رئيس التحرير
عصام كامل

«خطة ابتزاز السعودية».. باحث أمريكي يزعم: واشنطن حذفت فقرات مدمرة للعائلة المالكة من تحقيقات 11 سبتمبر.. دور خفي لشركة «كورفيس».. وإثارة الشكوك حول دور للأمير نايف بن عبد العزيز وض

فيتو

بدأت الدوائر الأمريكية حربا إعلامية ممنهجة على المملكة العربية السعودية، في سياق الابتزاز السياسي للمملكة بزعم تورطها في هجمات 11 سبتمبر الإرهابية.


وبالرغم من إعلان الكونجرس الأمريكى رسميا براءة الرياض مما نسب إليها وما روجت له وسائل الإعلام حول ما نشر في هذا الشأن على مدى أكثر من شهرين، شرع معهد واشنطن للدراسات المقرب لدوائر الاستخبارت الأمريكية في لي ذراع السعودية بتسريب معلومات من الصفحات السرية للتحقيقات في الحادث المروع الذي غير خارطة العالم.

نظريات المؤامرة

وفى مقال له نشر على موقع "معهد واشنطن" وصحيفة "فورين بوليسي"، قال الباحث الأمريكى سايمون هندرسون زميل معهد واشنطن، " في بعض الأحيان يكون الواقع عبثيًا بحيث يفوق كل ما يمكن لنظريات المؤامرة التوصل إليه. فبعد أكثر من 13 عامًا على نشر تقرير التحقيق الذي أجراه الكونجرس الأمريكي حول الأحداث المحيطة بهجمات الحادي عشر من سبتمبر، تم نشر "28 صفحة" حول التدخل السعودي في الهجوم الإرهابي والتي كانت موضع نقاش كبير، وتم حجب نشرها نظرًا لكونها حساسة جدًا وغير قابلة للنشر. وقد تبين أن هناك 29 صفحة، وليس 28، مرقمة من 415 إلى 443 في التحقيق الذي أجراه الكونجرس حول هجمات 11 سبتمبر. كما أنه مع الحذف الذي تم في الصفحات، والذي يشمل في بعض الأحيان كلمات وغالبًا أسطر بأكملها، يصل عدد الصفحات إلى ما يعادل ثلاث صفحات بالإجمالي. لذلك لم نحصل بعد على الصورة الكاملة.

إحراج العائلة

وتبيّن على الفور وبشكل واضح أن الاعتقاد السائد حول سبب عدم نشر هذه الصفحات منذ البداية صحيح، وهو منع إحراج العائلة المالكة السعودية، نظرًا إلى كون هذه الصفحات مدمرة:

الصفحة 415: "أثناء وجودهم في الولايات المتحدة، كان بعض مختطفي الطائرات في 11 سبتمبر على اتصال بأفراد قد يكونوا مرتبطين بالحكومة السعودية وتلقوا الدعم والمساعدة منهم... وزعم البعض أن إثنين على الأقل من هؤلاء الأفراد هم ضباط في الاستخبارات السعودية".

الصفحة 417: أحد الأفراد الذين تم التعرف إليهم في الصفحات على أنهم قدموا الدعم المالي لإثنين من الخاطفين في هجمات11 سبتمبر، وهو أسامة باسنان، تلقى في وقت لاحق "مبلغًا كبيرًا من المال" من "عضو في العائلة المالكة السعودية" خلال رحلة قام بها في عام 2002 إلى هيوستن.

الصفحة 418: "يشكل سعودي آخر تربطه علاقات وثيقة مع العائلة المالكة السعودية، [محذوف]، موضع تحقيقات من مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي في قضايا مكافحة الإرهاب".

الصفحتان 418 و419: كان من ضمن جهات الاتصال على هاتف زعيم تنظيم «القاعدة» المحتجز أبو زبيدة الرقم غير المدرج للشركة الأمنية المسئولة عن مقر إقامة السفير السعودي لدى الولايات المتحدة الأمير بندر بن سلطان في ولاية كولورادو.

الصفحة 421: "[يشير] [محذوف]، بتاريخ 2 يوليو 2002 إلى "أدلة دامغة بأن هناك دعمًا لهؤلاء الإرهابيين داخل الحكومة السعودية".

الصفحة 426: كانت زوجة باسنان تتلقى المال "من الأميرة هيفاء بنت سلطان"، زوجة السفير السعودي. (اسمها الحقيقي هو في الواقع الأميرة هيفاء بنت فيصل).

الصفحة 436: شهد المستشار القانوني العام في وزارة الخزانة الأمريكية ديفيد أوفهاوسر بأن "مكاتب [المؤسسة الخيرية السعودية] ' الحرمين ' على اتصال كبير بالمتطرفين، المتطرفين الإسلاميين". كما شهد مسئولون في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية بأنهم "كانوا يحرزون تقدمًا في تحقيقاتهم حول مؤسسة ' الحرمين '... وأن رئيس المكتب المركزي متواطئ في دعم الإرهاب، مما أثار أيضًا أسئلة حول وزير الداخلية السعودي الأمير نايف".

