رئيس التحرير
عصام كامل

إيران « جمهورية الاكتفاء الذاتي».. تحتل المرتبة الثانية عشرة عالميًا في إنتاج السيارات.. تمتلك ترسانة صاروخية.. منتجاتها غزت أسواق المملكة العربية السعودية.. والطائرات الحربية في مقدمة إنتاج

فيتو

وفقًا لتعريف موقع "ويكيبيديا" فإن مصطلح الاكتفاء الذاتي يقصد به أن يعتمد بلد ما على إمكانياته الخاصة للحصول على احتياجاته من السلع الاستهلاكية والاستثمارية، بهدف التقليل من مستوى التبعية السياسية والاقتصادية للدول الأخرى، وبالتالي تحقيق درجة أعلى من الاستقلالية في قراراته ومواقفه الدولية والداخلية.


الاكتفاء الذاتي لا يعني بأي حال من الأحوال وقف أو قطع التبادل التجاري مع الدول الأخرى وإنما إعداد وتأمين شروط وظروف داخلية وطنية لتحقيق ربحية أعلى للتبادل الاقتصادي عبر قنوات تقسيم العمل الدولي وذلك رغبة منه في تنمية الإنتاج المحلي كميا ونوعيا. بالتالي تحقيق مستوى إشباع نوعي وكمي أعلى لاحتياجات المواطنين الاستهلاكية والاستثمارية. من جهة أخرى يؤدي هذا الوضع الجديد إلى ارتفاع مستوى الرفاهية الاقتصادية والاجتماعية بشكل عام.

كل هذه التحولات لا تحدث تلقائيا ولا بد من بذل الجهود المكثفة والحثيثة من جميع الوحدات الاقتصادية، أفرادا ومؤسسات وعلى كافة المستويات، ضمن أجواء الديموقراطية والشفافية الاقتصادية، السياسية والاجتماعية. قياس التعريف السابق على الوضع الإيراني يضعنا أمام نتيجة واحدة وهى أن "من رحم الأزمات تتفجر ينابيع الإنجازات".. فبعد حصار عسكري واقتصادي دام لسنوات طويلة عقب الثورة الإسلامية في طهران وحالة العزلة التي فرضها الغرب عليها، استطاعت خلال فترة وجيزة أن تُسخر طاقاتها التكنولوجية والبشرية في تأسيس قلعة صناعية ضخمة، فرضت نفسها وبجدارة على السوق العالمي.

الصناعة في عهد «الشاه»
تعددت الصناعات الإيرانية وتنوعت، فكانت الصناعة العسكرية ومشتقاتها أبرز وأهم ما انتجته إيران التي جاءت ميلادها خلال حكم شاه إيران الأخير «محمد رضا بهلوي» - خليف الأمريكان - عندما بدأ العمال الإيرانيون في تجميع وتركيب قطع الطائرات والطائرات العمودية والصواريخ الموجهة والقطع الإلكترونية والدبابات لصالح شركات أمريكية مثل بال وليتون ونورثروب، الأمر الذي ساعدهم على اكتساب خبرات واسعة في مجال تصنيع وتركيب المعدات العسكرية بمختلف أنواعها، في عام 1973م أنشأت الشركة الإيرانية للإلكترونيات «IEI» بهدف تركيب وصيانة المعدات العسكرية الأجنبية التي تمتلكها إيران، رغم تضييق قوانين تصدير السلاح الأمريكي ظلت إيران حتى الثورة الإسلامية تستلم كميات كبيرة من السلاح الغربي وخاصة من أمريكا.

شراكة إسرائيلية لتطور الصاروخي
في عام 1979م خطت المؤسسة الإيرانية للصناعات العسكرية أولى خطاها في الميدان الصناعي بتقليد أسلحة سوفياتية على رأسها «أر بي جي 7» و«BM21» و«صواريخ SAM-7»، بل ودخلت في شراكة إسرائيلية لبرنامج تطوير صاروخي يسمى «Project Flower» إلا أن طلبها الذي قدمته للانضمام إلى برنامج أمريكي للتطوير الصاروخي قُبل بالرفض نظرًا لعداء المتحدث للثورة الإسلامية التي أطاحت بأهم خلفائها في الشرق الأوسط.

التصنيع العسكري المحلي
عقب الثورة الإيرانية أدى الحصار الاقتصادي والحظر الدولي للأسلحة على إيران والذي كانت تقوده الولايات المتحدة الأمريكية إلى اعتماد إيران على قدراتها الخاصة لتطوير صناعتها العسكرية، من خلال تكليف قوات حرس الثورة الإسلامية بالتعهد وتتبع الصناعة العسكرية وبالفعل شهدت الصناعة العسكرية الإيرانية توسعًا هامًا برعاية حرس الثورة، أدى بدوره إلى إنتاج ترسانه صاروخية تنافس عالميًا.

