التكنولوجيا «تجر» العالم إلى الهاوية!
الدماء تسيل في كل بقعة من بقاع العالم، والبشر يذبحون بعضهم بدم بارد وكأنهم يمارسون طقسا محببا من طقوس حياتهم، والتنظيمات الإرهابية باختلاف مسمياتها تقتل وتعربد في دول شتى.. الكبيرة والصغيرة.. القوية والضعيفة.. وطلقات الرصاص ودانات المدافع وقنابل الطائرات لا تتوقف عن القذف، وسيوف وخناجر التطرف لا تتوقف عن قطع الرقاب.. وأجهزة المخابرات والمعلومات لا تتوقف عن دق الأسافين وخلق التوترات في أماكن كثيرة من العالم، ومصانع السلاح لا تتوقف عن إنتاج كل ما يهدد حياة البشر، وحسابات (لوبيات) تجارة السلاح وسماسرة الموت تقول: هل من مزيد؟ ومع كل ذلك العالم يسعي إلى حتفه بإرادته وبصنع يديه ولا مفر من السقوط في البئر السحيق!
التكنولوجيا تحمل داخلها عوامل فنائها.. عبارة لا أعرف أين قرأتها ولا من قالها.. لكني تأملتها وما زلت، والتقدم العلمي يحمل بداخله في النهاية تعاسة البشر وأظن– وليس كل الظن إثم– أنه قد يقضي عليه.. لأن ما نسمعه ونتابعه يصطدم مع قانون الحياة، ومع الحكمة من خلق الإنسان على الأرض ليعمرها ويتناسل فيها ويذكر فيها رب الكون وخالقه.
قد يقول البعض إن العلم لا يتعارض مع سنة الله في الأرض.. هذا صحيح.. فالسعي لقراءة الكون بالعلم تكليف من الله للبشر، لكن عندما يكون العلم في خدمة الإنسان الذي كرمه الله وجعله خليفة في الأرض.. وهذه قضية جدلية يطول فيها النقاش ولا مجال لها في هذا المقام..لماذا أكتب هذا الكلام، ولماذا كل هذا الجدل ؟
أخبار نطالعها على مدى الساعة تتعلق بالتكنولوجيا ووسائط العلم الحديث في الاتصالات تتجه مباشرة نحو الإنسان.. ليس لإسعاده وفق طبيعته البشرية كما خلقها الله، ولكن لتحوله إلى مسخ أو ما يشبه الآلة والريبوت وتخرجه من إنسانيته ومشاعره الطبيعية فيتحول في النهاية إلى شيء آخر ويخالف طبيعة الخلق!
ففي دراسة أجراها فريق من العلماء الأمريكيين أشارت إلى أن العلاقات الزوجية ستفقد مكانتها العاطفية والإنسانية بحلول 2030 بسبب الإفراط في استخدام أجهزة المحمول فترات طويلة في اللعب وضياع الوقت الذي يمكن أن يقضيه مع زوجته وأولاده والتحدث في أمور الحياة والتربية!
وفي بحث آخر كشف الدكتور إيان بيرسون المتخصص في علم الروبوتات، أن العالم سيعتمد بشكل كبير في العلاقات العاطفية والجسدية على الروبوتات المتطورة التي يتم العمل على تطويرها الآن بشكل لا يمكن تفرقته عن البشر.. وفي تقديري أن هذا سيؤدي إلى تراجع ظاهرة الزواج بشكل كبير بما يعني أن النسل يتوقف ولا يتجدد شباب الأمم حيث سيعتمد البشر في المستقبل بشكل كبير على تقنيات الواقع الافتراضي المتطورة التي تقدم المحتوى بشكل أكثر تفاعلية من مجرد مقاطع وصور، وبحلول 2050 ستتغير ملامح العلاقات التي نعرفها الآن.
وستكون الروبوتات الجنسية الإلكترونية مملوكة قبل الغالبية العظمى من الناس بحلول عام 2035، أما الدخول في علاقات عاطفية وممارسة الجنس مع الروبوتات ستكون أكثر شعبية من ممارسة الجنس مع البشر بحلول عام 2050.
كما حذرت الورقة البحثية من أن التطور الكبير الذي ستصل إليه تلك الروبوتات والذكاء الاصطناعي الذي سيجعلها تتعامل مثل البشر في أغلب المواقع، وهو الأمر الذي سيؤثر على العلاقات التقليدية ومن الممكن أن يساهم في انقراض البشر وارتفاع معدلات الانتحار والاكتئاب حول العالم، هذا وبالإضافة إلى إمكانية انقلاب تلك الروبوتات على البشر وقتلهم وفقدان السيطرة عليهم مما يتسبب في حالة فوضى عارمة !
الأهم أن هذا يحدث من الآن تحت أعيننا ولا ننتبه، ونتصور أن هذا هو العلم والتقدم وسبيل الرفاهية حتى نصل في النهاية إلى الظن أننا أصبحنا قادرين على الدنيا فيتحقق قول الله تعالي في البشر( إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّىٰ إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ ۚ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) صدق الله العظيم الآية 24 سورة يونس، ولله الأمر من قبل ومن بعد.