كبار الأمراء

وأضاف هندرسون، عند قراءة ما ورد أعلاه، صرختُ قائلًا: "نعم!" في يناير 2002، نقلت مجلة "يو إس نيوز آند وورلد ريبورت" عن مسئوليْن لم تذكر اسمهما من إدارة الرئيس السابق بيل كلينتون قولهما إن اثنين من كبار الأمراء السعوديين كانا يدفعان لأسامة بن لادن منذ تفجير عام 1995 في الرياض، الذي أسفر عن مقتل خمسة مستشارين عسكريين أمريكيين. وقد تابعتُ الأمر في مقال للرأي نشرتُه في صحيفة "وول ستريت جورنال" في أغسطس 2002، ذكرتُ فيه أن مسئولين أمريكيين وبريطانيين أطلعوني على أسماء اثنين من كبار الأمراء كانا يستخدمان الأموال السعودية الرسمية، وليس أموالهما الخاصة، للدفع إلى بن لادن من أجل إشعال اضطرابات في أماكن أخرى خارج المملكة، ولكن ليس داخلها. وقد أشرتُ إلى الأميريْن في وقت لاحق في مقال رأي لاحق في صحيفة "وول ستريت جورنال": وكانا هؤلاء الأمير نايف، والد ولي العهد الحالي، محمد بن نايف، وشقيقه الأمير سلطان، وزير الدفاع آنذاك ووالد الأمير بندر. وقد توفي كلًا من الأمير نايف والأمير سلطان في وقت لاحق.

ونقل مقال "يو إس نيوز آند وورلد ريبورت" عن مسئول سعودي قوله: "أين الدليل على ذلك؟ لا أحد يقدم الدليل".
 كان ذلك المسئول وزير الخارجية الحالي عادل الجبير، الذي أمضى بلا شك الأيام الأخيرة يضغط على أعضاء الكونجرس الأمريكي للحد من الأضرار، وأراهن على أنه ربما استخدم المنهجية نفسها.

مستطردا، لكن مع صدور الصفحات التي بلغ عددها 29، ومع الوصف المفصل الذي ورد فيها حول العلاقات المالية بين الخاطفين في أحداث 11 سبتمبر ومسئولين سعوديين، أصبح من الصعب بصورة متزايدة تقديم الحجة التي قدمها الجبير. ففي النهاية، نقلت لجنة التحقيق عن مصدر تم حجبه مدّعيًا وجود "أدلة دامغة تشير إلى أن هناك دعمًا لهؤلاء الإرهابيين من داخل الحكومة السعودية".

شركة كورفيس

وعند نشر هذه الصفحات، قدمت شركة "كورفيس" للعلاقات العامة التي مقرها في واشنطن، والتي يربطها عقد مربح مع المملكة، تحليلها الخاص الذي بدأ باقتباس من مقابلة أجراها مدير وكالة الاستخبارات المركزية جون برينان مع قناة العربية في 11 يونيو. وفيما يلي جزء منه: "لم يكن هناك أي دليل يشير إلى أن الحكومة السعودية كمؤسسة أو أن كبار المسؤولين السعوديين بشكل فردي دعموا هجمات 11 سبتمبر".

يمكن أن يكون هذا صحيحًا، ولكنه مع ذلك يسمح بإمكانية، بل احتمال، أن تكون الإجراءات التي اتخذها كبار المسؤولين السعوديين قد أسفرت عن تلك الاعتداءات الإرهابية. فأنا لم أقُل أبدًا أن الحكومة السعودية أو أفرادًا من العائلة المالكة قدموا الدعم أو التمويل بشكل مباشر لهجمات 11 سبتمبر. بيد أن المطاف انتهى بالمال السعودي الرسمي في جيوب المهاجمين من دون أدنى شك. وفي هذا الإطار، سألت مرة مسؤولًا بريطانيًا: "كيف لنا أن نعرف؟" فأجاب، إننا نعرف من أي حساب جاءت الأموال، وأين انتهى بها المطاف.

خطة ابتزاز

ويبدو أن هذه الوثائق سوف تظل سلاحا أمريكيا لابتزاز المملكة العربية السعودية ومساومتها على قضايا اقتصادية وسياسية في المستقبل، خاصة أنه في الوقت الذي تبرأ فيه دوائر القرار المعنية الرياض من هذه الجريمة الإرهابية التي اهتز لها العالم، تناور الولايات المتحدة المملكة بتسريب معلومات عن محتوى مزعوم تم حجبها في وثائق التحقيقات.

الجريدة الرسمية