الأقباط.. الشيء لزوم الشيء!
اقتلوا المسيحيين، أو اطرحوهم أرضًا؛ تخلُ لكم أرض مصر بخيراتها؛ فهم سبب «الفتنة» لأنهم يريدون بناء «كنيسة» بحجة أداء صلواتهم فيها.. أنصدقهم أم نصدق شيوخنا الذين أكدوا لنا أن «الكنائس» لم تُستخدم لـ«العبادة»، وإنما كـ«مخازن للأسلحة» الخفيفة والثقيلة؟!.. فإذا كانوا يريدون الصلاة حقًا؛ فليؤدوا صلواتهم في «الشوارع».. نعم الشوارع.. مالها الشوارع؟!
امسحوهم من على وجه الأرض؛ فهم سبب «الخراب الاقتصادي» الذي حل على البلاد والعباد.. أنُصدِّقُ رجال الأعمال «الأقباط»، أم نُصدِّق مشايخنا الذين يؤكدون لنا أن «النصارى» لا يدفعون الضرائب، ويُهربون أموالنا إلى الخارج؟ وأن «مجدي يعقوب» ترك بريطانيا وجاء إلى مصر؛ لينفذ مخططًا صهيونيًا، أمريكيًا، ملوخيًا، باذنجانيًا!
تخلصوا من «الأقباط» الذين يأكلون طعامنا، ويشربون من نيلنا، ويتنفسون هواءنا، ويعيشون على ترابنا.. فهؤلاء سبب كل مشاكل المنطقة العربية، وسبب مشاكل العالم.. وسبب «خناقة» الراجل والست حرمة..!
طارِدوهم في كل مكان.. ضيقوا عليهم الخناق.. امنعوا عنهم الماء والهواء.. فهم سبب انتشار الفساد في البر والبحر والجو.. هم سبب تخلفنا.. هم سبب جهلنا.. ولن تنصلح أحوالنا إلا بالتخلص منهم، أو أن يُعطوا «الجزية» عن يدٍ وهم صاغرون، كما يقول بعض دعاتنا ومشايخنا!
أيها «المسيحيون»، لماذا كل هذه «الضجة» حول حادث «طهنا الجبل»؟ وماذا يُضيركم إذا قُتِل منكم شخص وأُصيب أربعة آخرون من عائلة اثنين من القساوسة؟ فالحادثة «عادية»، وليست هي المرة الأولى، وقطعًا لن تكون الأخيرة!
نعم.. الحادثة «عادية»، بل عادية جدًا.. ونحن قد اعتدنا على ذلك، وأنتم أيضًا.. فما الذي جدَّ عليكم؟ ولماذا «تصرخون»، و«تولولون»، و«تلطمون» خدودكم هذه المرة؟
لقد اعتدنا منكم أن «تُهانوا» فتصمتوا.. وأن «تُضْرَبوا» على خدكم الأيمن؛ فتميلوا لنا خدكم الأيسر.. وأن «تُسحلوا» دون أن تغضبوا.. وأن «تُتعروا» دون أن تشعروا بالخزي والعار.. وأن «تُقتلوا» وتشيعوا قتلاكم خانعين، ذليلين.. فما الذي تغير حتى تطالبوا بتغيير المعاملة معكم؟
أنسيتم أحداث قرية «أبو يعقوب» بمركز المنيا؟ أنسيتم ما حدث في قرية «كوم اللوفي» بمركز سمالوط؟ أنسيتم حادثة قرية «البيضاء» بالعامرية؟ أنسيتم واقعة «سيدة الكرم» بأبو قرقاص؟ ماذا فعلتم وقتها؟ بكيتم؟ لطمتم؟ صرختم؟ عادي جدًا.. تركناكم تُنَفِّسون عن أنفسكم.. لكن «يا عيب الشوم»، عاوزين تقيلوا المحافظ، ومدير الأمن، والعمدة.. دا في «المشمش»، أو «عندها يا أدهم»!
أتريدون أن يُعامل القس «رافائيل موسى» معاملة «شهدائنا» الأبرار؟ بتتكلموا بجد فعلًا؟ يعني عاوزين جنازة كبيرة، ومسؤولين كبار يقفوا ياخدوا العزاء، والقنوات تصور، والصحافة تنشر أخبار عنه وكده؟ طب بالذمة دا اسمه كلام.. هو أنتم مش عارفين الليلة ماشية إزاي، ولّا عاوزين الشيوخ التقال يقولوا المسيحيين عاوزين يغيروا هوية مصر الإسلامية، وهات يا تحريض عليكم؟
هل صدَّقتم أنفسكم أن بمشاركتكم في «30\6»، وظهور البابا تواضروس في مشهد «3\7» سينقلكم من خانة «الرعايا» إلى خانة «المواطنين»؟ أبدًا، أبدًا.. فنحن نستعين بكم لـ«التصوير» فقط، ولزوم الديكور.. يعني الشيء لزوم الشيء.. ولزوم «الفشخرة» أمام العالم.. وإن عندنا «مواطنة» وكده يعني!
أتريدون أن تتساووا معنا في الحقوق والواجبات، وفي المناصب الكبيرة؟ هيهات، هيهات.. فهذا الكلام كنا نسمح به في عهود «الملكية».. وقت أن كان «المسيحيون» يُشكلون «الوزارة» في مصر «المسلمة».. وقت أن كانت مصر «ليست وطنا نعيش فيه، بل وطن يعيش فينا».. وقت أن كان «الدين لله، والوطن للجميع».. أما الآن- وفي عهود «الجمهورية»- فقد أصبح الشعار: «الدين لنا، والوطن أيضًا».. فإذا ما سألتم: وأين الحكومة؟ وأين دولة القانون؟ أجيبكم: الحكومة بـ«عافية شوية»، ودولة القانون «ربنا ينتعها بالسلامة»!