محترمة عريقة وأنا فخور بالعمل معها. لكني أحاول أن أحافظ على علاقة ثابتة دافئة مع الدارين. كتابي القادم (اللغز وراء السطور) سيصدر مع دار الشروق.. وهو مقالات عن عالم الكتابة..

*هل تاثرت بالكتابات الروسية في اعمالك؟
جدًا.. جدًا.. جدًا.. بل الروس هم من جعلوني أمسك بالقلم..

*هناك اتهام باقتباس أحمد خالد توفيق في بعض أعماله؟
هذه تهمة واسعة جدًا وفضفاضة.. قرأت اتهامات لعلاء الأسواني بأنه سرق يعقوبيان من ميرامار وسرق نادي السيارات من حفلة التيس.. بالذمة هل يوجد أي تشابه ؟. أنا متأثر جدًا بالأدب الغربي لكن هل هذا اقتباس ؟. عندما كتبت حب في أغسطس راح أحد الأذكياء يؤكد أن الرواية الأصلية عنده للكاتب الياباني فلان. كيف يكون شعورك وأنت كتبت كل حرف من القصة وتعرف أنه يعرف أنك تعرف أنه كذاب ؟ طلبت منه أن يفضحني وينشر الرواية اليابانية فخرس. ربما قرأ زمان رواية عن عاشقين تفرقا بعد القنبلة الذرية واعتبر أن هذا كاف لاتهام السرقة. أما الكلام عن البيوت المسكونة ومصاصي الدماء والزومبي ولعنات الازتك فشيء مباح للجميع. على كل حال هذه التهمة تطفو للسطح بشكل دوري كلما امتدحت عبد الناصر أو البرادعي.. يقررون فجأه انني لص أفكار.

الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"
الجريدة الرسمية