التهديد بضرب الخليج
مع بداية الألفية الثالثة تعاظم الإنتاح العسكري الإيراني، للدرجة التي استطاعت من خلالها أن تلوح أكثر من مرة باستهداف المصالح الأمريكية – العدو الرئيسي لها - في منطقة الخليج العربي وإمكانية غلق مضيق هرمز في وجه الملاحة العالمية، مع إمكانية استهداف إسرائيل بصواريخ بعيدة المدى.

تفوق في صناعة الطائرات
واشتهرت إيران بين دول العالم بتصنيع طائرات مقاتلة وشبيهاتها وطائرات نقل، بالإضافة إلى مروحيات، طائرات بدون طيار وذاع صيت الصواريخ ذى البعيد والمتوسط والقصير، فضلًا عن تصنيع الصواريخ المضادة للطائرات للدبابات، كما ضم الإنتاجي المحلي في المجال العسكري من الغواصات والمدمرات والطرادات لتحتل المركز الرابع بين دول العالم في تصنيع السلاح.

صناعة السيارات
لم تنحصر تفوق إيران الصناعي على الإنتاج العسكري فحسب بل راجت صناعة السيارات في المرتبة الثانية بعد لنفط والغاز وتمثل 10% من الناتج المحلي الإجمالي في إيران، وتمثل إيران الدولة رقم 12 في إنتاج السيارات مستوى في العالم، والأولى على مستوى الشرق الأوسط بقدرة إنتاجية تصل إلى 1395421 سيارة في العام، وبالنسبة للنمو في صناعة السيارات احتلت إيران الدولة الخامسة في العالم بعد الصين وتايوان ورومانيا والهند عام 2009م.

13 شركة لصناعة السيارات
توجد في إيران أكثر من 13 شركة عامة وخاصة لإنتاج السيارات تحتل إيران خوردو وسابيا 94% من الناتج المحلي الإجمالي، وتعد «خوردو» أكبر الشركات الإيرانية لصناعة السيرات بكافة أنواعها الكبيرة والصغيرة، وكذلك الباصات والشاحنات، وتأتى كل من السيارة باكيان التي ما زالت تحتل أكثر من 60% من السوق وسمند التي حلت محل باكيان اعتبارا من 2005م من أهم منتجاتها في مجال تصنيع السيارات، ذاع صيت السيارات الإيرانية عالميا وبدأت في تصدير سياراتها لبعض الدول العربية والآسيوية على رأسهم الجزائر وتونس وسوريا والعراق وروسيا والبرتغال وغيرها.

السجاد الإيراني
صناعة اقترن اسمها بإيران، واحتلت المرتبة الأولى عالميًا، «السجاد الإيراني» واحدة من أشهر الصناعات التاريخية التي برع فيها الشعب الإيراني على مختلف العصور، إذ تنتج إيران نحو خمسة ملايين متر مربع من السجاد سنويا، يصدر منها أكثر من 80 % إلى السوق العالمية، إلا أنها تواجه منافسة قوية من قبل منتجين من بلدان أخرى، بعد انتشار عمليات السطو على نسخ التصاميم الإيرانية الأصلية واستخدام مواد وبدائل في الصناعة أرخص ثمنا.

الحديد والصلب
العقوبات الاقتصادية المفروضة من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على المنتجات النفطية الإيرانية نتيجة الملف النووي، ساهم بشكل كبير في صعود صناعة الصلب – أحد أهم الصناعات الإيرانية – فوصلت حجم الصادرات من الحديد إلى 1.8 مليون طن خلال الأشهر الأخيرة لعام 2015 م التي تذهب في أغلبها إلى البلدان العربية وفقًا لصحيفة أنباء مهر الإيرانية.

صادراتها للسعودية
من المعروف تاريخيا أن حالة الاحتقان بين المملكة العربية السعودية والدولة الإيرانية ترجع جذورها إلى بداية إنشاء الدولة الصفوية في آسيا الصغرى، ولكن حين يتعلق الأمر بالسلع الأساسية وهنا فقط ينحى العداء السياسي والديني جانبًا، إذ عزت المنتجات الإيرانية السوق السعودية – العدو التقليدي – وأصبح الحديد، والأسمنت، والسجاد أبرز هذه المنتجات، وتتصدر منتجات الحديد قائمة الواردات الإيرانية بنسبة 57 % من إجمالي صادرات إيران إلى المملكة بـ 302 مليون ريـال سنويًا، تليها – بحسب تقرير صدر أخيرًا لمصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات - منتجات الأسمنت بـ 78 مليون ريـال، بنسبة تصل إلى 14.8 في المائة من إجمالي الواردات.
الجريدة الرسمية