رئيس التحرير
عصام كامل

الفصل الأخير لم يكتب بعد!


بموافقة الغرب على الإجراءات الأمنية القمعية التي أخذ بها ولا يزال الطاغية التركي رجب أردوغان، بل واعتبارها ضرورية لحفظ الأمن القومى لتركيا، وأن الولايات المتحدة تدعمها، تصبح الرءوس متساوية! رأس الغرب برأس داعش برأس الطغاة، وبالتالي، لم يعد ثمة ضرورة أو مجال لعمل جماعات المجتمع المدني، ومنظماته المعلنة والسرية، التي تبيع بضاعة بائرة ومنتهية الصلاحية، اسمها كرامة الإنسان وحقوق الإنسان، والتجسس على الدول، لحساب الممول الغربي!


ومن عجب أن الغرب الذي انتفض بالأمس رافضا هذه الإجراءات البالغة الصرامة، وعدها عدوانا على الدستور التركي ذاته وعلي شروط العضوية بحلف الناتو، بل اعتبر إعادة تشريع الإعدام بمثابة إعدام حقيقي لفرص انضمام تركيا إلى جنة الاتحاد الأوروبي! هذا الغرب الذي انتفض غضبا ورفضا نكس الرأس وصمت فجأة.

لماذا تراجع الغرب؟ السر يكمن في تراجع الموقف الأمريكي!

ولماذا تراجع الموقف الأمريكي؟!

السر يكمن ويقبع في غلق قاعدة إنجرليك الأمريكية، جزء كامل من أمريكا موجود فوق الأراضي التركية، يمثل قاعدة عدوان على العرب منذ ثلاثين عاما، كما أن قاعدة إنجرليك مزودة بصواريخ نووية مصوبة نحو الأراضي الروسية حاليا، السوفيتية سابقا، أيام الحرب الباردة، التي انتهت بتداعي وانهيار الإمبراطورية السوفيتية وتمزيق كرامة شعوبها على يد الغرب.

وذاك هو ما يحمله مشروع الربيع العربي للمنطقة العربية.

ومع شدة وشراسة الردود الانتقامية التي يقوم بها الرئيس التركي أردوغان، متمثلة في طرد عشرات الآلاف من المعلمين وأساتذة الجامعات، واعتقالات طالت عشرات الألوف، فإن الأصوات المعارضة بدأت تنتبه إلى أن أردوجان الذي أفشل الانقلاب بمؤزارة من أوباما، بات هو ذاته يقود انقلابا مدنيا ضد الجيش، والمجتمع التركي، الذي لم يرضه بالقطع أن يري دواعش أردوغان وميليشياته، تذبح وتنكل وتهين وتعري ضباطا كبارا وجنودا صغارا.

إذن الغرب يكيل بمكيالين حين يتعلق الأمر بمصالحه، وليس في هذه الفرضية ما هو جديد، بل هي ثابتة ومجربة، وبخاصة في المشهد المصري، قياسا على المشهد التركي، رغم التناقض الصارخ والتباين الساطع ما بين ثورة شعب ضد أمثال أردوغان، يعضدها الجيش وينتصر لها ويفرض على العالم احترام الإرادة المصرية من خلال خطوات دستورية ثلاث استوفاها بعقلانية وصبر، أما انقلاب الجيش التركي فكان هدفه تخليص المجتمع التركي العلماني الدستور من حكم الإخوان والتخلف والدواعش.

غاب عن المنقلبين، وكنا سنسميهم الثوار، لو نجح انقلابهم، أن هناك جيشا موازيا للجيش التركي وللأمن التركي، هو جيش الإرهاب الخاص. فقد أسس أردوغان قواته الخاصة التي تحميه من جيشه وشرطته لو وقع تمرد أو انقلاب، ولقد شاهدنا، وسبحان الله، السحن المقيتة ذاتها، وهي تذبح وتصرخ وتخنق وتعري. لقد لاحظ الإعلام الغربي أن حشود أردوغان رفعت عقيرتها هاتفة بالشعارات الدينية الإسلامية وليس الشعارات الوطنية.

السؤال الآن: لقد ظهرت قوة أردوغان العشوائية.. فهل يمكن أن يطمئن الغرب لرجل دولة يقود ميليشيات داعشية العقيدة، وهذا الرجل يمثل دولة فاعلة ومؤثرة في حلف الاطلنطي؟

وهل ترسانة الصواريخ النووية وغير النووية في مأمن حقا أم أن جيش الميليشيات الموازي هذا يمكن أن يطيح بأردوغان ذاته، وإن يضع الارهابيون أياديهم على قنبلة يوم القيامة؟!
ما جري ولا يزال يجري في تركيا، يخضع للفحص والفعص والتمحيص الدقيق!
الفصل الأخير لم يأت بعد!
الجريدة الرسمية